قرار مجلس الامن مكافأة أمريكية لحرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية.. ولهذه الأسباب نعارضه ونطالب بالتصدي له وإفشاله
عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان
قرار مجلس الامن الدولي رقم 2803 الذي صدر مساء أمس الاثنين يأتي احتلالا أمريكيا لقطاع غزة بغطاء وشرعية دولية، وانقاذا لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وصك براءة من كل ما ارتكبته من مجازر وحرب إبادة وتطهير عرقي وتجويع ودمار على مدى عامين من دولة الاحتلال الإسرائيلي.
هذا القرار مكافأة لإسرائيل الذي حققت من خلاله ما فشلت من تحقيقه بالإبادة والتجويع، فهذا القرار الذي جرى اعتماده للأسف من 13 دولة، وامتناع الصين وروسيا عن التصويت، ودون استخدام حق النقض “الفيتو”، والذريعة ان القرار سيؤدي الى تثبيت وقف إطلاق النار.
هذا القرار هو صورة طبق الأصل لقرار الأمم المتحدة بقيام “دولة إسرائيل” وطرد أكثر من 750 ألف فلسطيني من أرضهم في نكبة عام 1948.
لا يوجد في القرار أي بند يدين دولة الاحتلال ومجازرها، ولم يتطرق مطلقا لحل الدولتين، او إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وتعاطى مع الشعب الفلسطيني كما لو انه شعب قاصر غير قادر على حكم نفسه، كما انه ينهي وجود المقاومة، وينزع سلاحها، ويقتلعها من جذورها.
جميع القرارات الدولية لم تطبق على الاطلاق، مجتمعه او منفردة، خاصة البنود المتعلقة بالحق الشرعي الفلسطيني في إقامة دولته، ابتداء من قرار التقسم وانتهاء بقرار 242 الشهير، وهذا القرار الذي صاغته إدارة ترامب الحالية، بإملاءات إسرائيلية، وعبر رجالها في الإدارة الامريكية مثل ويتكوف وكوشنر وتوم برّال، جاء لإنقاذ نتنياهو وحكومته، والحركة الصهيونية عموما من الكراهية العالمية التي تحاصرها، وخسارتها أبرز إنجازاتها واسلحتها التي استخدمتها بفاعلية لحكم العالم وتضليل الرأي العام الدولي، وأبرزها احتكار المظلومية، ومعاداة السامية، وابتزاز العالم كله بمظلة الهولوكوست.
وقف المجازر وحرب الإبادة حق شرعي كفلته كل القوانين الدولية والإلهية والوضعية، ولا يجب ان يكون بمقابل ومكافأة للقاتل، فالشعب الفلسطيني ليس شعبا متسولا، يستحق الشفقة، وإخراجه من الاحتلال الإسرائيلي الى الاحتلال الأمريكي، ولا فرق بين الاثنين على الاطلاق، والثاني (الأمريكي) أسوأ من الأول (الإسرائيلي) فلولا الدعم العسكري والمالي والدبلوماسي الأمريكي، لما بقيت دولة الاحتلال يوما واحدا على قيد الحياة.
مجلس “السلام” الذي يتزعمه الرئيس ترامب، وجرى تأسيسه لحكم القطاع، ونائبه توني بلير، ستكون مهمته الأولى تحويل القطاع الى “ريفيرا” الشرق الأوسط، وإخلائه من سكانه بالتهجير السريع، تحت أسماء متعددة أبرزها “المغادرة الطوعية” الى أماكن عديدة في العالم، وفق خطط مدروسة، سواء بالضغط والتهديد والعصا الامريكية الغليظة، او بالإغراءات المالية العربية والاوروبية، التي ستتوقف حتما لتمرير هذه المؤامرة التي ترفع علم الأمم المتحدة، وتتغطى بقرارات مجلس أمنها، وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.
القول بأن “مجلس السلام” الترامبي البليري” سيكون مؤقتا، ولمدة عامين فقط اكذوبة كبيرة، وسيظل صخرة كبيرة جاثمة على صدر الشعب الفلسطيني، فالهدف من حرب الإبادة وقتل أكثر من 70 الفا واصابة 200 الف آخرين، وتحويل القطاع الى كومة من الدمار حتى لا يكون صالحا للعيش، ووقف كل المساعدات الإنسانية، وإزالة اكثر من 40 مستشفى من الوجود، كلها جرائم متفق عليها بين أمريكا وإسرائيل والعديد من الدول الأوروبية، وبعض العربية، للوصول الى هذه النتيجة التي نرى الاحتفالات بالوصول اليها في معظم المنطقة العربية، وبعض الدول العالمية، خاصة تلك التي تستظل بالمظلة الامريكية سياسيا واقتصاديا.
نعم نحن مع وقف حرب الإبادة ضد أهلنا في قطاع غزة، ولكننا ضد مكافأة المجرم، وتحقيق كل أهدافه بغطاء دولي، والقضاء على المقاومة الفلسطينية المشروعة، وكل إنجازات “طوفان الأقصى” في إعادة القضية الفلسطينية العادلة الى صدر اهتمامات العالم بعد وأدها من قبل المكر الصهيوني والتواطؤ الأمريكي.
الشعب الفلسطيني لن يستسلم، ولن يرضخ لهذه المصيدة الامريكية الإسرائيلية، وستستمر المقاومة ولن تتوقف مطلقا بدعم الأشقاء العرب والمسلمين وكل الشرفاء في العالم، وهم الأغلبية الساحقة.. والأيام بيننا.
