التهجير الناعم.. والإقليم المباح

 التهجير الناعم.. والإقليم المباح

دكتورة ميساء المصري

دكتورة ميساء المصري
إنها لعبة حرب من زعيم معزول وزعيم متهم، زعيم يهرب من فساد ومحكمة وزعيم يبيع الأوطان كعقارات على رصيف بيت أبيض فكيف لهما أن يصنعا السلام ..وبمباركة أشباه زعماء.. قيل يوما عنهم أنهم عرب مسلمون، نسوا أن التأريخ يتبرأ من بطولة زائفة مهما طال زمانها، بل وصمة لن يمسحها التأريخ فالمؤامرات لها وقت صلاحية ينفذ الى حين.
اللعبة جاءت عدوانية متناقضة منقوصة الحقوق مسلوبة الأرض ويتم تضخيمها لصناعة أبطال جدد وكشف خونة، وحرق أبطال من ورق. إن الإعلان عن التغيير الجذري هو أسلوب ترامب أكثر منه أسلوب تحقيق الهدف.. والمقصود رهانات جيوسياسية أكبر من تلك الموجودة في أنقاض غزة، أو من أهل الضفة الغربية الذين يتعثرون في طريقهم للمشي فيها.
وما نأخذه، هو النتيجة، وما يجري تنفيذه حقا في الإقليم الذي يدور رحى المخطط على أرضي فلسطين والأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر وغيرها، وبعيداً عن الإرث السياسي الأمريكي الذي أصبح يقدم نفسه كوسيط غير عادل، وامكانية تنفيذ السلام بالقوة! فنحن أمام دولة إحتلال تملك قوة أمريكا، أمام قاعدة صهيونية في قلب أمريكا والكيان، أمريكا التي تدرس حال السياسة أولاً بأول، أكبر دولة بحثت في مفهوم الدولة التي تمتلك قدرات عسكرية وجغرافية وجيوسياسية، والقوة الجيوسياسية هي أهم عناصر قوتها من خلال توظيفها على أساس التوسع الجغرافي، وتعتبر الدول كالكائنات البشرية التي تنمو وتتوسع، وتضعف وتتقلص. الخطة يا أعزائي.. بالون إختبار بحجم الشرق الأوسط والشعوب التي تراوح مكانها عاجزة، لكن السؤال أين يكمن نجاحها ؟
دعونا نتحدث نقطة تلو أخرى، فالواقع يصدمنا بينما التأريخ لا ينسى كم تم الحديث علنا عن التسوية، و تهيئة المناخات السياسية بالقوة لإضعاف مكانة المجتمع الدولي وأوروبا من الصراع الدائر وتطويع الحالة العربية لنصل الى هذه النقطة من الشرذمة والإنقسام والخنوع .
نعم يواصل نتنياهو حربه للحفاظ على حكومته، وسموتريتش و بن غفير، وضخ مليارات لميزانية الحكومة، والتهرب من المحاكمة، وتحقيق أجندة الليكود والصهيونية الدينية في السيطرة على مفاصل دولة الإحتلال بصيغتها القومي اليهودي المتطرفة. ولكن إلى أي مدى يستطيع نتنياهو المراوغة؟
أن نتنياهو الأن يستخدم مفهوم القوة عبرالأساليب التقليدية من إبادة المدنيين وثم تهجير أكبر عدد ممكن من سكان غزة. والسعي إلى تغيير خريطة الإقليم، وضم الأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة وتهويد الأقصى والقدس وإعادة تشكيل الأمن بما يتناسب مع المصالح الإسرائيلية، وفرض التطبيع، فالإقليم يعيش حالة من الإضطراب والتغيير، وما زال يعيش حالة من التشكل والتجدد، والنموذج السوري مثالاً أولياً. خاصة مع فرض المزيد من شروط الإذلال على البيئة العربية بل قد نصل إلى موقف نرى فيه حملة عسكرية متعددة الجبهات كما يحدث في سوريا وجنوب لبنان، وذلك لإعادة تشكيل وتعزيز أمنها ونفوذها الإقليمي على المدى الطويل.و فرض وقائع جديدة على الأرض لمنع أي حل سياسي مستقبلي، حيث تسعى إسرائيل إلى توسيع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين قسرًا وضم ما تبقى من الأرض.
