عندما تنحصر الابادة في غزة في كسرة خبز !

 عندما تنحصر الابادة في غزة في كسرة خبز !

اسيا العتروس

اسيا العتروس
كسرة الخبز باتت مستعصية في غزة و هي أشبه بعملة نادرة في زمن الحروب والازمات العالمية , و الرغيف أو العيش هو كل ما بات أهل غزة يطلبونه للبقاء على قيد الحياة في ظل حرب ابادة لم تترك للاهالي المحاصرين في سجن غزة غير الركام و بعض أغصان الاشجار واحيانا الصبار اذا ما توفر ,,
نحن ازاء احتلال تزداد شهيته كل يوم لاراقة مزيد الدماء و ازهاق مزيد الارواح و رغم انسياقه كل يوم بل كل ساعة نحو مزيد التوحش فانه يجد ما يكفي من الوقاحة ليسوق الاكاذيب و الدعايات الزائفة للمجتمع الدولي أن في غزة أزمة انسانية ستنتهي بمجرد استسلام حماس و خروجها من القطاع و يمكن حينئذ تزويد الاهالي بما يحتاجونه ..والحقيقة اننا ازاء احتلال بغيض وجد في صمت العالم ما يدفعه للمضي قدما في جرائم الابادة بل انه وجد في هذا الصمت تشجيعا له على المزيد فيما يتنامي التطبيع مع الدم و القتل اليومي للاطفال و النساء ليشمل المصابين و المرضى و أعوان الاغاثة و الاسرى في سجون الاحتلال ..
الواقع ان كسرة الخبز هي العنوان الاساسي في قطاع منكوب يواجه أهله مجاعة غير مسبوقة في ظل أبشع و أخطر حصار عرفته الانسانية في العصر الحديث حيث يمنع جيش الاحتلال وصول المساعدات الغذائية و الطبية المتراكمة على المعابر فتنتهي صلاحيتها و يتم اتلافها و لايسمح لاهالي غزة من الحصول عليها امعانا في سياسة التشفي السادية و الانتقام و التلذذ بمعاناة الفلسطينيين كل ذلك رغم صرخاتهم التي لا تتوقف و استغاثاتهم بعد أن اشتد بهم الجوع و بدأ يفتك بالاضعف وبالمرضى بما يقودنا للقول ان الخطوة مدروسة بدقة لا متناهية و يراد منها دفع الاهالي للاستسلام للامرو لان الانسان مدفوع بغريزة البقاء فان الاحتلال يعمد الى تعمد حرمان غزة من ابسط مقومات الحياة بما يعني أن يفرض عليهم الموت البطيء أوالموت قطرة قطرة عندما لا يتوفر لهم الماء والغذاء والدواء فيضطرون للمغادرة كحل نهائي لا بديل له في ظل سيناريو الابادة الجماعية معتقدين أنهم بذلك يهربون من خيارين فرضا عليهم ولا ثالث لهما فاما موت أكيد تحت القصف أو موت بطيئ بسبب الجوع ..لقد ادرك الاحتلال أهمية و خطورة سلاح التجويع في تهجير أهالي غزة وتسفيرهم فجعل من المنظمات الانسانية وعلى رأسها الاونروا هدفا و لم يتردد في قصف مقرات الاونروا و مدارسها و كل خدماتها امعانا في اجتثاث كل ما يمكن ان يعزز الوجود والصمود الفلسطيني على الارض ..
منذ خمسين يوما لم يتم ادخال أي مساعدات الى غزة و مع ذلك فان وزير الامن القومي للاحتلال يجد من الوقاحة ما يكفي ليطالب بقصف مخازن الأغذية والمساعدات في قطاع غزة، ويبلغ به جنون التفوق العرقي أن تأتي دعوته من امريكا ليعلن بان المسؤولين الأمريكيين الجمهوريين الذين التقاهم يؤيدون موقفه وهو ما يعني صراحة أن جرائم الاحتلال مستمرة مدعومة من اكبر قوة عسكرية و اقتصادية في العالم
ليس مهما أن يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ان قطاع غزة يشهد “أسوأ وضع إنساني” منذ بداية الحرب بسبب منع إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية.و ليس مهما ان تجمع المنظمات الحقوقية و الانسانية على أن غزة تحولت الى جحيم لا يطاق و ليس مهما ما تكشفه الاحصائيات عن حصيلة ضحايا القتل اليومي و التجويع و التهجير المهم أن تتواصل الابادة دون حستب او عقاب,في غزة لا يجد الاهالي كسرة تسد الرمق و الطحين عملة نادرة و الغاز بل حتى الحطب مفقود في ظل الوضع القائم و اذا توفر بكميات محدودة فلا مال للاهالي للحصول عليه ..
الى اين يتجه المشهد في المرحلة القادمة ؟لا احد بالتأكيد يملك اجابة و لا احد ايا كان موقعه و قدرته على استقراء الاحداث بامكانه تحديد ما ستكون عليه غزة اليوم التالي فنحن ازاء نظام دولي يراوح بين التوحش و نهش ما بقي من ضمير انساني دولي و الطرف القادر على ايقاف النزيف الحليف الاكبر للاحتلال لا يريد ذلك بل هو يعمد الى تسليح الكيان اكثر و اكثر ..
قبل أيام قررت الحكومة الإسبانية، إلغاء عقد أسلحة بقيمة 6,8 ملايين يورو من جانب واحد مع شركة إسرائيلية، بعدما توترات كبيرة داخل الائتلاف اليساري الحاكم، حسب ما أفادت مصادر حكومية. وقررت حكومة بيدرو سانشيز إلغاء عقد شراء الذخيرة من جانب واحد مع شركة “آي إم آي سيستمز الإسرائيلية”، خطوة مهمة من جانب هذا البلد الاوروبي الذي يؤكد أن اسبانيا لم تشترِ ولم تبع أسلحة لشركات إسرائيلية، ولن تفعل ذلك في المستقبل”.. وهو التزام علني لعله يتأكد أكثر مستقبلا لا سيما وأن اسبانيا كانت أعلنت اعترافها بالدولة الفلسطينية في ماي الماضي على أمل أن تمتد عدوى المقاطعة للاحتلال و محاصرته اقتصاديا وعسكريا ومنع تمكينه من صفقات السلاح التي ينعم بها..تقترب حرب الابادة في غزة من عامها الثاني ولا يمكن الحديث عن تحركات جدية اقليميا ودوليا لوقف الابادة وانقاذ ما بقي في غزة من انسانية الانسان ..
كاتية وصحفية تونسية

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *