بأمر نتنياهو… غزة تموت جوعا!

 بأمر نتنياهو… غزة تموت جوعا!

اسيا العتروس

اسيا العتروس
لا صور الهياكل العظمية للاطفال الذين ماتوا جوعا في غزة حركت السواكن , ولا صور الاشلاء لرجال و نساء و أطفال هرعوا للحصول على المساعدات الغذائية الانسانية التي تشرف عليها الادارة الامريكية التي اختلطت دماؤها بالطحين هزت ضمير العالم الانساني و لا صرخات استغاثة الاباء و الامهات العاجزين عن توفير ما يؤجل موت فلذات أكبادهم هزت نخوة أمم و شعوب طالما توهمنا أنهم خير أمة أخرجت للناس ..أهل غزة يحلمون برغيف خبز فلا يجدوه و الاطفال يصرخون لاجل علبة حليب فلا يطالونها ..الموت يلاحق الجميع في غزة و من لم يمت قصفا مات جوعا أو قهرا ..انتبه جيش الاحتلال الاسرائيلي أن سلاح التجويع يمكن أن يوفر لكيان الاحتلال ما فشلت في توفيره كل الحروب و الاسلحة الفتاكة ,و عندما يموت الناس جوعا و لا يجدون عشبة ترد عليهم الحياة سيبحثون بكل الطرق المتاحة عن منفذ للرحيل و الهروب من موت بطيئ يترصدهم ..و الامر ليس مجرد تخمينات بل حقائق موثقة توصل اليها قادة الاحتلال و اللوبيات الداعمة له بعد دراسات دقيقة و مقارنات مدروسة بين تكاليف تهجير الغزاويين و تكاليف اعادة اعمارو بناء غزة و قد كشفت فاينانشل تايمز دراسة قام بها بوستن كونسلتين غروب boston consulting group , و هي شركة استشارات عالمية تعمل في هذا الاختصاص منذ ستينات القرن الماضي , و قامت الشركة بهذه الاستشارة لفائدة مركز اسرائيلي لتقييم تكاليف تهجير 500 ألف فلسطيني و أظهرت الدراسة أن تكاليف تهجير الغزاوي تبلغ تسعة الاف دولار في حين أن تكاليف اعادة بناء واعمار غزة تستوجب خمسة الاف دولار للفرد على مدى خمس سنوات ..تلك هي قيمة الكائن البشري الفلسطيني في حسابات و أرصدة الاحتلال و معه حسابات حلفاءه و لكن في حسابات حكومات و انظمة تمثل ملياري مسلم فسي العالم سيسجل التاريخ أنها كانت عنوان الخذلان و الغدر و التواطىء على غزة و أطفالها و أهلها المنكوبين ..غزة تلفظ أنفاسها و لا مستجيب لاستغاثاتها بعد أن تحولت الى فرجة في مسارح و فضائيات العالم التي ترصد كل يوم أعداد الشهداء و الضحايا و تنتظر معجزة تصدر عن البيت الابيض تعلن انتهاء الجريمة ..لقد نجح ناتنياهو و هو مجرم الحرب الملاحق من الجنائية الدولية في اطالة أمد الحرب و التسويق لدى الراي العام الدولي أنه لا أحد قادر على فرملته أو صده عما يخطط له في غزة و الضفة و في سوريا و لبنان و نجح أيضا في تطويع العقول و دفع العالم للتطبيع مع ما يراه من جرائم بحيث بات ما يجري في غزة أمرا واقعا حتى يأتي ما يخالف ذلك .و قد خبر ناتنياهو ردود الافعال شرقا وغربا سواء تعلف الامر بمواقف العرب التي تخجل الكلمات من وصفها او كذلك مواقف الغرب حارس القيم و الحقوق و الحريات الذي لا يكاد يندد بما يجري الا و يعود و يتدارك ..و اخر مستجدات تلك الردود البائسة انتهاء الاجتماع الذي خصصه وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي لبحث فرض عقوبات على كيان الاحتلال لانهاء الابادة في غزة بدعوة من بلجيكا و اسبانيا و ارلندا لكن دول الاتحاد الاوروبي الحساسة جدا ازاء غضب ناتنياهو قررت عدم المضي قدما في هذا الاتجاه و طأطأة الرأس ازاء مجرزة العصر التي سيسجل التاريخ أنها وصمة عار في سجل العالم الحر الذي يصر على توفير الحصانة المطلقة لنظام جمع أبشع و أفظع ما جادت به النازية و الفاشية معا ..
ما سلف من صور الموت الصادم في غزة و تساقط الاجساد المنهكة على الطرقات و شهادات اباء و أمهات يصومون الليل و النهار لتوفير القليل ان وجد لاطفالهم الجائعين كل ذلك فشل في قرار مشترك لمحاصرة وعزل الكيان الصهيوني الذي وجد في هذا التخاذل المستمر ما يشجع قادة هذا الكيان على خيار مواصلة سياسة الابادة و لكن أيضا خيار الامعان في اذلال وامتهان واحتقارو تشويه و استهداف كل من اعلن موقفا مؤيدا للفلسطينيين و لغزة ..
غزة تموت جوعا و هذا ليس عنوان فيلم من افلام هوليود , الموت جوعا حدث يومي في غزة كان يفترض أن يهتز لوقعه العالم و تستنفر له المنظمات الدولية و الانسانية و الحقوقية لمنع تواتر الجريمة..أمس أطلقت الاونروا نداء استغاثة عاجل لرفع فوري للحصار بعد تفشي المجاعة ووصولها لأخطر مراحلها ..المصيبة أنه على مشارف غزة تقف طوابير الشاحنات المحملة بالاغذية التي يمكن أن تساعد في انقاذ الاهالي و لكن غياب الارادة السياسية و هيمنة النفاق السياسي و التنافس على ارضاء كيان الاحتلال و تهيئة الارضية لمواصلة مسار التطبيع على جماجم الضحايا ..و في خضم كل ذلك يحلو للبعض الحديث عن رجل السلام الاستثنائي القابع في البيت الابيض و الطامح للفوز بجائزة نوبل لتتويج مسيرته السياسية و تطهير سجله من دماء ضحايا حرب الابادة التي تتم بتمويل و دعم عسكري و سياسي و قانوني و ديبلوماسي و مالي و اعلامي أمريكي …
صحفية و كاتبة تونسية

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *