في يوم اغتياله: الشهيد الأمير “ابو جهاد” كما عرفته وعلاقته مع جورج حبش

 في يوم اغتياله: الشهيد الأمير “ابو جهاد” كما عرفته وعلاقته مع جورج حبش

بسام ابو شريف

بسام ابو شريف
يحلو للبعض ان يعطي الشهداء درجات … وانا لا اعطي الشهيد سوى درجة الشهيد لان الله تعالى امرنا بالجهاد ومن يستشهد يرتقي شهيدا عنده…
وتاريخ شعبنا الحديث والقديم مليء بقوافل الشهداء الذين ضحوا بحياتهم وسكبوا دمائهم لتروي ارض قلسطين …
ضحوا بحياتهم من اجل حرية البلد الذي بارك الله من حول مسجده الاقصى …
ضحوا بحياتهم من اجل حرية الانسان ورفعة شانه …
ضحوا بحياتهم من اجل مبادىء سامية لا تقبل العنصرية دموية كانت او غير دموية …
ولا تقبل الظلم مهما كان مصدره… وتنصر اليتيم والمظلوم والذي يتعرض لهجمة لسحقه او استغلاله او استعباده …
تاريخ بلادنا سجل للشهداء … الذين لم يستشهدوا دفاعا عن وطنهم فقط بل دفاعا عن الانسان في منطقتنا التي تعرضت على مرور الاجيال لغزوات الطامعين في موقعها الجغرافي وفي ثرواتها في باطن الارض وغي ممراتها التي تؤدي لوصل الغرب بالشرق كل هذا دفع ثمنه قوافل من الشهداء لا نستطيع حصرهم هنا ومع كل غزوة تعرضت لها فلسطين ارتقى شهيدا وراء شهيد قوافل من اليشر امتلكوا الشجاعة واجرأة وامتلكوا حرية القرار بالدفاع عن الانسان والحرية والمباديء واستعدوا لبذل الدم والروح والجسد من اجل ان تحيا هذه البلاد ومن عليها حرة ابية مرفوعة الراس تنصر المظلوم وترفع راية الحرية والعدل في العالم اجمع.
ولا شك ان هذه اللائحة مرت جزئيا اوهامشيا او كليا على كل فرد من افراد هذا الشعب الابي الذي لا يقبل الظلم وينتفض ضد الغاصب والفرنجة والمستعمرين والمستوطنين والطامعين .
اقول في ذكرى استشهاد ابو جهاد انه استشهاد امير وليس امير الشهداء فاشهداء متساوين عند الله ومتساوين عند البشر وقد استشهد من اجل هذه الارض ملايين من البشر اذا استعرضنا الغزوات التي تعرضت لها منذ هولاكو والفرنجة والاتراك والانجليز والصهاينة ملايين من البشر ارتقوا شهداء دفاعا عن حرية الارض والانسان وكلهم سواسية عند الله في جنان الخلد اما على الارض فلا بد لنا من ان نرى ان بعضهم كان اميرا وهو يقود قوافل استشهدت في سبيل الحرية والارض وهؤلاء لا بد ان يسجل لهم التاريخ لماذا نسميهم امراء .
لماذا اسمي ابو جهاد الامير الذي استشهد ! لانه في حياته على هذه الارض كان اميرا وليس رجلا عاديا كان اميرا يحض الناس على القتال دفاعا عن الارض والحرية والانسان كان اميرا لانه كان كريم النفس بدأ بنفسه هو قدمها قربانا للحرية حرية الارض والانسان كان كريم النفس معطاء لانه اعطى هذا الجهد والكفاح كل وقته لم يكن يجد وقتا الابعضه ليرى عائلته اطفاله كان دائما وابدا الاولوية لديه العمل لمواجهة العدو وتوجيه ضربات له ،عرفت ابو جهاد معرفة عميقة ولابطتنا صداقة حميمة اساسها الاحترام المتبادل اساسها القناعة بان كل منا اقسم ان يضحي بالغالي والنفيس في سبيل تحرير فلسطين اساسها الاستقامة والشرف والعطاء …
لم تكن كلمة بسام ابو شريف عند ابو جهاد كلمة عادية ولم يكن الرأي الذي يبذله رأيا عاديا لدى ابو جهاد …
كنت انتمي لقيادة الجبهة الشعبية لنحرير فلسطين لكنه كان ينظر الي كقائد فلسطيني له الحق بان يبدي الرأي وان يناقش وان يقررفي ما هو خير لفلسطين وللفلسطينيين ..
لم يكن من هؤلاء الذين كانوا يظنون انهم اصحاب القرار وان الله اعطاهم هذا الحق بان يكونوا اصحاب القرار …
كان يرى ان القرار الفلسطيني لا بد ان يكون فلسطينيا وليس فتحاويا فقط لذلك كان حريصا على مد العلاقات الشخصية اولا والعامة ثانيا من اجل فلسطين ومن اجل الوصول الى قرار انضج وافعل في مواجهة العدو وفي تجنب اي خطأ يمكن ان يقع فيه طرف قد يمثله له الطرف الآخر .
لم يكن ابو جهاد من هؤلاء القلدة في فتح الذين يرون انهم اصحاب الحق فقط في ادارة شئون المعركة كان فلسطينيا يرى ان في الشعب الفلسطيني طاقات هائلة ليس بالضرورة ان تكون هذه الطاقات من املاك فتح او من اعضاء فتح ولذلك وجدنا ابو جهاد اكثر انفتاحا مع الشهيد الذي كان اميرا ايضا في حياته وديع حداد من اجل التخطيط والتفكير سويا في كيفية انزال الضربات بالعدو الصهيوني لدرء خطره ولانزال الضعف في مفاصله كان يرى في جورج حبش اخا وصديقا ورأيا حكيما لذلك كان دائما يسعى للقاءات طويلة ثنائية حضرتها كلها وجزء كبير من هذه اللقاءات كان يتم اثناء تناقضات على صعيد القيادة ادت لقطيعة شبه تامة بين الجبهة الشعبية وفتح كان ابو جهاد يتخطى كل هذه القطيعة وينتقل فورا ويتصل بي لنرتب لقاء بينه وبين جورج حبش للحديث حول مصلحة فلسطين ومصلحة الفلسطينيين والمعركة ضد العدو الصهيوني ومن اللقاءات التي اذكرها ثلاث كانت القطيعة بين الجبهة الشعبية وفتح تامة سببها اتفاق عمان وكانت الجبهة الشعبية قد خرجت من صفوف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وخرجت تنظيمات اخرى وبقيت فتح وحدها في منظمة التحرير ولم يكن هذا الحال يعجب ابو جهاد ولا يسر صديق بل يسر العدو فقط رتب اول لقاء لهما في براغ تشيكوسلوفاكيا وكان صلة الوصل لترتيب الزمان والمكان سفير منظمة التحرير في تشكوسلوفاكيا ابو هشام وقام ابو هشام رضي الله عنه بترتيبات مثالية من حيث سرية المكان هدوء المكان وخلوه من اي رقيب او حسيب او دخيل ودامت النقاشات ساعات وشاهدت انا وسمعت كلاما من اثنين من امراء الشعب الفلسطيني لا يهمهما شيء سوى تحرير الوطن والعودة لارض الوطن ومواجهة الصهيونية العنصرية ورفع راية الحرية والديمقراطية والسلام على ارض السلام ولم تكتمل في تلك الجلسات الحوارات التي استهدفت اللحمة لمنظمة التحرير وكان على الحكيم ان يتحرك في زيارة رسمية لموسكو وغادرنا براغ الى موسكو على اساس ان للقاء تتمة وواذا بنا نفاجأ ان في الفندق الذي انزلتنا فيه وزارة الخارجية الروسية كان الامير ابو جهاد ايضا ضيفا في ذلك الفندق .

لقد اعلم الحكيم ابو جهاد اثناء لقائهما في براغ بانه مصطر للتوجه الى موسكو تلبية لدعوة رسمية فما كان من ابو جهاد لانه حريص كامير من امراء فلسطين على وحدة الصف فاتصل ورتب في الوقت ذاته زيارة له لموسكو وذلك ليس من اجل التباحث فقط مع اصدقاءنا الروس بل من اجل استمرار اللقاء لاعادة اللحمة والوحدة للصف الفلسطيني واتصل الامير ابو جهاد بالامير جورج حبش واتفق الاثنان على عقد جلسة لقاء لمتابعة ما بدأوه في براغ وحضرت تلك الجلسة وكانت من الجلسات التي اشاعت في قلبي فرحا وسعادة لصدق القول فيها ولصدق الاحساس فيها ولصدق التوجه فيها ولما شاهدته من الاميرين من اخلاص وتفان ومحبة لفلسطين والامة العربية والحرية والتخلص من الصهيونية واصر الامير ابو جهاد ان تتوج تلك اللقاءات في موسكو ببيان مشترك يصدر عن الاميرين وفكر الحكيم فهو في موسكو وحيدا من حيث المباحثات واي بيان رسمي لا بد من موافقة المكتب السياسي عليه لكن البيان الذي صيغ مكن الامير جورج حبش من التوقيع والموافقةعليه فقد كان توجها عاما نحو ضرورة اعادة اللحمة للصف الفلسطيني هذا البيان احدث فعلا معجزة على الصعيد الشعبي الفلسطيني فقد بث من جديد روح تفاؤل فلسطيني روح محبة فلسطينية روح استعداد لنهوض اكبر في وجه العدو اشاع جو الوحدة الوطنية مرة اخرى بعد انقسامات مريرة ومرة تلا ذلك دعوة مفاجئة من البطل الراحل معمر القذافي لقيادة المقاومة من اجل توحيد صفها وتوجه الجميع الى طرابلس وكنت مع الحكيم وسادت هنالك اجواء شارك في صنعها امراء آخرين منهم ابو اياد صلاح خلف ومنهم قادة فلسطينيون آخرون ساهموا في ردم الهوات وتقريب وجهات النظر لكن الامور بقيت عند عتبة عقد مجلس وطني وهنا تدخل امراء آخرون امراء جزائريون فاتصلوا وارسلوا طائرة خاصة لاحضار جورج حبش للجزائر في زيارة رسمية حيث قرر ان يعقد المجلس الوطني وارسلوا ايضا طائرة للامير ابوجهاد ليتابع ما بدأه في براغ هو والحكيم واكملاه وتابعاه في موسكو واكملاه في طرابلس وارادت الجزائر ان تلغي كافة المحاذير التي كانت تشكل عقبة لاصدار بيان الوحدة في طرابلس ليبيا وفي الجزائر ساهم امراء من الجزائر في لحم الهوة واعادة الوحدة للصف الوطني الفلسطيني هنالك آلاف من القصص نستطيع تنزيلها ويا ليتنا نسجلها حول الاعمال التي قام بها ابو جهاد وآخرون كي يستحقوا لقب الامير في نضالهم على الارض لان ارتقائهم شهداء يحولهم امراء في جنة الله وهم كانوا امراء ايضا في حياتهم على الارض رحم الله ابو جهاد صديقي واخي ورفيقي ولا يتاح المجال لي هنا كي اتحدث في قضايا اكثر من ذلك وقد كان عدد من الشباب الذين يعملون معه مساعدين له في انهاض الوضع داخل الارض المحتلة ياتون لي باستمرار كي اكلم ابو جهاد بقضايا خاصة تخصهم لان ابو جهاد حسب قولهم كان يرى في كل كلمة اقولها له كلمة حق وانني لا احابي احدا سوى فلسطين والحق الفلسطيني وحرية فلسطين واستقلال فلسطين ودحر العدو الصهيوني.
كاتب وسياسي فلسطيني

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *