عمر رمضان صبره: قراءة في كتاب ذكريات الماضي سيرة ومسيرة للكاتب طلال أبو عفيفة
الإنتشار العربي :يقع الكتاب في 472 صفحة وهو من كتب المذكرات، وصادر عن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، يستهله الكاتب بإهداء ثم بمقدمة منه ومن الشاعر مراد السوادني الأمين العام للاتحاد الذي يقول “الكتاب عبور لمحطات نضالية وثقافية لواحد من الفواعل الثقافية والميدانية في فلسطين المحتلة وتحديداً في القدس، وهو حصيلة تجربة ثرية ووسيعة استطاع من خلالها أبو عفيفة أن يراكمها بكل ما فيها من ألم وأمل”.
ويقسم الكاتب الكتاب إلى خمسة وثلاثين موضوعا كل موضوع منها له ذكرى وحكاية، أو فكرة ودراسة.
يبدأ الكاتب بقصة مولده على لسان والدته ووالده وميلاده في خيمة على تلة الفريديس على أراضي بلدة بيت أمر في الخليل بعد اللجوء والتشرد من قريته تل الصافي، وتسميته باسم طلال تيمنا ً بالملك طلال ملك الأردن لشهامته ورجولته وشجاعته وفروسيته، ورفضه تدخل كلوب باشا الإنجليزي في الجيش الأردني وشؤون الأردن.
ويحدثنا عن والده الذي عمل مع الجيشين المصري والسوداني خلال حرب 1948 بقيادة الضابط السوداني سيد طه، والانتصارات وإلحاق الهزيمة بالعصابات الصهيونية قبل حصار الفالوجة، فيقول على لسان والده “ولولا شحنة الأسلحة الفاسدة التي أرسلها النظام المصري وأدت لتراجعه وحصاره في الفالوجة، ونفاد ذخيرته وذخيرة نظيره الجيش العراقي الذي رفض نظامه تزويدهم بالسلاح”. حيث ان هزيمة 1948 مازالت محل دراسة الباحثين والمؤرخين.
ويتحدث عن أعمال والده في حسبة الخضرة، وعمله في بيع الصحف والمجلات الفلسطينية (الجهاد والدفاع وفلسطين) والصحف والمجلات المصرية فيما بعد (الأهرام والأخبار والجمهورية وآخر ساعة والمصور) بعد تطور العلاقات المصرية الأردنية، ومجيئ الصحف عبر مطار قلنديا كل يوم خميس.
ويعبر الكاتب عن تجربته في بيع الصحف والمجلات حيث كان يشتري بكل ما يربحه حلويات من محلات جعفر في القدس وغيرها، ويذهب إلى السينما لحضور الأفلام في القدس التي كانت عامرة بدور السينما في الخمسينات والستينات.
ويعترف الكاتب بأنه قد رسب في الصف الخامس وأرجع سبب رسوبه الى مادتي النصوص والدين، وتحدث عن قصة ضياع الدينار بعد بيعه الصحف والمجلات، ومعاقبة صاحب محل بيع الصحف والمجلات له، واعتباره ذلك اليوم الأسود لضياع الدينار حيث توقف عن بيع الصحف والمجلات.
ثم تحدث عن تجربة الانتقال من البلدة القديمة الى مخيم شعفاط الذي يبعد عنها 15 كيلو مترا، إذ تم بناء المخيم بالاتفاق بين الحكومة الأردنية ووكالة الغوث للاجئين، وأفاض سردا عن مأساة المخيم والعيش فيه.
ومن الأحداث التي أثرت فيه من قبل الاحتلال هو اعتقال أخيه، ومن ثم ترحيله إلى الأردن ثم إلى سوريا ولبنان.
ونكسة 67 والحرب التي خسرها العرب ومشاركته مع د. صبحي غوش في جمع الجثث من شهداء الجيش الأردني والمدنيين الفلسطينيين، حيث تم دفنهم في مقبرة الشهداء في باب الأسباط في القدس.
مشيرا إلى أسباب الهزيمة التي تمت بعوامل الغيرة والحسد من رفاق عبد الناصر وبخاصة عبد الحكيم عامر، وكذلك الحفل الساهر الذي أقامه شمس بدران وزير الدفاع من قبله مع الفنانة الجزائرية ورده بوجود 200 طيار مصري، وقد ناموا بعد حفلهم فوجدوا طياراتهم قد قصفت.
ثم ينتقل الكاتب للحديث عن السوفييت وعبد الناصر، وطرح سؤالا لماذا قام السفير السوفياتي بإقناع عبد الناصر بعدم بدء الحرب؟ “للعلم ان الاتحاد السوفيتي هو أول دولة اعترفت بإسرائيل عام 1948 بعد يومين من إعلان دافيد بن غوريون قيام الكيان الصهيوني، وقد هاجر مليون يهودي روسي الى الكيان”.
ثم تحدث عن معلميه في المدرسة الثانوية فذكر أستاذ مادة الدين المرحوم عطا الحلو الذي يعتبر من وجهاء حزما، وهو رجل إصلاح معروف، وقد رشح نفسه للانتخابات التشريعية عام 1996 ونال أغلب الأصوات بحلول الليل، وفي اليوم التالي لم يتم إعلان اسمه ضمن الفائزين!
وذكر تفاصيل عن أستاذ الرياضيات تلميحا عنه بكافة تفاصيله دون ذكر اسمه، وتجربة المدرسة الهاشمية.
ثم عن تجربته في الحصول على ليسانس الحقوق من جامعة بيروت العربية، ما بين 1974 و1978 ودراسته بين بيروت والإسكندرية بسبب حرب بيروت الأهلية.
وينتقل بعد ذلك للحديث عن ذكريات سفره إلى أبو ظبي من أجل العمل، حيث عمل بوظيفة مسؤول عمال بمساعدة صديق والده الذي رد له جميل والده الذي أنقذ حياته خلال حرب 1948، ثم تقدم لوظيفة باحث قانوني في وزارة العدل الإماراتية، وبعد عودته للوطن تم اعتقاله ومنعه من السفر من عام 1978 حتى سفره لأول مرة مع وفد الأرض المحتلة الى مؤتمر مدريد صحفيا.
وذكر العديد من القصص والذكريات دون أسماء الأشخاص محل القص، ومنها:
قدمته المخابرات الإسرائيلية للمحاكمة بناءً على ورقة من أوراق دفاتر المدارس مكتوبة بخط اليد لشاب يدرس في جامعة بيروت العربية قال فيها إنه ساعده على الالتحاق بحركة فتح خلال وجوده ووجودي في لبنان 1978 (ص 89).
كذلك لم يذكر اسم رئيس التحرير الجديد لصحيفة الفجر الذي لم يبلغ 25 عام بدلا من مأمون السيد (ص 99).
ولم يذكر الكاتب في سياق فصله من قبل إدارة صحيفة الفجر كيف عاد لعمله بالأوامر الخارجية ومن هو صاحب الأوامر الخارجية (ص102).
ويقول: (بدأت إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الأنظمة العربية المتصهينة بالتآمر على منظمة التحرير الفلسطينية ومحاولة خلق بديل) فلم يذكر الكاتب من هي الأنظمة العربية المتصهينة (ص 129).
وبعد اعتقاله بأنه تم (بناءً على اعترافات شخص آخر كان في موقع قمة المسؤولية وهو موقع لم يكن جديراً بتسلمه) لم يذكر الكاتب اسم هذا الشخص (ص 133).
وعشرات من القصص والذكريات التي لم يذكر فيها الأسماء.. ويبقى السؤال الأهم هل يحق للكاتب ذكر ذكريات منقوصة؟ وهل يحق للقراء البحث عن هذه الأسماء؟ أليس من حق القارئ أن يقرأ المذكرات كاملة وصريحة؟
ثم ينتقل الكاتب ليوثق تجربته في الكتابة والتمثيل والإخراج المسرحي وتشكيل فرقة مسرحية، وكتابته لما يقارب تسعة نصوص مسرحية، حيث يختتم كتابه بنص مسرحية (كانوا ثلاثة رجال) ذاكرا أن هذه المسرحية تحتاج ممولا ومخرجا.
وانتقل بعدها للحديث عن بداية تأسيس لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي في أوائل عام 1981 وصاحب فكرة التأسيس القائد الراحل أبو على شاهين عندما كان معتقلا في السجون الإسرائيلية، مؤكدا أنه ليس أي شخص غيره لأن بعضهم يحاول أن ينسبها لأشخاص آخرين، ويقول الكاتب إن أكرم هنية رئيس تحرير صحيفة الشعب قال لي بأن الأخ أبو علي شاهين وهو ما زال معتقلا أن لديه اقتراحاً بتشكيل لجان شبيبة مدن فلسطين لتقوم بأعمال تطوعية واجتماعية لخدمة الجماهير أيام المحن ولمقاومة إجراءات الاحتلال ضد الإنسان والشجر والحجر، وقد طلب منه أن يقوم بتشكيل لجان شبيبة العمل الاجتماعي في القدس وبيت لحم والخليل، كما طلب منه بصفته قانونيا إعداد نظام داخلي للجان الشبيبة لتوزيعه على كافة المدن الفلسطينية.
ويعتبر طلال أبو عفيفة هو من أعد النظام الداخلي لاتحاد لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي في الضفة والقطاع، الذي يتكون من ثلاثة فصول، كيفية تشكيل اللجان، وآلية تشكيل اللجنة اللوائية، وتشكيل اتحاد اللجان واللجنة التنفيذية المؤلفة من اللجنة اللوائية وعددهم 21 عضوا.
ثم تحدث باستفاضة عن لجان الشبيبة من حيث أهدافها ونشاطاتها ومناطقها والشخصيات التي قامت على تأسيسها، وخليل أبو زياد الذي كان له الدور الأكبر من وراء الستار في دعم فكرة لجان الشبيبة وتأسيسها وتشكيلها، ومن ثم ظهور اتحاد لجان الشبيبة الذي كان قناة الاتصال بين الاتحاد والأخ أبو على شاهين بعد إطلاق سراحه.
واليوم عرفت لماذا كلما جاء خليل أبو زياد وطلال أبو عفيفة إلى بيت أبو على شاهين في رام الله كان يشعر بالفرح والسعادة لزيارتهما، ويهتم بهما اهتماما خاصا ويجلس للحوار معهما بكل شغف.
ثم يعرج على لجان الشبيبة في الحركة العمالية وقطاع المرأة ودوره في إعداد النظام الداخلي لاتحاد المرأة للعمل الاجتماعي، بالتنسيق مع المرحومة ربيحه ذياب.
وفي عام 1989 اقترح الكاتب طلال أبو عفيفة مقترح مشروع سلام خلال وجوده في سجن شطة نشره في صحيفة الفجر على صفحتين كاملتين، وقد كتبت حوله المقالات ما بين الرفض والقبول، ويقول عن أحد الذين هاجموا المقترح في مقال بأنه عند توقيع اتفاقية أوسلو كان أول المؤيدين والمباركين والمهللين دون أن يذكر اسمه.
أقترح على الكاتب أن يقوم بعمل كتاب جديد يجمع فيه المشروع كاملا والمقالات التي كتبت ضده ومعه، وعرضها للقراءة النقدية من عدة باحثين مقارنة مع ما وصلنا إليه الآن.
كما شارك الكاتب بمؤتمر مدريد صحفيا يقول “أغلب الوقت كنت أسمع قرقعة عربة يجرها أحد عمال الفندق وهي محملة بما لذ وطاب وما حلل وحرم ويدخلها الى غرفة الشخصية التقليدية..؟! عند مغادرتنا الفندق للانطلاق إلى المطار كادت أن تقع مشكلة مع الشخصية التقليدية وموظف الاستقبال في الفندق لأنه طولب بآلاف الدولارات مقابل ما طلبه من مأكولات وغير مأكولات وعشرات الاتصالات التلفونية خارج إسبانيا طيلة أيام المؤتمر، ولو لا تدخل أحد قادة الوفد الفلسطيني بتحويل الحساب الى مصاريف الوفد الفلسطيني لتفاقمت المشكلة”.
ثم يقول “نحن الإعلاميين والمستشارين الذين لم يستشاروا وعدد من الشخصيات التقليدية غادرنا مدريد عائدين الى عمان، وانتظرنا في فندق القدس حوالي ثلاثة أيام بناء على طلب قيادة الوفد لحين حضورهم من مدريد، وعلمنا بعد ذلك ان قيادة الوفد وعددا من الشخصيات التقليدية قد سافروا الى الجزائر بطائرة عسكرية اسبانية (إرضاء لهم) لمقابلة الرئيس عرفات وعدد من أعضاء القيادة الفلسطينية”.
وبعد انتظارهم في عمان وصل الراحل ياسر عرفات إلى عمان لمقابلة الوفد كاملا، وجلس على رأس الطاولة المستطيلة حيث عرّف كل واحد منا عن نفسه وهو يهز رأسه مبتسماً، وعندما عرف أحدنا عن نفسه بأنه … نجل شخصية تقليدية قال الرئيس أبو عمار أنه يعرفه وأجلسه بجانبه”. علمنا فيما بعد ان هذا النجل كان يصحبه والده إلى تونس عدة مرات لمقابلة الرئيس أبو عمار. (الكاتب لم يذكر الشخصية ولا نجله).
وتحدث الكاتب باستفاضة حول وزارة الشباب والرياضة “خلال عام 1995 وبعدما علمت بصدور مراسيم رئاسية بتعيين مدراء عامين في الوزارات المختلفة بعضهم أقل مني تاريخاً وخبرة ومنزلة، تقدمت بكتاب إلى الرئيس عرفات في غزة لتعييني مديراً عاماً في وزارة الشباب والرياضة، فصدر القرار في شهر أيار 1995 بجهود شخصية صديقه وبجهود أخيرة من الطيب عبد الرحيم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح رحمه الله. وللأسف حاول بعض الإخوة ممن اختلفت معهم في الرأي الضغط على الرئيس ياسر عرفات لإلغاء القرار خلال الاجتماع معه في غزة، فكان رد الرئيس عليهم “ليه يا اخوانا.. ده مناضل فتحاوي زيكم.”. ولم يذكر الكاتب من هم هؤلاء.ويقول الكاتب عن انتخابات 1996 التشريعية بأنها غير نزيهة في بعض المدن وبخاصة القدس “ففي القدس مثلاً وفي آخر ساعة من فرز أصوات المقترعين كان كل من المرشح الحاج عطا الحلو من بلدة حزما والمرشحة زهيرة كمال فائزين، وفي الصباح عند الإعلان عن المرشحين السبعة الفائزين عن دائرة القدس لم تعلن اسماهما، وأعلن فوز مرشحين آخرين، حيث تم إضافة حوالي ثلاثة آلاف صوت لأحد الفائزين مرة واحدة حتى يصبح ضمن الفائزين السبعة…؟؟!!!”.
وقد أدرج الكاتب عدة دراسات ومقالات كتبها في فترات سابقة واعتبرها مهمة فأدرجها في الكتاب وهي “رعاية الشباب الفلسطيني” “دور الثقافة في الحفاظ على الهوية الوطنية في القدس” “القدس أولى القبلتين” “النكبة الكبرى” “لماذا اقلعت عن التدخين – دراسة تفصيلية حول أضرار التدخين” “كلام في الابداع” “إعداد القيادات الشبابية” “الصحة الجنسية”.
وتمنيت لو لم يدرج هذه الدراسات في مذكراته، وإدراجها في كتاب مستقل يجمع فيه مقالاته ودراساته المتنوعة ما بين سياسية وثقافية وتنظيمية وشبابية، لتنوع أعماله وخبراته.
ويتحدث الكاتب باختصار عن الانتفاضة الثانية وحصار الرئيس ياسر عرفات، وعن اجتماع عقد مع الرئيس عرفات بقيادات فتح أعضاء ثوري وأمناء سر الأقاليم ومكتب التعبئة والتنظيم، بحضور أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الأخ أبو مازن في حينه لمناقشة استمرار الانتفاضة وكيفية الرد على أعمال القتل والقمع الإسرائيلي وعسكرة الانتفاضة، ويذكر أن المجتمعين انقسموا قسمين الأول يقوده الرئيس ياسر عرفات ومروان البرغوثي وآخرون يريدون الرد بكل الوسائل على جرائم الاحتلال ولهم حججهم المقنعة، والثاني قادة الأخ محمود عباس أبو مازن وعبد الفتاح حمايل وآخرون ممن لا يؤيدون عسكرة الانتفاضة خوفا من استغلال القيادة الإسرائيلية لذلك واقتحامها للمدن، وتدمير جميع ما أنجزته السلطة، ولهم حججهم المقنعة.
يقول أيضا “البعض الآخر قال أنهم لن يتجرؤوا على دخول رام الله وإن دخلوا سيدخلون على جثتنا” “الغريب ان هذا البعض كان أول من غادر المدينة واختفى عندما دخلت الدبابات الإسرائيلية الى مدينتي رام الله والبيرة”.
وتحدث باستفاضة عن الانتخابات التشريعية عام 2006 فعبر عنها بمقولة الرئيس أبو مازن “لا براشوت بعد اليوم” وكيف تمت انتخابات البرايمرز في القدس وكان هو أحد ستة عناصر فائزة بالمراتب الست لمحافظة القدس، وكان رقمه 16 في قائمة التمثيل النسبي.
وعن قائمة المستقبل، كيف تم عقد اجتماع اللجنة المركزية برئاسة الرئيس أبو مازن بشكل طارئ لتشكيلها ولتأثيرها على قائمة فتح، إذ انقسمت اللجنة المركزية إلى اتجاهين، الأول: أيّد إجراء حوار مع قادة كتلة المستقبل لدمج أغلب مرشحيها في قائمة فتح حفاظا على وحدة فتح في مواجهة قائمة حماس والكتل الأخرى، والاتجاه الثاني: قاده هاني الحسن الذي عارض موضوع الدمج بحجة أن من يتجرأ على الانفصال عن فتح لا يستحق أن يكون في كتلة فتح. وحسم النقاش الرئيس وأيد ضم كتلة المستقبل برئاسة القائد مروان البرغوثي.
“هذا أدي إلى غضب هاني الحسن الذي انسحب من اللجنة التي تتابع الانتخابات التشريعية قائلا للأخ أبو مازن “أنتم أحرار فيما تقررون.. لا يجوز مكافأة من يخرج عن قرارات اللجنة المركزية..”.
ثم يتحدث عن المتسبب بالخسارة في الانتخابات ذاكرا مثالا واحدا فقط هو محافظة سلفيت،
فقد تم فصل 74 كادرا فتحاوياً بعد أن قاموا بترشيح أنفسهم كمستقلين لدوائر وهم من أبناء حركة فتح، بحجة أنهم تسببوا بخسارة حركة فتح في الانتخابات ومن ضمنهم الكاتب طلال أبو عفيفة.
ثم وجه أبو عفيفة رسالة طويلة الى رئيس وأعضاء اللجنة المركزية وأمين سر المجلس الثوري وأعضاء الثوري ومكتب التعبئة والتنظيم والرقابة الحركية، يشرح فيها بالتفصيل أسباب الخسارة وكذلك تظلمه (ان صح التعبير) على قرار فصله غير القانوني، ويقول انه لم يتلق أي رد ايجابي او سلبي عليها من أحد، فقرر رفع شكوى هو وتسعة آخرون للمحكمة الحركية التي قبلت الشكوى أصدرت القرار بإلغاء قرارات الفصل والاستعاضة عنها بالتجميد لمدة 15 شهراً من الفترة 29/1/2006 حتى 29/4/2007 ويقول لا أريد التعقيب إلا بكلمة واحد “إن العدالة في هذا الوطن لن تكون كاملة…. لكن من واجبي احترام القرار”.
يقول الكاتب الذي أصبح عضو محكمة حركية بعد المؤتمر السادس أن أحد الأعضاء الذين كانوا ضمن المحكمة الحركية وشارك في صياغة قرار المحكمة الخاص بإلغاء قرار الفصل والاستعاضة بالتجميد “نحن نعلم أن قرارات الفصل تتعارض مع بعض مواد النظام الداخلي للحركة، إلا أن المصلحة هي حل وسط للقضية.. لا موافقة على قرارات الفصل ولا إلغاؤها في الوقت ذاته.. وإيجاد حل وسط بينهما وهو التجميد لفترة معينة”. وقد نشر القرار في الكتاب.
ويتحدث الكاتب عن المؤتمر السادس لحركة فتح في القدس “نحن في القدس اجتمعنا حوالي عشرة مرشحين للمجلس الثوري واتفقنا ان نكون وحدة واحدة في الانتخابات ويدعم كل منا الآخر أو على الأقل أن لا يحرض أحد ضد الآخر، ولكن للأسف عندما بدأ الاقتراع صار كل منا يتحدث عن نفسه فقط، وفي النتيجة فاز عدد من مرشحي القدس الذين لاقوا الدعم من أغلب المستويات في الحركة، ولم يحالف الحظ آخرين وأنا منهم والسبب الرئيس لعدم فوزي وحصولي على (313) صوتا فقط، هو أنني لم أتلق إلا القليل من الأصوات من أعضاء المؤتمر في قطاع غزة الذين اقترعوا عبر الهاتف، بعد منع الاحتلال لهم من الوصول إلى الضفة الغربية، ولتدخل أحد مرشحي القدس ومنعه التصويت لي لأنانيته المفرطة..؟!.” (لم يذكر اسم المرشح).
ويقول الكاتب بأنه أرسل رسالة إلى رئيس الحركة وأعضاء اللجنة المركزية “تحت عنوان هل هو تلاعب أم إهمال أم خطأ؟ حول نتائج الانتخابات للجنة المركزية والمجلس الثوري، وأن الأرقام للأصوات الصحيحة غير مطابقة لعدد المقاعد وأنه تم إهمال ما يقارب 4533 صوتا في التصويت للمجلس الثوري، ويعترف الكاتب بأن رسالته عرضت في اجتماع اللجنة المركزية لكنها لم تناقش ولم يؤخذ بها.ويبقى السؤال بلا إجابة: هل هناك تزوير حقيقي أم إهمال في انتخابات المؤتمر السادس؟ ويقول بأنه تم بعد ذلك اختياره عضو هيئة المحكمة الحركية الأحد عشر عضوا برئاسة القاضي علي مهنا.
ثم يتحدث عن المؤتمر الحركي السابع عام 2016 قائلا: للأسف لم أدع للمشاركة في المؤتمر السابع للحركة، بالرغم من أنه يحق لي للأسباب التالية المذكورة بالتفاصيل في كتابه “بصفتي عضوا في المؤتمر الحركي السادس، وعضو المحكمة الحركية، وعضو المجلس الاستشاري وعضو لجنة حركية، وأمين سر حركة القدس…الخ”.
“ألا يكفي هذا التاريخ النضالي لأكون عضواً في المؤتمر السابع؟!! سؤال وجهته لبعض أعضاء اللجنة المركزية. ويقول علمت بعد ذلك أن أحد أعضاء هذه اللجنة كان يقف بالمرصاد كلما طرح اسمي، وعطل عضويتي في المؤتمر السابع لأسباب شخصية بحت للأسف..؟!”.
ثم يفرد الكاتب صفحات للحديث عن ملتقى المثقفين المقدسي الذي أسسه مع مجموعة من المثقفين في مدينة القدس عام 2002 لتكون مؤسسة ثقافية مقدسية فلسطينية تشارك بدورها في معركة الحفاظ على ثقافة هذا الشعب وتاريخه وحضارته في المدينة المقدسة، حيث ذكر بالتفصيل رسالة الملتقى وأعضائه ورئاسته للملتقى، وما حققه من إنجازات وأعمال ونشاطات بما يتوافق مع أهداف الملتقى.
ومنها “اقتراح لاقى إجماعا، قدمه من الدكتور عماد ابو كشك رئيس جامعة القدس عام 2018 بأن يكون عنوان بحث مسابقة العام عن شخصية جزائرية سميت ب “الشهيد ذو القبرين” وهو الشيخ بومدين شعيب الغوث الأنصاري التلمساني” الذي جاء مع صلاح الدين الأيوبي الى القدس عام 1187م وحارب الصليبيين وقطعت ذراعه ودفنت في القدس، وبعد أربع سنوات عاد إلى بلده تلمسان في الجزائر وتوفي هناك عام 1198م لذلك سمي ب الشهيد ذي القبرين إذ دفنت ذراعه في القدس ودفن جسده في تلمسان، وقد زار الكاتب قبره في الجزائر”.
ويتابع “تقدمنا حينها بكتاب إلى صندوق ووقفية القدس الذي يرأسه منيب المصري وأمين السر الدكتور عماد أبو كشك لتمويل المسابقة، ولم نتلق حتى إعداد هذا المؤلف أي رد …؟؟!!!”.
ثم يعرفنا بمؤلفاته الأربعة عشر من كتاب الدبلوماسية الفلسطينية، إلى كتاب الاستراتيجية الفلسطينية، إلى كتاب قضايا الشباب، وكتبه القانونية مثل القانون الجنائي القانون العام والإجراءات الجزائية، وكتب جرائم الأشخاص والأموال.. وهي كتب متنوعة في القانون الجنائي ودراسة مقارنة بين القانونين الجنائيين الساريين في الضفة الغربية والأردن، وقانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني الصادر عن المجلس التشريعي الأول 2001 مقارنة بقانون الإجراءات الجزائية الأردني.
ثم تحدث عن حلمه بأن يؤلف أول موسوعة فلسطينية جنائية (موسوعة القانون الجزائي الفلسطيني) متحدث عن الإجراءات المتخذة نحو إصدار قانون عقوبات فلسطيني منذ المجلس التشريعي الأول حتى تشكيل اللجنة التي تعد قانون العقوبات ولقائها بسيادة الرئيس أبو مازن بخصوص نشر مسودة القانون الجنائي حيث طرح سيادته عدة نقاط للبت فيها ومنها جريمة قتل النساء بحجة الشرف وعقوبة الإعدام، ولم يصدر القانون لغاية اليوم.
أعتقد أننا في فلسطين بحاجة ماسة لإصلاح تشريعي شامل، ويجب ان يتم إصدار ثلاثة قوانين رئيسية متكاملة ومترابطة هي (القانون المدني والقانون الجنائي والقانون التجاري) وكافة القوانين الأخرى التي يتم إصدارها وتعديلها بما يتوافق مع القوانين الأساسية الثلاثة، وسيبقى القانون الفلسطيني في حال تشوهات قانونية دون ترابط بينهم.
يقول الكاتب هنا بأننا “نطبق القانون الأردني للعقوبات، وقد أصدرنا قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني 2001 كما أصدرنا قانون أصول المحاكمات المدنية، ويقول بأن المحاكم الفلسطينية ما زالت تطبق القانون المدني الأردني في القضايا المدنية..” ص317 وهذا غير دقيق، فالذي يطبق هو مجلة الأحكام العدلية العثمانية لأن القانون المدني الأردني صدر عام 1976، وكذلك فإن المجلة هي السارية أيضا بالمملكة، وحتى القانون المدني الأردني الساري في الأردن لم يلغي المجلة بل قال في المادة 1448 يلغى العمل بما يتعارض مع أحكام هذا القانون من مجلة الأحكام العدلية.
وكرر الخطأ مرة أخرى في صفحة 318 بأنه يطبق القانون المدني الأردني في القضايا المدنية، وهذا بحاجة لتعديل بالطبعة القادمة.
ختاما:
أعتقد أن الكاتب طلال أبو عفيفة قد تم إنصافه بعضوية الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين، رغم أن طموحه ان يكون عضو مجلس تشريعي وقد حاول أيضا أن يكون أحد المرشحين لحركة فتح في الانتخابات التي كانت ستعقد في مايو 2021.
إن الكاتب بحاجة لإعادة كتابة كتابه مرة أخرى لكي يفرد التفاصيل والمعلومات التي بحوزته للأجيال القادمة، فنحن بحاجة ماسة لكتابة تاريخنا الحديث بشكل صادق وحقيقي وواضح وصريح، وأن كتابة التاريخ الفلسطيني مصلحة وطنية عليا على قاعدة أن التاريخ يكتبه المنتصر، ونحن أكبر منتصر بقضيتنا العادلة.
وتمنياتي للكاتب والمحامي والصحفي والحركي طلال أبو عفيفة بأن ينصفه التاريخ لدوره الوطني الذي قد نتفق معه ونختلف، ولكن يظل له دور كبير لا يمكن إغفاله.
وأوصي الكاتب بإصدار طبعة جديدة منقحه، يسرد فيها تفاصيل فترة الثمانينات وما بعدها، وأن يستثنى من الكتاب المقالات والدراسات وينشرها في كتاب مستقل.
كاتب وباحث مقيم في رام الله