عشية زيارة نتنياهو إلى واشنطن وبراك إلى لبنان.. قراءة في المشهد الإقليمي والدولي

 عشية زيارة نتنياهو إلى واشنطن وبراك إلى لبنان.. قراءة في المشهد الإقليمي والدولي

معن بشور

معن بشور
أيعقل أن يرتكب الاحتلال الصهيوني كل هذه الجرائم التي تودي يومياً بحياة العشرات من الشهداء من أبناء غزّة وتوقع يومياً المئات من الجرحى، فيما حكومات العالم، لاسيّما حكوماتنا العربية والإسلامية في أغلبيتها الساحقة صامته أو متواطئة في تنكر غير مسبوق لأبسط المبادئ القومية والروحية والإنسانية.
أيعقل أن تدخل حرب الإبادة العنصرية على قطاع غزّة المجاهد وعلى الضفة الفلسطينية الصامدة شهرها العشرين، ولم يشهد الوطن العربي خصوصاً، والعالم الإسلامي عموماً، أي تحرك شعبي كبير (باستثناء اليمن والمغرب) مندداً بهذه الحرب التي لم يبق شعب في العالم لم يعبّر عن سخطه عليها، وعن إدانته لتواطؤ حكوماته مع هذه الحرب البغيضة.
وهل الحديث عن إمكانية وقف العدوان الوحشي على غزّة خلال أسبوع هو حديث جاد يعبّر عن فشل الصهاينة وأسيادهم في تحقيق أي نصر حاسم في غزّة، أم أنه مجرد مناورة جديدة تقوم بها تل أبيب ومعها واشنطن في ظل إدارة ترامب التي رفعت شعار إنهاء الحروب في العالم، فإذا بها تفتتح عهدها بالضلوع بأكثر من حرب، أبرزها حروب الصهاينة على فلسطين وإيران.
أسئلة عدّة يطرحها المواطن الفلسطيني والعربي والحر في العالم مرفقة بأسئلة لا تقل عنها وجعاً وهي إلى متى يستمر الصمت الرسمي العربي والعالمي على هذه الجرائم الصهيونية، وإلى متى يبقى هذا الظلم المتمادي بحق شعب فلسطين وأبناء الأمّة العربية.
وسواء كانت زيارة نتنياهو لواشنطن تحمل بذور صفقة جديدة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تقوم على منح “تل أبيب” دعماً عسكرياً وسياسياً إضافياً من واشنطن المأزومة أصلاً في واقعها السياسي والاقتصادي والعسكري، أو كانت تمهيداً لإعلان هدنة 60 يوماً في غزّة تحمل إمكانية التمديد إلى أجل غير مسمى، فلا تظهر “تل أبيب” مهزومة، ولا يبقى مجال لضربات فلسطينية متلاحقة بحقها كالتي شهدناها في غزّة طيلة الأسبوع الماضي، فالأمران يشيران إلى عمق الأزمة التي يعيشها الكيان الصهيوني وداعموه بسبب ضربات المقاومة ومواقف شعب فلسطين العظيم.
فزيارة نتنياهو إلى واشنطن والمرتبطة بزيارة طوم براك إلى بيروت لهما هدف واحد هو تغطية الفشل العسكري الصهيوني بانتصارات سياسية واهنة تعكس ضعف الموقف الرسمي اللبناني والعربي وليس موقف المقاومة في فلسطين ولبنان.
بالتأكيد هناك مؤشرات تشير إلى وجود إمكانية نجاح واشنطن و “تل أبيب” في مناورتهما الجديدة خصوصاً في ظلّ الضغوط الأمريكية الشديدة، لكن هناك مؤشرات أكثر واقعية تشير إلى أن عصر انتصارات الكيان الصهيوني وحلفائه قد ولّى، وأن المقاومة التي صمدت في فلسطين أكثر من 20 شهراً، وفي لبنان أشهر عديدة الحقت خلالها خسائر جمّة بالعدو، ما زالت تخفي الكثير من أوراق قوتها رغم هول الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بها، وأن اليمن الذي كان مشاركاً في هذه الحرب كانت إنجازاته مفاجأة للأمّة والعالم، وأن الجمهورية الإسلامية في إيران نجحت في أحداث تطور ملحوظ في معادلة القوة مع “تل أبيب” – واشنطن.
إن القراءة الدقيقة لتطورات الميدان في المنطقة تشي أن موازين القوى تتحوّل لصالح فلسطين والأمّة، وما على القوى الحية في الأمّة إلاّ أن تترجم هذا التحوّل إلى إنجازات سياسية تدفع الحكام في بلادنا إلى قراءة مختلفة لتطورات الميدان، وأن يستمر بعض قادتها في خط التحرّر من الإملاءات الأمريكية التي تواجه إدارتها نفسها، ضغوطاً من الداخل الأمريكي، أما الدول الصديقة، لاسيّما روسيا والصين وباكستان فينتظرهما دور كبير، لاسيّما حين توفر الدعم المطلوب لقوى المقاومة العربية والإسلامية من جهة، وحين تتصدى للمحاولات الأمريكية والإسرائيلية الرامية إلى تحويل هزيمتهما إلى انتصار.
كاتب لبناني

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *