شُهداؤنا في الخِيام وليسَ في القُصور الفاخرة وفنادق الخمس نجوم ولهذا لن يتخلّوا عن سِلاحهم.. لماذا يتطاول المبعوث الأمريكي على مِصر وشعبها العظيم ولا يجد الرّد الذي يستحق؟

 شُهداؤنا في الخِيام وليسَ في القُصور الفاخرة وفنادق الخمس نجوم ولهذا لن يتخلّوا عن سِلاحهم.. لماذا يتطاول المبعوث الأمريكي على مِصر وشعبها العظيم ولا يجد الرّد الذي يستحق؟

عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان
نعت حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” اليوم صلاح البردويل عُضو المكتب السّياسي الذي استشهد وزوجته في غارةٍ إسرائيليّةٍ على خيمة أُسرته في مِنطقة المواصي في أطراف مدينة خان يونس ليُصبح ثالث عُضو مكتب سياسي للحركة يستشهد مُنذ استِئناف مجازر حرب الإبادة في القطاع في الثّامن من آذار (مارس) الجاري.
الشّهيد البردويل وزميليه ياسر حرب وعصام الدعليس لم يستشهدوا في فندق من خمسة نجوم، ولا في قصرٍ فاخر يعجّ بالخدم والحشم، والصّالونات الفاخرة، وإنّما في خيمةٍ باليةٍ أُسوةً بالغالبيّة السّاحقة من أبناء القطاع، حيث لا كهرباء ولا ماء سواءً للشّرب أو الوضوء في هذا الشّهر الفضيل، ناهيك عن المجاعة التي يُواجهونها بعد إغلاق جميع المعابر ووقف جميع المُساعدات الإنسانيّة والطبيّة والغذائيّة، والهدف واضحٌ وهو جعل القطاع مِنطقةً غير قابلةٍ للعيش، كمُقدّمة لإجبارهم على الهجرة، وقد قالها بنيامين نتنياهو “أنتم كُنتم تقولون إنّ غزة سجنٌ كبيرٌ مفتوح ها نحنُ نفتح لكُم أبواب الخُروج ومجّانًا، إلى أماكنٍ آمنةٍ مُزدهرةٍ في العالم”.


استِشهاد قادة حماس المُجاهدين الصّائمين المدنيين، وعلى رأسِهم رئيس الوزراء عصام الدعليس، وسط أهلهم في الخِيام يُذكّرنا بعميد الشّهداء يحيى السنوار ورفاقه محمد الضيف، ومروان عيسى، وكُلّ الشّهداء الآخرين بغضّ النّظر عن رُتبتهم، الذين قاتلوا حتّى الشّهادة، الأمر الذي يُلخّص قائمة الأسباب التي تَكمُن خلف صُمودهم لأكثر من عامٍ ونِصف العام في مُواجهة حرب إبادة إسرائيليّة تقودها الولايات المتحدة الأمريكيّة ليس لها مثيل في التّاريخ الحديث، إنّهم رجالٌ في زمنٍ يَعِزُّ فيه الرّجال.
نعم.. كلّما كَبُرتْ الشّهادة كَبُرَ مفعولها في زعزعةِ أمن واستِقرار العدو، وتحقيق تقدّمٍ كبير نحو النّصر السّاحق، وربّما ليس صُدفة أنه باستشهاد المِئات في الأيّام الأخيرة من أهلنا في القطاع يصل عدد الشّهداء إلى أكثر من 50 ألفًا، وأكثر من مئة ألف جريح ويَصعُب علينا أنْ نعرف الرّقم الذي ينتظره القادة العرب “الأفاضل” حتى يطردوا حارسًا إسرائيليًّا واحِدًا من سفاراتهم التي تزدحم بها عواصمهم، ولا نقول سفيرًا.
لم يُفاجئنا ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما تطاول على مِصر الرّائدة وأهانَ شعبها وقادتها وجيشها عندما حذّر بالأمس في تصريحاتٍ علنيّةٍ مِن سُقوط نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بسبب حالة الإفلاس التي تعيشها، وتدهور الأوضاع الاقتصاديّة فيها وارتفاع مُعدّلات البِطالة في صُفوف الشّباب تحت سن 25 عامًا إلى نسبةٍ تصل إلى 54 بالمئة، فالإدارة الأمريكيّة الجديدة لا تحترم الضُّعفاء، ولا تُعيرهم أيّ اهتمام، وتحتقر كُل العرب والمُسلمين دون استِثناء، ومِن المُؤلم أنّ هذا التّطاول الوَقِح والمُستَفِز والمُهين، لم يتم الرّد عليه بِما يستحق، والأخطر من ذلك أنّ هذه التّهديدات بدأت تُعطي أوكلها، من حيثُ تصاعد الضّغوط العربيّة على المُقاومة الفِلسطينيّة، للخُضوع للمطالب الإسرائيليّة والأمريكيّة بإلقاء سِلاحها، ورفع الرّايات البيضاء تحت ذرائع إعادة الإعمار باعتباره هو الطّريق الأقصر لوقف إطلاق النّار وإنهاء الحرب ومنْع التّهجير الذي أسّست لهُ حُكومة نتنياهو ممّا يُؤكّد جديّته.
ويتكوف لا غيره هو الذي سخر من القمّة العربيّة الطّارئة التي انعقدت في القاهرة الشّهر الماضي، وتبنّت قرارًا بالإجماع بإعطاءِ الأولويّة لإعادة الإعمار عندما قال إنّ فُرصته ضئيلةٌ جدًّا، مُؤكّدًا أنّه لا يُمكن تنفيذه بمعزلٍ عن نزعِ سلاح حماس للقضاء عليها كُلِّيًّا.


المُقاومة الفِلسطينيّة لن تتنازل عن سِلاحها، ولن ترضخ لمجازر حرب الإبادة، ولعلّ الصّواريخ التي أطلقتها من تحتِ الرّكام ومن وسطِ الخِيام نحو عسقلان وتل أبيب وتقاطعت مع صواريخ اليمن الفرط صوتيّة المُباركة، وأرسلت ملايين المُستوطنين إلى الملاجئ، وأغلقت مطار اللّد (بن غوريون)، هو الرّد المفحم القويّ سواءً على الوُسطاء العرب، وعلى المبعوث الأمريكي ويتكوف وسيّده ترامب، والنّصرُ صَبْرُ ساعة، وهو وشيكٌ جدًّا بإذنِ الله.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *