فرض قيود اسرائيلية جديدة على الجامعات الفلسطينية تنهك حقها في التعليم

 فرض قيود اسرائيلية جديدة على الجامعات الفلسطينية تنهك حقها في التعليم

المحامي علي أبو هلال ‏

في إطار سياسة انتهاك حق التعليم التي تمارسها حكومة الاحتلال ” السلطة القائمة بالاحتلال” ضد ‏الجامعات الفلسطينية، كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم الثلاثاء الماضي الثامن من شهر آذار سنة ‏‏2021 أن اسرائيل فرضت قيودا جديدة على عدد وهوية محاضرين وطلاب أجانب في الجامعات ‏الفلسطينية في الضفة الغربية‎.‎

ويقضي الإجراء الجديد بأن تُشغّل مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية محاضرين أجانب فقط في حال كانت ‏اختصاصاتهم في “مجالات مطلوبة”، بحسب تعريف إسرائيلي، وفقط في حال كانوا محاضرين وباحثين ‏‏”متفوقين” ويحملون شهادات دكتوراه على الأقل‎.‎
ويحتوي “ملف أوامر دائم” الذي نشرته “وحدة منسق أعمال الحكومة في المناطق” على تفاصيل الإجراء ‏التعسفي، ونُشر الشهر الماضي، أنه سيدخل حيز التنفيذ في أيار/مايو المقبل، ويستمر سريانه لمدة سنتين، ‏وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس”، وينظم هذا الإجراء فرض قيود جديدة مشددة على دخول مواطنين أجانب ‏إلى الضفة والمكوث فيها‎.‎

ومن ضمن هذه القيود إلزام المحاضرين والطلاب الأجانب بتقديم طلبات العمل والانتساب للجامعات ‏الفلسطينية في القنصلية الإسرائيلية في موطنهم. حيث تتم المصادقة على دخول المحاضر الأجنبي للضفة ‏بعد أن يثبت لمسؤول في وحدة المنسق أن “للمحاضر مساهمة هامة بالتعليم الأكاديمي، اقتصاد المنطقة أو ‏دفع التعاون والسلام الإقليمي”. وستحدد إسرائيل عدد المحاضرين، وهو محدد حاليا بمئة محاضر‎.‎

ويحدد هذا الإجراء عدد الطلاب الأجانب في الجامعات الفلسطينية ب 150 طالبا فقط. ويسمح الإجراء ‏لضابط الاحتلال في وحدة المنسق بتحديد مواضيع الدراسة المتاحة أمام الطلاب الأجانب في الجامعات ‏الفلسطينية‎.‎

ووفقا لهذا الإجراء يخضع أي طالب أجنبي لاستجواب في القنصلية الإسرائيلية في دولته، وبعد ذلك يقرر ‏ضابط في وحدة المنسق، استنادا إلى نتائج الاستجواب ووثائق الطالب، إذا كان سيتم منحه تأشيرة دخول‎.‎

ويلزم المحاضرين والطلاب الأجانب بالحصول على دعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، وتكون تأشيرة ‏دخولهم إلى الضفة سارية لمدة سنة واحدة فقط، بالإمكان تمديدها. والمدة القصوى التي تسمح إسرائيل ‏بمكوث المحاضرين الأجانب في الضفة هي خمس سنوات متواصلة، وتشمل مغادرة الضفة لتسعة أشهر بعد ‏تدريس 27 شهرا الأولى. بينما المدة القصوى لبقاء الطالب الأجنبي في الضفة هي أربع سنوات من أجل ‏الحصول على البكالوريوس والماجستير وخمس سنوات للحصول على الدكتوراه. ‏

ويسري هذا الإجراء على مواطني الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، باستثناء الأردن ومصر ‏ودول الخليج التي تقيم علاقات كهذه مع إسرائيل‎.‎

ويشترط الإجراء الإسرائيلي أن الذين سيحصلون على تأشيرة دخول إلى الضفة هم المحاضرون وطلاب ‏الجامعات، المتطوعون في منظمات فلسطينية، بعد أن تقرر إسرائيل من هي المنظمات المسموح لها ‏دعوتهم، عاملون في مؤسسات دولية ورجال أعمال ومستثمرون. وبإمكان ضابط وحدة المنسق فقط أن يقرر ‏بشأن الأنشطة “المطلوبة” والمعايير الاقتصادية التي تسمح بدخولهم‎.‎
وذكرت الصحيفة إلى أن الحصول على تأشيرة الدخول لا تضمن الدخول فعلا إلى الضفة، وهذا الأمر ‏مشروط باستجواب يجري عند معبر الحدود. والإلزام بالمكوث خارج البلاد لمدة تصل إلى سنة بين فترات ‏مكوث في الضفة هو قيد جديد، ومن شأنه إلحاق أضرار برجال أعمال ونشاط منظمات تستعين بمتطوعين‎.‎

أثارت هذه الإجراءات رفض الجامعات الفلسطينية كونها تنتهك حقها الطبيعي في التعليم، وأعربت جامعة ‏بيرزيت عن رفضها للقرار العسكري الإسرائيلي الجديد والجائر بحق الجامعات الفلسطينية، وأكدت أن هذه ‏القرارات والتعليمات الجديدة الصادرة عن سلطات الاحتلال، تشكل تعدياً على حق الجامعة في استقطاب ‏الخبرات الأكاديمية الدولية، وستضطر أعضاء هيئة التدريس والطبة الحاليين إلى ترك البرامج الأكاديمية ‏في الجامعة، وستعني الحيلولة دون تمكُّن الجامعة من تعيين موظفين جدد وإجراء بحوث علمية تعاونية ‏وغيرها من عمليات التواصل والتبادل الأكاديمي، مشيرة أن الانتهاك الجديد يأتي في إطار السياسة ‏العنصرية التي يمارسها الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني، والتي تتمثل أيضا في الاعتداءات المستمرة من ‏قبله على مؤسسات التعليم العالي في فلسطين بشكل عام وعلى جامعة بيرزيت بشكل خاص، حيث تتكرس ‏سياسة تقييد حرية التنقل والحركة والحصار والعزل ومنع الكفاءات من دخول فلسطين، ما أدى إلى تحويل ‏التعليم في فلسطين إلى تعليم محلي محصور ومعزول حتى عن المجتمع الفلسطيني نفسه، وما أدى، كذلك، ‏إلى تحجيم البيئة الجامعية واختزال دورها والحدِّ من قدرتها على التواصل، وهو ما أثَّر بشكل واضح على ‏بيئة الإنتاج المعرفي‎.‎

إن هذه الإجراءات الإسرائيلية الجديدة تشكل انتهاكا صارخا لحق التعليم، وحق التنقل والإقامة، المكفولة ‏بموجب القانون الدولي الإنساني بما في ذلك اتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1949، والإعلان العالمي لحقوق ‏الإنسان لعام 1948، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، وعلى ‏جميع المؤسسات الأكاديمية ومنظمات حقوق الإنسان، والهيئات الحقوقية الدولية التحرك العاجل من أجل ‏وقف هذه الانتهاكات الخطيرة، والعمل من أجل ضمان حق الجامعات في ممارسة حقها الطبيعي في التعليم ‏بدون قيد أو شرط.‏
‏*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.‏

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *