“سُؤالٌ” من لاجئٍ “غزّاوي” إلى حكّام التطبيع و”التّريليونات” العرب

 “سُؤالٌ” من لاجئٍ “غزّاوي” إلى حكّام التطبيع و”التّريليونات” العرب

عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان
كمُواطنٍ عربيّ مُسلم، وكلاجئ من قطاع غزة، وأخيرًا كإنسان، أُوجّه سُؤالًا لكُلّ الزّعماء العرب، وأُركّز على فئتين منهم على وجه الخُصوص:
زُعماء الدّول الذين وقّعوا اتّفاقات تطبيع، وأقاموا علاقات دبلوماسيّة وتجاريّة مع هذا العدو، ورفعوا علم نجمة داوود في قلبِ عواصم بلادهم.
الثانية: زعماء الدول الثلاث: السعوديّة وقطر ودولة الإمارات العربيّة المتحدة الذين أكرموا وفادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفرَشوا له السجّاد بكُلّ الألوان، وقدّموا له خمسة تريليون دولار لمنع الانهيار المالي والاقتصادي لبلاده، بحيث يتمكّن من تسديد أقساط وفوائد دُيونها التي تبلغ 43 تريليون دولار.
السُّؤال هو: هل تُتابعون المحارق النازيّة الإسرائيليّة التي يرتكبها الحيش الإسرائيلي في القطاع وتصل إلى مئة شهيد يوميًّا على الأقل، ومئات الجرحى مع مطلع كُلّ شمس؟ هل سمعتم عن أطفال وحرائر مُخيّمات اللّجوء الذين تُحرق أجسادهم الهزيلة من شدّة الجُوع صواريخ المُسيّرات الإسرائيليّة بالعشرات، وربّما المِئات ليليًّا؟
هل سمعتم أو شاهدتم “مصائد الموت” التي تنصبها قوّات الاحتلال للجوعى الذين يتدفّقون إلى مراكز توزيع الطّعام في مُحاولةٍ يائسة هربًا من الموت وأطفالهم جُوعًا، فيجدون رصاص وقنابل الجيش الإسرائيلي وصواريخ مُسيّراته في انتِظارهم، فيعودون إلى أطفالهم وأُمّهاتهم وأفراد أُسرهم في الأكفان البيضاء المُطهّرة بدمائهم؟


اليوم الخميس الذي أكتب فيه هذه المقالة، استشهد 94 عربيًّا مُسلمًا مُؤمنًا برصاص الاحتلال وقبل أن ينتصف النّهار، بينهم أطفال ونساء، و44 من الجَوعى مُنتظري رغيف الخبز، أمام مراكز “مُؤسّسة إنسانيّة” أمريكيّة إسرائيليّة ليس لها أيّ علاقة بالإنسانيّة وإنّما بالموت.
لا نُريد منكم إرسال جُيوشكم ولا طائراتكم، ودبّاباتكم، نُريد منكم فقط أنْ تتّصلوا بصديقكم الحميم دونالد ترامب الذي قدّمتم له التّريليونات في أقل من ساعتين، بشهادته الحيّة، وتقولون له أوقف هذا المجازر فورًا، فاستِمرارها وبهذه الوتيرة عارٌ عليك وعلينا، وعلى الإنسانيّة جمعاء، فقد أعطيناكم (ترامب ونتنياهو) كُل الوقت اللّازم لإنجاز الإبادة وفشلتم فكفى.
نُدرك جيّدًا، أنّ قادة جميع هذه الدّول، المُطبّعة والتّابعة لأمريكا، والمُؤمنين بالحكمة والتعقّل ونظريّة توازن القِوى الهُروبيّة، أو المُقدّمة للتّريليونات دون مُقابل، لن تجرؤ على تلبية طلبنا، أو سماع أسمائنا والملايين مثلنا، وأكثر من 40 ألف طفل شهيد قبلنا، ومُطالبة ترامب “همسًا” أو تَوَسُّلًا، ولا نقول تحذيرًا أو تهديدًا، بوقف هذه المحرقة التي يُديرون وجههم إلى النّاحية الأُخرى حتى لا يرون وجوه أو أجساد ضحاياها الشّهداء.
عزاؤنا أنّ أهلنا في قطاع غزة الذين يملكون مخزونًا ضخمًا من الشّجاعة والكرامة والإيمان وعزّة النّفس، لن ينضب مُطلقًا، يُواجهون هذا الاحتلال النّازي وقوّاته يوميًّا، ويتنافسون فيما بينهم للفوز بالشّهادة أوّلًا، والفيديوهات الحيّة تُؤكّد هذه الحقيقة.


تحذيرٌ أخير نُوجّهه لكم، وهو إيّاكم أن تُقايضوا التّطبيع مع وقف المجازر، والمحرقة، في قطاع غزة، لأنّنا نعلم جيّدًا ومن تجارب المُطبّعين قبلكم، أنّ التّطبيع سيستمر، والخيانة ستترسّخ، بينما ستستمر المجازر والمحارق وتتوسّع لتصل إلى بُلدانكم وشُعوبكم في نهاية المطاف.
نُبارك لكُم الشّرق الأوسط الجديد الذي يرسم خرائطه ومُستقبله الثّنائي “الصّديق” نتنياهو وتابعه ترامب، ونُؤكّد لكم أنّه لن يتم التّعامل معكم كنواطير، وإنّما كعبيدٍ وخدم، ونُذكّركم بأنّه لن يكون التّاريخ الذي سيُحاكمكم، وإنّما الشّرفاء من أبناء شُعوبكم أيضًا، وهُم الأكثريّة السّاحقة، وفي الوقتِ المُناسب ونراهُ قريبًا جدًّا، وقولوا ما شئتم.. والأيّام بيننا.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *