السيناتور بيرني ساندرز يحثّ الجمهوريين على معارضة التمويل العسكري لإسرائيل

واشنطن- – سعيد عريقات
قال السيناتور الأميركي بيرني ساندرز (من ولاية فيرمونت) يوم السبت بأن “60% من الأميركيين يعارضون حرب نتنياهو الوحشية ضد الشعب الفلسطيني”، ودعا الجمهوريين إلى معارضة تمويل حرب إسرائيل على غزة.
وقال ساندرز في منشور على موقع X: “نحرز تقدمًا في حثّ الديمقراطيين على التصويت ضد تمويل هذه الحرب . والآن حان وقت حثّ الجمهوريين. هل يرغب الجمهوري العادي في إنفاق مليارات الدولارات على تجويع الأطفال؟ لا أعتقد ذلك”.
وأردف ساندرز قائلا : “لا يريد الأميركيون التواطؤ في المجاعة المتفاقمة والمجازر اليومية في غزة. يمتلك الكونغرس سلطة التصرف – استخدام نفوذنا المتمثل في مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية لمطالبة إسرائيل بإنهاء هذه المذبحة. سيُدين التاريخ من يتقاعس عن ذلك”.
وكان ساندرز ينوه إلى التصويت الذي حدث مساء الأربعاء الماضي، 30 تموز ، للتصويت الذي رفض في مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قرار يحظر مبيعات الأسلحة الأميركية لإسرائيل، كاشفًا عن انقسامات جديدة بين الديمقراطيين ومُسلطًا الضوء على الإحباط المتزايد من سلوك إسرائيل في غزة، حيث صوت 27 ديمقراطيا من أصل 48 عضوا في المجلس لصالح القرار في خطوة غير مسبوقة.
وفي مقال نشره في صحيفة “بوسطن غلوب” السبت، أشار ساندرز إلى التصويت قائلا: ” هذا الأسبوع، وللمرة الثالثة خلال تسعة أشهر، نجحتُ في إجبار مجلس الشيوخ على التصويت لوقف شحنات الأسلحة إلى حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، التي شنّت حربًا مروّعة وغير أخلاقية وغير قانونية ضد الشعب الفلسطيني.. هذه المرة، وبأغلبية 27 صوتًا مقابل 17، صوّتت الكتلة الديمقراطية في مجلس الشيوخ على وقف إرسال الأسلحة إلى حكومة نتنياهو. وصوّت جميع كبار الديمقراطيين في لجان العلاقات الخارجية والقوات المسلحة والمخصصات بنعم. صوّت جميع الجمهوريين على مواصلة تسليح إسرائيل، حتى في الوقت الذي تُجوّع فيه الأطفال الفلسطينيين الأبرياء. لكن الأمور تتغير ببطء”.
وكرر ساندرز أن الشعب الأميركي لا يريد إنفاق مليارات الدولارات لتجويع الأطفال في غزة.
وقال ساندرز في مقاله : “دعوني أشرح لماذا هذه الأصوات ضرورية: لا أحد يُجادل في أن حماس منظمة إرهابية شنّت هجومًا وحشيًا في 7 تشرين الأول 2023، أسفر عن مقتل 1200 شخص بريء واحتجاز 250 رهينة. كان لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ولذلك، فإن هذا النقاش لا يتعلق بحماس، بل بالولايات المتحدة. إنه يتعلق بما إذا كنا سنلتزم بالقانون الأمريكي والدولي، أم سنستمر في إرسال مليارات الدولارات إلى حكومة متطرفة ارتكبت فظائع مروعة في غزة”.
وقال ساندرز أنه على مدار الـ 21 شهرًا الماضية، تجاوزت حكومة نتنياهو مجرد الدفاع عن إسرائيل. لقد شنّت حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، أسفرت عن مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني وجرح أكثر من 146 ألفًا، مشيرا إلى إن الخسائر في صفوف الأطفال لا تُوصف، حيث أفادت الأمم المتحدة بمقتل أكثر من 18 ألف طفل، منهم أكثر من 12 ألفًا في سن الثانية عشرة أو أقل. وبُترت أطراف أكثر من 3 آلاف طفل.
“كما تُظهر صور الأقمار الصناعية أن القصف الإسرائيلي العشوائي دمر 70% من جميع المباني في غزة. وتقدر الأمم المتحدة أن 92% من الوحدات السكنية قد تضررت أو دُمرت. يعيش معظم السكان الآن في خيام أو مبانٍ مؤقتة، بعد أن نزحوا مرارًا وتكرارًا دون أي شيء سوى ملابسهم” بحسب ساندرز.
وندد ساندرز بتدمير إسرائيل للبنية التحتية في غزة بشكل منهجي، حيث دُمّرت معظم المستشفيات. وقُتل أكثر من 1500 عامل في مجال الرعاية الصحية. واختفى ما يقرب من 90% من مرافق المياه والصرف الصحي. وقُصفت جميع جامعات غزة الاثنتي عشرة. وانقطعت الكهرباء لمدة 21 شهرًا. وقد زادت حكومة نتنياهو من تفاقم هذا الرعب من خلال التجويع المتعمد. “فمنذ (2) آذار وحتى (27 ) أيار ، منعت إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية – لا طعام ولا ماء ولا وقود ولا إمدادات طبية – لمدة 11 أسبوعًا. ومنذ ذلك الحين، لم يُسمح إلا بدخول قدر ضئيل من المساعدات، وهو ما لا يكفي بأي حال من الأحوال لسكان غزة المحاصرين البالغ عددهم مليوني نسمة”.
والنتيجة ، بحسب ساندرز ،متوقعة: الناس يموتون جوعًا :”يموت الأطفال والأشخاص الضعفاء. ولا تستطيع الأمهات الجائعات إرضاع أطفالهن. وقد نفدت العلاجات الغذائية من المستشفيات، ويعاني الطاقم الطبي من الإغماء من الجوع. ويفيد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بأن ثلث السكان لم يأكلوا منذ عدة أيام. وأعلنت مجموعة مراقبة الأغذية المدعومة من الأمم المتحدة مؤخرًا أن “أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث حاليًا في قطاع غزة”.
ويستشد ساندرز بوصف مارك براونر، الطبيب الأميركي العائد من غزة، كيف أن العديد من الأطفال “تجاوزوا بالفعل نقطة اللاعودة، حيث تآكلت وظائفهم الحيوية لدرجة أن مجرد إعادة التغذية قد تُسبب الموت. بدأت بطانة الأمعاء بالهضم الذاتي، ولن يكون لديها قدرة امتصاص كافية للماء أو التغذية. للأسف، الموت وشيك لآلاف الأطفال على الأرجح”.
وعلى الرغم من هذه الأزمة، استبدلت إسرائيل 400 موقع توزيع مساعدات تابع للأمم المتحدة بأربعة مواقع عسكرية فقط تديرها شركات أمن خاصة. أصبحت هذه المواقع ساحات قتل للمدنيين. في غضون شهرين، أُطلق النار على أكثر من 1300 فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، حيث كان الجنود الإسرائيليون يطلقون النار بشكل روتيني على الحشود العُزّل.
يقول ساندرز : “هذه ليست استراتيجية عسكرية. لا يوجد هدف عسكري لتجويع الأطفال. هذه محاولة لتدمير شعب. هذا تطهير عرقي. وقد قال المسؤولون الإسرائيليون ذلك بأنفسهم. تعهد وزير المالية بأن “غزة ستُدمر بالكامل”. وصرح وزير آخر: “ستكون غزة كلها يهودية… نحن نقضي على هذا الشر”. دعا أحد أعضاء الكنيست إلى “محو غزة بالكامل من على وجه الأرض”.
وأشار ساندرز إلى تحوّل الرأي العام الأميركي، حيث أُظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخرًا أن 32% فقط من الأميركيين يؤيدون العمل العسكري الإسرائيلي في غزة، بينما يعارضه 60%. 8% فقط من الديمقراطيين يؤيدون هذه الحرب، و25% فقط من المستقلين.
“ومع ذلك، قدّمت الولايات المتحدة أكثر من 22 مليار دولار للعمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بدء هذه الحرب. تُستخدَم أموال دافعي الضرائب الأميركيين لتجويع الأطفال، وقصف المدنيين، ودعم وزراء نتنياهو المجرمين” وفق ما ذكره ساندرز.
ويقول السيناتو ساندرز، وهو يهودي أميركي، “ولهذا السبب، أجبرتُ مرارًا وتكرارًا على التصويت لمنع مبيعات الأسلحة الهجومية لإسرائيل. لقد استُخدمت قنابلنا لتسوية المناطق المدنية بالأرض وتدمير مدارس الأمم المتحدة. لقد ذهبت بنادقنا لتسليح قوة شرطة يشرف عليها الوزير اليميني المتطرف إيتامار بن غفير، الذي أُدين بدعم الإرهاب ووزّع أسلحة على مستوطنين عنيفين في الضفة الغربية. تنتهك هذه المبيعات بوضوح القوانين الأمريكية التي تحظر نقل الأسلحة إلى دول تقتل المدنيين وتمنع المساعدات الإنسانية”.
ويختتم مقاله مشيرا إلى : “في وقتٍ يُطلق فيه الجنود الإسرائيليون النار بشكل روتيني على المدنيين الذين يحاولون الحصول على الطعام، وتواجه غزة مجاعةً جماعية، ويُرهب فيه المستوطنون المتطرفون الفلسطينيين في الضفة الغربية، ينبغي على الولايات المتحدة ألا تُقدّم المزيد من الأسلحة لتمكين هذه الفظائع”.. يريد الأميركيون أن ينتهي هذا. إنهم لا يريدون أن يكونوا متواطئين في مجاعةٍ مُتفاقمة ومجازر يومية. يمتلك الكونغرس القدرة على التصرف – استخدام نفوذنا المتمثل في مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية لمطالبة إسرائيل بإنهاء هذه المذبحة… سيُدين التاريخ من يتقاعس عن ذلك”.