تصعيد على الجبهة اللبنانية.. إسرائيل تقصف بالمدفعية جنوب لبنان بعد استهدافها بقذائف صاروخية.. واسرائيل تحمل “حماس” المسؤولية.. ومباركة فلسطينية.. والأمم المتحدة تحضّ على “ضبط النفس”.. وواشنطن تؤيد حق اسرائيل بالدفاع عن نفسها

الإنتشار العربي : رويترز: حمَلت إسرائيل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) المسؤولية عن إطلاق أكثر من 34 صاروخا من لبنان اليوم الخميس وسط تصاعد للتوتر بعد اقتحام قوات الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى هذا الأسبوع.
وعقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اجتماعا لمجلس الوزراء الأمني لاتخاذ قرار بشأن الرد على الهجوم، وهو أكبر هجوم صاروخي من لبنان منذ عام 2006، عندما خاضت إسرائيل حربا مع جماعة حزب الله.
وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين على تويتر “ينبغي ألا يختبرنا أحد، سنتخذ جميع التدابير اللازمة للدفاع عن بلدنا وشعبنا”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن 34 صاروخا أُطلقت من لبنان قبل أن يعترض نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ 25 منها. وقالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية إن شخصا تعرض لإصابات طفيفة جراء شظايا.
ويأتي ذلك بينما تواجه إسرائيل ضغوطا عالمية في أعقاب اقتحام الشرطة لحرم المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، والذي يتزامن هذا العام مع عطلة عيد الفصح اليهودي التي بدأت مساء الأربعاء.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها لكن متحدثا عسكريا إسرائيليا حمّل حركة حماس، التي تدير قطاع غزة، المسؤولية. وقال على تويتر “الجهة التي أطلقت القذائف الصاروخية من لبنان هي حماس في لبنان”.
وقالت ثلاثة مصادر أمنية غير إسرائيلية إنه يُعتقد بأن فصائل فلسطينية في لبنان، وليست جماعة حزب الله اللبنانية، هي المسؤولة عن إطلاق الصواريخ، مع أنه يُفترض على نطاق واسع أن عليها الحصول على إذن من حزب الله.
وقال تامير هيمان، الرئيس السابق للمخابرات العسكرية الإسرائيلية، على تويتر “إنه ليس إطلاقا من (تنفيذ) حزب الله، لكن من الصعب تصديق أن حزب الله لم يكن يعلم به”.
وفيما مضى أطلقت فصائل فلسطينية في لبنان، لها وجود في مخيمات اللاجئين، النار بشكل متقطع على إسرائيل. لكن الحدود هادئة إلى حد بعيد منذ حرب 2006 مع حزب الله، الذي يسيطر على جنوب لبنان ولديه ترسانة من الصواريخ المتقدمة.
وعبرت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها من مشاهد اقتحام المسجد الأقصى، حيث صُورت مقاطع للشرطة الإسرائيلية وهي تضرب المصلين خلال مداهمات قال مسؤولون إنها كانت لإخراج مجموعات من الشبان الذين تحصنوا داخل المسجد.
ونددت واشنطن أيضا إطلاق صواريخ من لبنان وضربات سابقة من غزة وقالت إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها.
- سحب دخان
في أعقاب ضربات اليوم الخميس، أظهرت لقطات تلفزيونية سحبا كثيفة من الدخان تتصاعد فوق بلدة شلومي الحدودية شمال إسرائيل وسيارات محطمة في الشوارع. وقالت هيئة المطارات الإسرائيلية إنها أغلقت المطارات الشمالية في حيفا وروش بينا.
وقالت ليات بيركوفيتش كرافيتز للقناة 12 الإسرائيلية، متحدثة من غرفة محصنة بمنزلها في شلومي “أرتجف، أنا مصدومة”. سمعت دويا، بدا الأمر كما لو أن شيئا انفجر داخل الغرفة”.
وفي بيان مكتوب، وصفت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) الوضع بأنه “خطير للغاية” ودعت إلى ضبط النفس. وقالت إن رئيس القوة أرولدو لاثارو على اتصال بالسلطات من الجانبين.
ووسط مخاوف من أن احتمال تصاعد المواجهة أكثر، بعد عام من تصاعد العنف الإسرائيلي الفلسطيني، عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا مغلقا لمناقشة الأزمة.
ووصف روبرت وود، نائب السفيرة الأمريكية لدى المنظمة الدولية، الوضع في الشرق الأوسط بأنه خطير قائلا إنه ينبغي ألا يتفاقم التوتر.
وأضاف للصحفيين وهو في طريقه لاجتماع مجلس الأمن “سيكون من المهم للجميع أن يفعلوا ما في وسعهم لتهدئة التوتر”.
ويزيد إطلاق الصواريخ تعقيد الأمور بالنسبة للحكومة الدينية القومية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي واجه، قبل أعمال العنف هذا الأسبوع في المسجد الأقصى، احتجاجات حاشدة على مقترحاته بإجراء تعديلات قضائية تحد من سلطات المحكمة العليا.
وأرجأ نتنياهو الأسبوع الماضي خطط التعديلات القضائية المختلف عليها بشدة والتي تسببت في أكبر أزمة سياسية داخلية في إسرائيل منذ عقدين على الأقل.
وجاء الهجوم الصاروخي اليوم الخميس في أعقاب ضربات من غزة بعد عملية اقتحام الشرطة للمسجد الأقصى.
وردا على ذلك، قصفت إسرائيل أهدافا في غزة مرتبطة بحماس التي تحملها مسؤولية أي هجمات من القطاع الساحلي المحاصر.
وأشاد المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية الفلسطينية محمد البريم من غزة بالضربات الصاروخية من لبنان وربطها بما يحدث في الأقصى لكن من دون أن يعلن المسؤولية عنها.
وقال “لا يمكن لأي عربي أو مسلم حر أن يصمت على استباحاته (أي المسجد الأقصى) بهذا الشكل الهمجي والبربري دون أن يدفع العدو ثمن عدوانه”.
صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية:
وقال أحد سكان بلدة القليلة لوكالة فرانس برس، متحفظاً عن ذكر اسمه، إنه سمع دوي إطلاق أكثر من 15 صاروخاً من محيط البلدة، قبل أن ترد إسرائيل باستهداف مواقع إطلاق النيران.
وأكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أنه “يتلقى تقارير محدثة حول الوضع الأمني وسيقوم بإجراء تقييم مع رؤساء المؤسسة الأمنية”.
وشهدت الأيام الأخيرة تصاعداً للأحداث في أعقاب اقتحام الشرطة الإسرائيلية للحرم القدسي والاعتداء على المصلين الذين كانوا بداخله قبل اعتقال المئات ممن تحصنوا بداخله والذين وصفتهم إسرائيل بأنهم “مثيرو شغب”.
وأثار ذلك إدانات عربية ودولية واسعة، خصوصا أنها تأتي في خضم شهر رمضان الذي يعتكف فيه مسلمون عادة في المسجد الأقصى ويؤدون فيه الصلاة ليلا.
وتقع المنطقة التي أطلقت منها الصواريخ ضمن مناطق نفوذ حزب الله، العدو اللدود لإسرائيل، في جنوب لبنان.
وكان حزب الله، دان في بيان صباح الخميس، “قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي باقتحام باحات المسجد الأقصى واعتداءاتها على المصلّين”.
وأبدى الحزب “تضامنه الكامل مع الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة” مؤكداً “وقوفه إلى جانبهم في كلّ الخطوات التي يتخذونها لحماية المصلّين والمسجد الأقصى وردع العدو عن مواصلة اعتداءاته”.
وتأتي هذه التقارير في وقت يتصاعد فيه التوتر بعد اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس هذا الأسبوع.
وقال سكان في جنوب لبنان إنهم سمعوا دوي انفجارات.
وقال الجيش الاسرائيلي في بيان “في أعقاب التقرير الأولي بشأن انطلاق صفارات الإنذار في بلدتي شلومي وموشاف بيتزيت في الشمال، تم إطلاق صاروخ من لبنان باتجاه الأراضي الإسرائيلية وتم اعتراضه بنجاح من قبل الجيش الإسرائيلي”.
وأكدت مصادر ميدانية أن إسرائيل اعترضت المزيد من الصواريخ على الحدود مع لبنان.
وقالت وسائل الإعلام إنه بحسب التقديرات فإن عشرات الصواريخ التي أطلقت في الصلية الأخيرة، تسببت بحالة من الهلع في الشمال بسبب مشاهد اعتراض الصواريخ.
وبحسب وسائل الإعلام ذاتها فإنه تم إغلاق المجال الجوي في الشمال الفلسطيني المحتل، مضيفةً أن “هناك جريح في الجليل جراء سقوط صاروخ بالقرب من سيارة”.
وأضافت “القناة الـ13” الإسرائيلية أن هناك خشية من التوجه نحو حادثة مختلفة عن إطلاق عدة صواريخ منفردة كما جرت العادة.
ولفتت القناة إلى أن “الهجوم الصاورخي على الجليل الغربي لم نشهد له مثيلاً منذ حرب لبنان الثانية”، مشيرةً إلى أن أصداء اعتراض الصواريخ سمعت في حيفا ومحيطها.
وقالت إن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيجري تقديراً للوضع مع وزير الأمن يوآف غالانت وقادة المؤسسة الأمنية.
فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن عدة مناطق، بينها شلومي، ومناحيم، وشتولا، ومتسوبا، وإفيريم، على الحدود مع لبنان تتعرض لهجوم مكثف بقذائف صاروخية مصدرها الأراضي اللبنانية.
باركت حركة الجهاد الإسلامي في بيان “الرد البطولي القوي المقاوم على جرائم العدو واعتداءاته”، مؤكدةً أنّ “المقاومة صف واحد موحّد في مواجهة العدو الصهيوني”.
بدورها، اعتبرت حركة المجاهدين الفلسطينية في بيان أنّ الضربات “فاجأت المحتل وأربكت حساباته، وشكّلت ضربة لمخططات الاحتلال في الاستفراد بالأقصى والمقدسات”.
وأشار البيان إلى أنّ “هذه الضربة الصاروخية المباركة تؤكد مبدأ التنسيق بين الجبهات، وأثبتتت أنّ الأقصى المبارك هو المحرك الأقوى لقوى الأمة الحرة والمقاوِمة”.
وأعرب بيان الحركة عن دعمها “لكل جهد مقاوم يستهدف العدو الصهيوني”، مؤكداً أنّ “فتح الجبهات هو أكبر ردّ عملي على الجرائم في الأقصى والقدس، وأقصر الطرق لإزالة الكيان المؤقت من جسد الأمة”.
من جهتها، باركت لجان المقاومة في فلسطين في بيان، اليوم الخميس، “الفعل المقاوم والضربات الصاروخية المباركة التي استهدفت المستوطنات الصهيونية الجاثمة على أرضنا المباركة شمال فلسطين المحتلة”.
وقالت إن “على العدو الصهيوني أن يدرك جيداً أنّ المسجد الأقصى عقيدة ودين ووصية رسولنا وشهدائنا، ولا يمكن لأي عربي أو مسلم حرّ أن يصمت على استباحاته بهذا الشكل الهمجي والبربري من دون أن يدفع العدو ثمن عدوانه”.
وأضاف البيان: “اليوم تتجلى بشكل واضح وحدة الساحات والرايات بشكل فعلي وحقيقي في الرد على جرائم العدو الصهيوني، والمقاومة الموحّدة ستفاجئ العدو بما لا يتوقّعه”.
وأضافت المصادر الأمنية أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أطلقت نحو 20 صاروخاً باتجاه الأراضي اللبنانية، مضيفةً أن حالة من الهدوء التام يسود حالياً.
وذكرت الوكالة أن “مدفعية الإحتلال الإسرائيلي قصفت بعدد من القذائف الثقيلة (…) أطراف بلدتي القليلة والمعلية في قضاء صور”، بعدما شهدت المنطقة “إطلاق عدد من صواريخ الكاتيوشا” باتجاه إسرائيل.
ولبنان واسرائيل في حالة حرب رسمياً. وشهد لبنان صيف 2006 حرباً دامية بدأت بإقدام عناصر من حزب الله على خطف جنديين إسرائيليين. وقتل خلال الحرب 1200 شخص في لبنان معظمهم مدنيون و160 اسرائيلياً معظمهم جنود.
ومن جهتها دعت قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) الخميس إلى تجنّب التصعيد، إثر إطلاق صواريخ من الجنوب باتجاه إسرائيل التي ردّت بقصف مواقع إطلاق النيران، ووصفت الوضع الراهن بأنه “خطير للغاية”.
وقالت في بيان “الوضع الحالي خطير للغاية. واليونيفيل تحث على ضبط النفس وتجنّب المزيد من التصعيد”.
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان باتّجاه الدولة العبرية وزاد عددها عن 30 صاروخاً هي من دون شكّ “نيران فلسطينية”.
وقال المتحدّث باسم الجيش الكولونيل ريتشارد هيشت للصحافيين “نعلم علم اليقين بأنّ هذه نيران فلسطينية. قد يكون من أطلقها حماس، أو الجهاد الإسلامي. ما زلنا نحاول التوصّل إلى نتيجة نهائية بشأن هذه النقطة، لكنّه لم يكن حزب الله” اللبناني.
وأضاف “ننطلق من مبدأ أنّ حزب الله كان على الأرجح يعلم بأمر هذا القصف وبأنّ لبنان يتحمّل قسماً من المسؤولية” عن إطلاق هذه الصواريخ.
وتابع “نحن نحقّق أيضاً في تورّط إيراني محتمل” في هذا الهجوم الصاروخي الذي أوقع جريحاً وتسبّب بأضرار مادّية.