والإعتراف بيهودية الدولة، والمتابع لما جاء به قانون القومية ينص على أن لليهود الحق بالإستيطان في المنطقة العربية أينما يريد وعلى الدولة الاسرائيلية توفير الحماية والرعاية لكل يهودي، أي بمعنى إعلان قومية الدولة اليهودية من البحر الى النهر، انه التهجير الناعم بكل الطرق المبطنة والمعلنة .ان أطماع اسرائيل بالمنطقة العربية بأكملها، لآن قانون القومية لم يرسم حدود الدولة اليهودية وهذا هو الخطر الكبير على الدول الواهمة التي تطبع مع إسرائيل .ظنا منهم أن اسرائيل ستكون حليفا ضد العدو الوهمي المصطنع
ولا نغفل أن بعض قادة الساسة والعسكر الصهاينة ينادون أن الكيان لا يمكن أن يعتبر الوطن البديل هدفاً إستراتيجياً ونهائيا له . بل فيه خطر وتهديد دائمين، من زاوية افتراضِه بوجود دولة محاذية له تحتضن شعباً وعلى مرمى نظره دولة تحتل أرضه ووطنه. وهنا نطرح أسئلة أساسية عن إلى أي مدى يجب أن يكون الهدف أمنيا؟ وكم هي المساحة المطلوبة ؟وهل هذا مطلب أساسي ودائم لأمن إسرائيل؟ كما تم التصريح ؟وكيف تتلاءم مساحة الأرض سواء في سوريا او جنوب لبنان وغيرها مع مخطط صهيوني عام لتكون بمثابة الجناح الشرقي لإسرائيل؟والى أي مدى ينبغي أن تكون المنطقة توسعية الى أية حدود مع التوسع الصهيوني على دول الخليج؟ ومن هنا نفهم إذن المغزى من تضييع الفرصة أم إستغلالها لما يتوقون لتحقيقه.
وهل سيتم الدفع لعقد إتفاقية مع إسرائيل أهم من وادي عربة ولصالح اسرائيل؟ ماذا عن مفاوضات رباعية أو أكثر ولمن ستوجه الدعوة؟ وما يتبع ذلك من ثمن، قد تكون السلطة الفلسطينية نفسها ؟؟ التناقض بالتصريحات كان واضحا ومقصودا، و إسرائيل، هي السلطة الحاكمة هناك، ويبقى السؤال الأهم ما هي أوراق الضغط التي تمتلكها دول الإقليم وتستطيع إستخدامها لمنع تأثيرها السلبي عليها؟ فهل يفعلها الحكام ؟؟؟.
من المؤكد أن اسرائيل ماضية في تطبيق ما هو أبعد لصالح كيان صهيوني أكبر..ومع الحديث عن يهودية الدولة لن نغفل عن دهاليز أخرى في علم الصهاينة أهمها بناء الهيكل الوثني الثالث على أنقاض مسجد قبة الصخرة… فهل نحن مهتمون؟
للأسف كيان اسرائيل ككل غير شرعي، لكن العالم لا يقدم سوى نبذ لعروبتنا وإسلامنا، ويستمرون بخطة الكيان الصهيوني للشرق الأوسط تحت مسمى نظام شارون وإيتان الاستراتيجي وبصقة القرن ومسميات أخرى بشرط توفر الإنقسام العربي والإسلامي، وزيادة الخلل في ميزان القوى وغياب الشعوب العربية الحقيقية التي تنادي بحرية أوطانها…لا بتوفير لقمتها والتي سيتم تكميم أفواهها بتوفير المساعدات والإعفاء من الديون أو بعضها.
كاتبة وباحثة متخصصة في شؤون الشرق الأوسط
almasrri.maissa74@yahoo.com

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *