الكيان: السعودية قادت انهيار الائتلاف العربيّ المُعادي لإيران… استئناف العلاقات مع طهران وعودة سورية للحضن العربيّ إنجازٌ إيرانيٌّ مهمٌ يمنحها ودمشق شرعيّةً عربيّةً

الإنتشار العربي :أقرّت دولة الاحتلال عبر مسؤوليها الرسميين أنّ الاتفاق السعوديّ-الإيرانيّ برعايةٍ صينيّةٍ كان ضربةً قويّةً للمساعي الإسرائيليّة لضمّ المملكة إلى قطار التطبيع، كما تباهى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقب انتخابه لمنصبه للمرّة السادسة، وأكثر من ذلك فإنّ البرودة التي تُميِّز اتفاقيات التطبيع تؤكِّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ بأنّ اتفاقية الدفاع المُشترك مع دولٍ عربيّةٍ “سُنيّةٍ”، والتي كانت حلم إسرائيل، باتت في عداد المفقودين.
وفي هذا السياق رأى المُستشرق تسفي بارئيل، مُحلِّل الشؤون العربيّة بصحيفة (هآرتس) العبريّة أنّه “ليس هناك حاجة إلى قاموس جديد لندرك أنّ السعودية قررت إدارة استراتيجيا جديدة في الشرق الأوسط لا تكون فيها شريكة في ائتلاف بناه آخرون، بل هي المبادِرة والمخطِّطة والمنفِّذة لخطوات سياسية يمكنها تغيير وجه المنطقة”.
وشدّدّ المُستشرِق على أنّه “قبل استئناف علاقاتها مع إيران، قامت المملكة بانعطافة مذهلة في علاقاتها مع تركيا، عندما استأنفت علاقاتها مع الرئيس التركيّ الذي خاض معركة دبلوماسية ضدها، بسبب مقتل الصحافي جمال الخاشقجي، وساعدت أردوغان بمليارات الدولارات لمواجهة الأزمة الاقتصادية العميقة في تركيا.”
ولفت المُستشرق في تحليله، الذي نقلته إلى العربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، لفت إلى أنّ “التطبيع مع سورية اعتُبر مقابلاً سعودياً لاستئناف العلاقات مع إيران، لكنه أيضًا مرحلة أُخرى في الإستراتيجية عينها التي جعلت السعودية هدفًا لها إنهاء النزاعات والحروب في الشرق الأوسط. وبدلاً من الائتلاف المعادي لإيران الذي قاده بن سلمان قبل تعيينه وليًا للعهد، يبدو أنّه قرر بناء ميزان ردع سياسي، سيطلب فيه من إيران تنسيق سياستها مع الدول العربية، وخصوصًا السعودية، لقاء أرباح سياسية تستطيع السعودية منحها لها.”
علاوة على ما جاء أعلاه، أوضح المستشرق أنّ “استئناف العلاقات مع إيران وعودة سورية إلى الحضن العربيّ إنجاز إيراني مهم يمنح طهران ودمشق شرعية عربية، ويمكن أنْ تتحول مع الوقت إلى شرعية دولية. وفي الوقت عينه، فإنّ هذا يمنح السعودية مكانة وقوة تأثير في إنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وإنهاء الحرب المستمرة في اليمن منذ 8 أعوام، ويبدو أنّ المرحلة المقبلة هي مرحلة استئناف العلاقات بين مصر وإيران.”
وجزم المستشرق أنّ “هذه ليست أخبارًا رائعةً بالنسبة إلى إسرائيل. ليس فقط الائتلاف العربي المعادي لإيران ينهار أمام عينيها، بل أيضًا المفهوم التقليدي الثنائي الذي وفقاً له، لا يمكن لدولة موالية لأمريكا أنْ تكون حليفة لإيران، وُضع جانبًا. معادلة “معنا أو ضدنا” تمرّ بإعادة تأهيل، ليس بمبادرة من إسرائيل، بل على يد السعودية – التي تتطلع إسرائيل إلى انضمامها إلى اتفاقات أبراهام”.
“في الوقت عينه”، تابع بارئيل، “العملية الدبلوماسية السعودية يمكن أنْ تقيّد حرية نشاط إسرائيل في سورية، لأنّ سورية ذات السيادة والعضو من جديد في الجامعة العربية، والتي توشك على استئناف علاقاتها مع تركيا، وتحظى بدعم روسي كبير، يمكنها أنْ تجنّد منظومة علاقاتها الجديدة لكبح الهجمات الإسرائيلية في أراضيها. ومثل هذا الطلب السوريّ يمكن أنْ يحظى بتأييد كبير إذا نضجت محادثات التطبيع بينها وبين تركيا، والتي في إطارها، ستوافق تركيا على إخراج قواتها من الأراضي السورية”.
بالإضافة إلى ذلك، أشار المستشرق الإسرائيليّ إلى أنّ “تركيا ليست بحاجة إلى تشجيع سعودي من أجل استئناف علاقاتها مع نظام الأسد. سواء أردوغان، أو خصمه اللذان يتنافسان على الرئاسة في 28 من الشهر الحالي في دورة ثانية للانتخابات الرئاسية، يدعمان سياسة إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم”.
وأوضح بارئيل أيضًا أنّ “تركيا مضطرة إلى استئناف علاقاتها مع الأسد الذي يطالب في المقابل بخروج القوات التركية من سورية ومساعدة مالية سخية لاستيعاب اللاجئين. تركيا لا تملك مصادر تمويل لمساعدة الأسد على استقبال عودة مواطنيه، وفي إيران يطالب أعضاء في البرلمان حكومتهم بالحصول على الـ 20 مليار دولار التي أدانتها إيران لسورية، كما أنّ دول الغرب لا تسارع إلى توقيع شيكات من أجل بشار الأسد”.
وخلُص إلى القول إنّه “بقيت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، القادرتان على الدفع واستكمال عملية التطبيع بين تركيا وسورية، والتوصل إلى حلٍّ سياسيٍّ لإنهاء هذه الحرب الطويلة”، طبقًا لأقواله.