العفو الدوليّة توثّق وتؤكّد ارتكاب إسرائيل جرائم حرب بعدوانها الأخير ضدّ قطاع غزّة وتُطالِب محكمة الجنائيّة في لاهاي بالتحقيق.. 49 فلسطينيًا معظمهم أطفال استُشهِدوا بصواريخ الاحتلال بالغة الدقّة والفتك

 العفو الدوليّة توثّق وتؤكّد ارتكاب إسرائيل جرائم حرب بعدوانها الأخير ضدّ قطاع غزّة وتُطالِب محكمة الجنائيّة في لاهاي بالتحقيق.. 49 فلسطينيًا معظمهم أطفال استُشهِدوا بصواريخ الاحتلال بالغة الدقّة والفتك

الإنتشار العربي :قالت منظمة العفو الدولية في تقريرها البحثي الجديد إنّه ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الهجمات غير القانونية التي شُنت خلال الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في أغسطس (آب) 2022 بوصفها جرائم حرب، وقامت المنظمة بالاستناد إلى صور لشظايا أسلحة، وتحليل صور الأقمار الصناعية، وشهادات من عشرات المقابلات، بإعادة بناء الظروف المحيطة لعدّة هجمات محددة، نفذتها القوات الإسرائيلية، ويوضح التقرير الموجز الذي يحمل عنوان: (كانوا مجرد أطفال): أدلة على جرائم حرب خلال الهجوم الإسرائيلي على غزة في أغسطس/آب 2022، العوامل التي بسببها قد ترقى هذه الهجمات إلى جرائم حرب.
وخلصت منظمة العفو الدولية إنّ الهجمتين الإسرائيليتين معًا أسفرتا عن مقتل ستة مدنيين فلسطينيين، وطوال هجوم أغسطس/آب، تباهت السلطات الإسرائيلية بدقة عملياتها، غير أنّ منظّمة العفو الدولية وجدت أنّ من بين ضحايا هذه الهجمات “الدقيقة” طفلًا يبلغ من العمر أربع سنوات، ومراهقًا كان يزور قبر والدته، وطالبة تبلغ من العمر 22 عامًا كانت تمكث في المنزل مع عائلتها.
وقالت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “استمرّ الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة ثلاثة أيام فقط، ولكن ذلك كان زمنًا كافيًا لإطلاق العنان لموجة جديدة من الذعر والدمار ضد السكان المحاصرين. يجب التحقيق في الجرائم المميتة التي فحصناها بوصفها جرائم حرب، ويستحق جميع ضحايا الهجمات غير القانونية وأسرهم العدالة والتعويض”.
وتابعت:”ارتُكبت الانتهاكات التي وثقناها في سياق الحصار الإسرائيلي غير القانوني المستمر على غزة، وهو أداة رئيسة يوظّفها نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) الإسرائيلي، حيث يتعرض الفلسطينيون في غزة للهيمنة والاضطهاد والتفرقة والعزل، وهم عالقون في كابوس متواصل منذ 15 عامًا، ومأساة إنسانية متفاقمة تتخلّلها هجمات غير قانونية متكررة. وبالإضافة إلى التحقيق في جرائم الحرب المرتكبة في غزة، ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية النظر في الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة بنظام الفصل العنصري في إطار تحقيقها الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
وشدّدّ بيان منظمة العفو الدوليّة، الذي حصلت (رأي اليوم) على نُسخةٍ منه، على أنّه “في إطار إعداد هذا التقرير الموجز، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 42 شخصًا بمن فيهم ضحايا الهجمات، وأقارب القتلى أو الجرحى، وشهود عيان، وأطبّاء، ومسعفون، وتمنع السلطات الإسرائيلية منظمة العفو الدولية من دخول قطاع غزة منذ عام 2012، لذلك تعاقدت المنظمة مع عامل ميداني زار 17 موقعًا تعرض للهجمات وجمع أدلة مثل صور بقايا الأسلحة. وحلّل خبير الأسلحة ومختبر الأدلة في منظمة العفو الدولية الأدلة التي جُمعت على الأرض، فضلًا عن صور الأقمار الصناعية وغيرها من المواد مفتوحة المصدر ذات الصلة بالهجمات.
واعتبرت منظمة العفو الدولية أنّ لديها أدلة كافية لتقييم قانونية ثلاث من الهجمات الـ 17 التي وثقتها، وهذه الهجمات الثلاث هي محور هذا التقرير الموجز.
مقتل عشرات المدنيين
في 5 أغسطس/آب 2022، شنت إسرائيل ما وصفته بالهجوم العسكري على قطاع غزة، مستهدفةً حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وجناحها العسكري سرايا القدس. وقالت السلطات الإسرائيلية إنّ الهجوم جاء ردًا على تهديدات بتنفيذ هجمات.
وقُتل وفقًا للأمم المتحدة 49 فلسطينيًا نتيجة القتال، وتشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أنّ القوات الإسرائيلية قتلت 33 فلسطينيًا، من بينهم 17 مدنيًا. ومن بين الفلسطينيين الباقين الـ16 الذين قتلوا، خلصت منظمة العفو الدولية إلى أنّ 14 منهم كانوا من المدنيين.
مقتل دنيانا العمور
قُتلت دنيانا العمور وهي طالبة فنون جميلة تبلغ من العمر 22 عامًا وتعيش مع أسرتها في قرية بالقرب من خان يونس في جنوب قطاع غزة، أثناء ما تعتقد منظمة العفو الدولية أنها أول هجمة إسرائيلية في هجوم نهاية الأسبوع. ففي حوالي الساعة 3:55 مساءً، 5 أغسطس/آب، أصاب مقذوف أطلقته دبابة إسرائيلية منزل عائلة العمور، مما أسفر عن مقتل دنيانا وإصابة والدتها فرحة، وشقيقتها أريج البالغة من العمر 25 عامًا. وقال عدنان العمور، والد دنيانا، الذي كان يسقي أشجار الزيتون في حقله عندما سمع الضربة، إنّ زوجته وأبناءه كانوا يشربون الشاي داخل المنزل في ذلك الوقت، كما كانت عادتهم كل يوم جمعة.
ومكّنت معاينة الصور الفوتوغرافية لبقايا الذخائر خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية من تحديد نوع المقذوف الذي قتل دنيانا بأنه قذيفة دبابات تُصنّعها وتستخدمها إسرائيل ويُحقق احتمال إصابة وفتك عاليين مع ضرر جانبي ضئيل.
وخلصت منظمة العفو الدولية إلى أنّ القوات الإسرائيلية استهدفت منزل عائلة العمور عمدًا، ولم تعثر المنظمة على أدلة تشي بأن أحد أفراد عائلة العمور يمكن أن يُعتقد بشكل معقول أنه منخرط في قتال مسلح.
الهجمة على مقبرة الفالوجة
في حوالي الساعة 7 مساء في 7 أغسطس/آب، أصاب صاروخ مقبرة الفالوجة في جباليا شمال قطاع غزة، وأسفر ذلك عن مقتل خمسة أطفال هم: نظمي أبو كرش، 15 عامًا، وأربعة أبناء عمومة هم جميل نجم الدين نجم، أربع سنوات، وجميل إيهاب نجم (14)، وحامد حيدر نجم (16)، ومحمد صلاح نجم (16). وأصيب أمير أبو المعزة، البالغ من العمر ثماني سنوات، بجروح خطيرة خلّفت شظايا عالقة بالقرب من نخاعه الشوكي.
وسكن جميع الأطفال في مخيم جباليا للاجئين شديد الاكتظاظ، وقال حيدر نجم، والد حامد نجم، إنّ الأطفال كثيرًا ما كانوا يلعبون في المقبرة حيث توجد مساحة أكبر. كان نظمي أبو كرش البالغ من العمر خمسة عشر عامًا يزور قبر والدته عندما وقعت الهجمة، وقال والده فايز: “وفجأة، سمعنا ضربة صاروخ ينفجر على مسافة قريبة منا. فركضت نحو المقبرة شأني شأن كل أهل الحارة تقريبًا. وشرع الناس في جمع أجزاء الجثث، الأشلاء.ولم يستطع الأهالي التعرف على أطفالهم. ولم يعرفوا ما إذا كانت الأجزاء التي يحملونها تعود إلى أبنائهم”.
وخلص خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية إلى أنّ القطع المعدنية المخروطة خراطة ملساء التي صورها العامل الميداني في الموقع تتوافق وشظايا صاروخ إسرائيلي موجه.
وأفاد سكان محليون أنّهم سمعوا صوت مُسيّرة تحلق في السماء قبيل وقوع الهجمة. ويشير غياب أهداف عسكرية واضحة إلى أنّ الغارة ربّما كانت هجمةً مباشرًا متعمدًا على مدنيين أو مواقع مدنية، وبالتالي قد تشكل جريمة حرب.
خلفية
سبق أنْ وثقت منظمة العفو الدولية عمليات قتل غير قانوني وجرائم حرب محتملة في غزة. وتحدد المنظمة في الفصل السادس من تقريرها الصادر في شباط (فبراير) 2022، نظام الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد الفلسطينيين نظامٌ قاسٍ يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية كيف ترقى هذه الأعمال إلى الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري.

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *