انتصار نتنياهو في الانتخابات وتفاقم الصراع الداخلي في إسرائيل.. المقاومة هي الرد المتوقع

 انتصار نتنياهو في الانتخابات وتفاقم الصراع الداخلي في إسرائيل.. المقاومة هي الرد المتوقع

بسام ابو شريف

بسام أبو شريف
لم تطل حيرة المراقبين امام الانتخابات الإسرائيلية وحول من سيفوز في هذه الانتخابات قد جرت الانتخابات بسرعة وخرجت النتائج بسرعة وفاز معسكر نتنياهو .
وتماما كما كان من يراقب الاحداث في إسرائيل قبل الانتخابات بحيرة شديدة لا يعرف بالضبط اين سترسو فيها الأمور يصاب هؤلاء الآن بعد نتائج الانتخابات بحيرة مماثلة من حيث ماذا بعد وكيف سيعالج نتنياهو آثار وتبعات كل التآمر الذي تم قبل الانتخابات واللعب بالتحالفات وضرب بعض التحالفات على حساب المصالحة مع بعض تحالفات لا ترسو على أسس صلبة ومتينة الكل يتسائل ماذا سيحصل الآن .
ولا شك ان المتسائلين حول ماذا سيجري الآن وماذا سيتم بعد فوز نتنياهو بالانتخابات (وعندما نقول نتنياهو نقصد التحالف الذي بناه نتنياهو مع الليكود كي يفوز في الانتخابات ) .

لكن الحيرة التي سادت بعد النتائج لا تقل عن الحيرة التي سادت قبل الانتخابات فالتحالفات التي أقامها نتنياهو من اجل الفوز بالانتخابات لا تستند الى أسس صلبة بل هي هشة قد تتفجر في أي لحظة خاصة عند توزيع الحقائب الحكومية وكذلك الامر فان المؤامرات التي شغل نفسه وغيره بها نتنياهو ضد نزول المرشحين العرب في قائمة واحدة لم تبنى على أسس صلبة بل على أسس مصلحية ومرحلية سريعة سرعان ما تنتهي.
نقول رغم ذلك فان نتنياهو يعتبر نفسه في خط متناقض مع ما يطرحه بايدن من حيث حل الدولتين حتى لو كان هذا الإعلان شكليا ولا يتضمن إعطاء الفلسطينيين دولة حقيقية ذات سيادة كاملة والقدس عاصمة لها رغم اعلان بايدن ان القدس عاصمة لإسرائيل واعترافه بها الا ان نتنياهو لا يرى في الخط الذي يطرحه بايدن تجاه تسوية الأمور في الشرق الأوسط حتى من الزاوية الشكلية خطا مقبولا فقد اعتبر نتنياهو سابقا ان اتفاق أوسلو قد انتهى وان القوة هي أساس الاتفاق أي اتفاق تعقده إسرائيل مع أي قوة عربية واعتبر التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج والسعودية اعتبر ذلك نتيجة قوة إسرائيل وليس نتيجة تغيير في الموقف السياسي لتلك الأنظمة ورغبة منها ومن إسرائيل في إقامة سلام فقد قال لقد فرضنا هذا الاتفاق بقوة إسرائيل .
قال نتنياهو ذلك رغم ان الولايات المتحدة حتى في زمن ترامب حاولت ان تجعل من الامر اتفاقا بين طرفين وليس فرض الامر من طرف قوي على الأطراف الضعيفة والمستضعفة من ناحية ثانية اعتبر نتنياهو عندما كان رئيسا للوزراء سابقا وليس الآن فقط اعتبر ان الضفة الغربية هي يهودا والسامرة وان من حق الإسرائيليين الاستيطان فيها كما يريدون وان لا حق للفلسطينيين بملكية الأرض في يهودا والسامرة لانها ارض أعطاها الله لليهود .
نقول هذا الكلام لان لدى الإدارة الامريكية حسابات أيضا فلها مصالحها في المنطقة لانها لا تريد لحلفائها على الجانب الآخر قد فقدوا ماء الوجه امام شعوبهم وامام المنطقة فانهم يريدون ان يعطوهم ولو فتات المائدة على هذا الموضوع حتى يضمنوا الى حد ما نوعا من الحماية لحلفائهم على الطرف الآخر أي الطرف الخليجي السعودي .
من ناحية ثانية سبق لنتنياهو وهو في المعارضة ان اعلن انتقادات حادة جدا على موقف إسرائيل من الحرب الروسية الاكرانية فقد طالب بموقف واضح من هذا الامر واتهم الحكومة الإسرائيلية بعدم اتخاذ مواقف واضحة ضد الحرب التي اعتبر نتنياهو ان روسيا هي التي تشنها على اكرانيا وليس العكس وهذا ما جعل من العلاقات التي نسجت سابقا بين نتنياهو وبوتن علاقات مدمرة تماما اذ ان بوتن يرى في ذلك خيانة لاتفاقات سابقة وكذلك يرى بوتن ان ما مارسه نتنياهو اثناء حكمه من غارات على سوريا كان أيضا نوعا من الاخلال بتعهدات إسرائيل بالنسبة الى الوضع على الأرض السورية اكتشفت روسيا حقيقة موقف نتنياهو وانه كان يخدع روسيا وانه كان يكذب وانه كان يوافق لفظيا على خطوط حمراء لا يلتزم بها عمليا بل ينفذ ما تريده إدارة ترامب من هجوم دموي ناسف على الأراضي السورية تحت حجج مختلفة ولذلك فان نتنياهو سيتخذ مواقف اكثر حدة دعما لاكرانيا مما سيسبب تدميرا اكبر للعلاقات بين روسيا وإسرائيل وهذا سيعني بالضرورة تصاعد الدعم الروسي لسوريا حيث تقف سوريا التي وقفت الى جانب الاتحاد الروسي والى جانب المعسكر الذي يناضل من اجل خلق نظام دولي جديد متعدد الأطراف دعما يمكنها من تشكيل قطب قوي في الشرق الأوسط تلتف حوله قوى مناهضة ومقاومة للهيمنة الامريكية .

أي ان نتنياهو بسياسته المتطرفة سوف يساهم مساهمة كبيرة في فرز الأمور في الشرق الأوسط من حيث يصبح اللون الأسود اسود واللون الأبيض ابيض ولا مكان للون رمادي في هذه المعادلة .
وهذا سوف يؤثر تاثيرا كبيرا على نمو وتنمية وتصعيد قوى محور المقاومة خاصة في ظل التآمر الذي انكشف بكل ابعاده على الجمهورية الإسلامية في ايران ومحاولة بث الفتن والفوضى في المجتمع الإيراني تدميرا للنظام القوي المناهض للهيمنة الامريكية .
اذن مجيء نتنياهو من زاوية أخرى سوف يعكس نفسه على الأوضاع في الشرق الأوسط باتجاه مزيد من بلورة القطب المناهض للهيمنة الامريكية ومزيدا من رضوخ إسرائيل او الاتفاق الأميركي الإسرائيلي لاشعال حروبها حروب الولايات المتحدة الصغيرة المباشرة وغير المباشرة .
اما على الصعيد الفلسطيني فسيسعى نتنياهو لاثبات انه اقوى وان يده من حديد وانه يستطيع ان يوقف تنامي المقاومة التي أظهرت نموا كبيرا ومتصاعدا وتوسعا في زمن حكم لبيد وسيحاول اثبات انه الرجل القوي والذي سيضع حدا لتصاعد المقاومة وسيقضي عليها لذلك نتوقع حمامات دموية يرتكبها نتنياهو في الوضع الداخلي في الأراضي المحتلة وذلك كجزء من اثبات قوته من ناحية ومن ناحية أخرى لحل مشاكله وصراعات المجتمع الإسرائيلي وقواه السياسية وعصاباته ومافياته وفساده والفاسدين من الحاكمين لكن هذا لا يعني ان المقاومة سوف تدمر .
وهذا لا يعني ان الشعب الفلسطيني سوف يستكين .
وهذا لا يعني ان محور المقاومة سوف يحاول اللجوء للتهدئة مقابل هذا العنف الذي سيمارسه نتنياهو .
فالرؤية واضحة ان هذا التوسع الكبير والتصعيد الكبير في الحشد الشعبي الفلسطيني ونمو الوعي والرغبة في مقاومة الاحتلال لن يوقفه نتنياهو ولا استخدام مزيد من القوة .
لا بل بالعكس انني أتوقع ان زيادة استخدام القوة والبطش الدموي ضد الشعب الفلسطيني سوف يشعل النار اكثر وسوف يزيد المقاومة صلابة وقوة وسوف يدفع الشباب وغير الشباب لامتشاق السلاح ومواجهة قوات الاحتلال التي ستفقد توازنها وتفقد رؤيتها وتفقد شجاعتها وتفقد كل ما كان ينظمها سابقا اذ ستختل الموازين ولن تعرف إسرائيل من اين تواجه الضربات التي سيوجهها أبناء الشعب الفلسطيني لقوات الاحتلال هذا يعني ان حكم نتنياهو الذي سيبقى مزلزلا ومتفاقم الخلافات بينه وبين حلفائه سواء داخل الوزارة او خارج الوزارة هذا الحكم سيواجه تصعيدا في المقاومة قد يؤدي الى انفكاك وتهدم وسقوط الحكومة هذه .
بشكل اجمالي ان مجيء نتنياهو الى الحكم الآن هو مجيئه الى بيت يسود جدرانه واسسه شقوق عميقة تزلزله وتهدد بهدمه ولذلك فان تصعيدا في العنف ضد الفلسطينيين من ناحية وضد معارضيه في الحكم من ناحية ثانية وتعارضاته مع الإدارة الامريكية وموقف روسيا من مواقف نتنياهو سوف تساهم مساهمة كبيرة في في جعل هذه الشقوق في الأسس وحيطان مبنى الحكومة التي يرأسها نتنياهو شقوقا اعمق وتزلزل ذلك المنزل وربما تؤدي الى هدمه وهدم هذا المنزل سوف يعني بداية تفكك دولة إسرائيل وتحولها الى قطعان من الماشية المتصارعة وربما المتصارعة بالسلاح كل هذا سوف يخلق الفرص الكبيرة لقوى المقاومة بان توحد جهدها بان تصعد عملها بان تخطط اكثر بان تكون دقيقة اكثر وان تكون قديرة في إصابة الأهداف التي تساهم في زلزلة ذلك المنزل وهدمه .
اننا نرى بوضوح ان الفرصة قائمة لدحر إسرائيل واعادتها الى حجمها الطبيعي وليس الحجم المنتفخ اصطناعيا فإسرائيل ليست دولة عظمى وإسرائيل ليست قوة لا تهزم بل هي قوة نستطيع هزيمتها بحرب شعبية متصلة في كل زمان ومكان ويحول فيها الشعب الفلسطيني نفسه من شعب محاصر الى شعب يحاصر إسرائيل ويدفع قواتها للخروج من ارضه المحتلة .
ونحن بانتظار هذا المستقبل المشرق .
كاتب فلسطيني

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *