انه الزلزال ياسادة..
اسيا العتروس
تكاد المشاهد تتكرر انقاض و ركام وجوه مرعوبة و اخرى تهرع بحثا عن مكان امن و صرخات تاتي من تحت المباني و اعوان الانقاذ يسابقون الزمان لاغاثة المنكوبين و ايقاف طاحونة الموت من تسجيل مزيد الضحايا , بعد أشهر على كارثة الزلزال الذي هزة هز تركيا و سوريا بكل ما خلفه من ضحايا و من جرحى و من خراب و دمار يتكرر المشهد قبل يومين في مدينة مراكش المغربية التي استفاقت و معها كل العالم على وقع المأساة التي قد لا تتضح نتائجها قبل الانتهاء من عمليات الانقاذ و اخراج العالقين تحت الانقاض …بعد الصدمة و بعد العودة الى الواقع بكل جروحه تبدأ التساؤلات لماذا و كيف حدث ما حدث و هل كان بالامكان تفادي كل هذه الخسائر البشرية لو توفر الحد الادنى من الضمانات في المباني التي هوت على رؤوس اصحابها و هم نيام …
لا خلاف أن ما حدث في المغرب و قبل ذلك في سوريا و تركيا و في كل مكان من العالم يضع التضامن الدولي الانساني موضع اختبار حيث يتأكد بعد كل كارثة طبيعية من زلازل أو فيضاضانات او حرائق أن صناع القرار في العالم قد غابت عنهم اشياء كثيرة في غمرة الازمات و الصراعات و الخلافات و الحروب و التنافس على صفقات السلاح التي استنزفت الجميع و جعلت البحث عن حلول او تمويلات او استثمارات تساعد الشعوب المنكوبة مسألة غير ذات اولوية …ما حدث في المغرب و الناس نيام ضاعف حجم المأساة و الزلزال الذي لم يكن بامكان اجهزة الرصد توقعه او التنبيه منه يؤكد ان ما حدث في مراكش و محيطها يمكن ان يحدث في أي مكان من العالم و أن ما حظي به المغرب امس من تضامن دولي و انساني من مختلف انحاء العالم هو الموقف الطبيعي الذي يجب ان يحدث في مثل هذه الاختبارات العسيرة التي لا يمكن لاي دولة او حكومة مهما كانت امكانيتها مواجهتها منفردة …و الاكيد أنه كلما تأخرت عمليات الانقاذ و البحث عن المنكوبين العالقين تحت الركام كلما ارتفع عدد الضحايا و هذا ما يجب الانتباه له و اخذه بعين الاعتبار و الاكيد أنه في المحن تتوارى الخلافات و الازمات و تحل معها القيم الانسانية التي لا تميز بين شعب و اخر …
يمكن القول أنه بعد صدمة الساعات الاولى التي تلت الزلزال استعادت مختلف دول العالم البوصلة و تسابقت في اعلان تضامنها مع المغرب …و كان واضحا أن الغرب كان المبادر في اصدار بيانات التعاطف و اعلان استعداده للمساعدة قبل أن تنضم العواصم العربية و الاسلامية و المغاربية تباعا في اعلان تضامنها مع المغرب و هذا صراحة هو الموقف الطبيعي المنتظر بين كل الدول العربية و العكس هو النشاز و الاستثناء الذي لا يمكن تصوره او القبول به …
لسنا في اطار محاكمة النوايا و لكن الكارثة التي هزت المغرب يفترض ان تفتع الاعين و الابصار عن المخاطر و التحديات التي يمكن ان تواجهها المنطقة في كل حين في ظل التقلبات المناخية غير المسبوقة و في ظل الازمات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية ..و قد لا نجانب الصواب اذا اعتبرنا أننا لم نتعلم الكثير او القليل من دروس كورونا التي كان يفترض ان تجعل شعوب المنطقة و قياداتها ينتبهون الى حجم و ثقل الامكانيات المتوفرة التي كان يمكن الاستفادة منها لتخفيف الكثير من الاعباء و اعادة رسم و تحديد الاولويات و حتى فتح الكثير من الافاق أمام شباب المنطقة المغاربية المحكوم عليها بالتفكك و الانقسام و التناحر و تحمل نتائج الصراعات التي لا تنتهي …
و قناعتنا اليوم أني لست الوحيدة التي كانت تتمنى ان تتوفر لها فرصة التبرع بالدم او المساعدة في عمليات الانقاذ باي طريقة كانت و الاكيد أن الكثير من المواطنين في مختلف دول المغرب العربي كانوا يتمنون التبرع بالدم و تقديم و جمع المساعدات لفائدة المنكوبين …قد لا يكون المغاربة بحاجة لهذه المساعدات و لكن الاكيد ان التضامن الانساني المغاربي أمر لا غنى عنه وأنه لا معنى اليوم لاستمرار غياب السفراء بين تونس والمغرب و لا معنى ايضا لغياب أي معلومة عن مصير التونسيين في هذا البلد …الاكيد أيضا انه عندما تكون فرق الانقاذ الاسرائيلية اول الفرق التي تصل الى المغرب بعد هذه الكارثة ما يعني أن هناك حاجة لاعادة قراءة المشهد و الانتباه جديا للحالة الرثة التي اصبحنا عليها ‘عربا و مغاربة …
كاتبة تونسية