الأردن يملك أوراق قُوّة لكن أوراق الضّغط أكبر وأشرس.. وأنصح الفلسطينيين بالابتعاد عن الأنظمة!

 الأردن يملك أوراق قُوّة لكن أوراق الضّغط أكبر وأشرس.. وأنصح الفلسطينيين بالابتعاد عن الأنظمة!

فؤاد البطاينة

فؤاد البطاينة
دُلّوني على حاكم خائن في تاريخ البشرية تجرَّأَ على التحالف والتعاون علناً لا سراً مع عدو بلده وشعبه ومحتل أرضه من غير حكامِ عربِ اليوم؟ دلوني عن سابقة تاريخية فيها حاكم دولة يأخذ شرعيته وحمايته من عدوه غير حكام عرب اليوم، دلوني عن جيش دولة في التاريخ كان مرتزقاً على وطنه غير جيوش عرب اليوم، دلوني إذا بقي على الأرض حكامٌ من غير حكام العرب يدعون بأنهم مرسلون من عند الله، ليبرروا خياناتهم واستعبادهم لشعوبهم. دلوني على حاكم عربي يدل فعله على أنه مثقف أو غير مهووس أو غير مجنون؟ هؤلاء هم نصف العنوان لسقوط أمة، والمطلوبون للدور والتناوب عليه.
وفي التصف الثاني، دلوني عن أمة تقع على رأس الأمم ثراء استراتيجياً وأموالاً، بينما ناسها جياع ويُحارَبون بالتجويع غير أمة العرب. دلوني هل في هذا العالم شعب يدعي التدين ولو بعشر حجم ما تدعيه شعوبنا ومع ذلك تتخلى عن حق الدفاع عن النفس وتُخفي استكانتها وكفرها بالتذرع بالقدرية، وتحارب عدوها بالأدعية. دلوني على أحزاب ومعارضات سياسية شعبية عبر التاريخ تعمل في حضن نظام دكتاتوري وبموجب قانونه لتكون في خدمته غير معارضات الشعب العربي، ودلوني عن نخب شعب وطنية سيوفها ألسنتها وقد بدحت ولا يتخطونها لفعل سوى فعل الشر في مؤسسات سفّاحيها، دلوني عن شعب غير شعبنا أصبح خزاناً للتجنيد ارتزاقاً على بلده ووطنه أو في منظمات إرهابية يصنعها عدوه.

فمن أين تكون البداية لانتشال أمة من مستنقع الذل والإضمحلال، وأين طرف الخيط ومن هي الجهة التي تتولى هذا الحل حين يكون الخلل عاماً في شعوبنا وحكامنا وثقافتنا، وحين تتشارك الشعوب مع حكامها في تفضيل العبودية على الحرية وفي رياء الإنتماء لدولة أو وطن وفصل العقل والقيم عن الغرائز ومجافاة الناموس على الأرض. فهل اختُزل العرب بالفلسطيني؟ اليوم أفهم حلول العاجزين وأتفهم المشعوذ عندما يضرب بحذائه وجه مريضه، رحماك ربي هل هذا الجيل منا فاسق وبفسقه انقسم بين علية تركع لمانح المتع، وعامة تعبد اللقمة وتسجد لمحتكرها.
في كل الحالات ليس أمامنا للخلاص سوى العودة لأصل ومكمن جرح الأمة في فلسطين، فقد خضعنا وحدنا لاستعمار أعمق من رحم استعمار طويل على يد الأوروبيين المتحالفين مع الصهيونية. واحتلت فلسطين كأكبر قاعدة استعمارية في العالم ويمتد اليوم احتلالها الى الأردن لتهويد القطرين تمكيناً لإخضاع واستعمار المنطقة العربية . فكان أن انتشر السرطان الصهيوني في كل أقطارنا وسكنت لزوميات الإحتلال في أجسادنا وحرفت عقولنا ومسخت مفاهيمنا ووجهت سلوكنا لخدمة المشروع الصهيو غربي. لا أغوص في جلد الذات فليس في هذا العالم من سلِم من شر الصهيونية التي تنكر حق الحياة للأخر إلّا كعبد، وعتاة الدول تتحاشى الصدام معها وتعلم باليقين بحتمية المواجهة معها يوما ما. لكنا كعرب في قلب المحرقة ولسنا بوارد الإنتظار.
إن إزالة الإحتلال من فلسطين هو المقدمة الوحيدة في معادلة إخراج العرب من مستنقع الذل والإضمحلال. فهذا النصر وحده الذي يصنع فرقاً وينهي أسباب بيئة العمالة والهدم والقهر والتجويع وغسل الأدمغة ويسقط الدكتاتوريات العميلة المرتبط وجودها مباشرة بتمكين الإحتلال وتنفيذ المشروع الصهيوني في بلادنا وبالحالة البائسة لشعوبنا . فهذا شرط لتأسيس بيئة بناء الإنسان العربي من جديد، والتحرر العربي . وعلى هذا الصعيد لا أتوقع فعلاً بهذا الإتجاه على الساحة العربية الشعبية ولا تراجعاً في سياسة الأنظمة. إلّا أن سيرورة النظام الأردني هي الأخطر، ولا يغني عن دوره أو يسد مسده لإسرائيل ومشروعها أي نظام عربي أخر، فوحده من بين أنظمة العرب يمتلك المفاتيح لإسرائيل لإتمام مشروعها في فلسطين والتمهيد له في الأردن، تماماً كما وحدها المقاومة الفلسطينية الشعبية تمتلك المفاتيح لإفشال الإحتلال ومشروعه. وهذا تذكير للهاشميين.
وبالمناسبة، لمن يعتقد بأن النظام الأردني بيده أوراقاً ضاغطة فإنه ينسى أن الأوراق عليه أكثر وأقوى وأعمق، وأن إسرائيل لم يعد لها مصلحة باتفاقية وادي عربه وتتصرف مع الأردن بما هو أبعد فلكياً منها، وأن النظام لا يغامر بأي تخاذل بأمن الحدود مع فلسطين، وثمنه العاجل قد يكون احتلال الأغوار الأردنية ومرتفعاتها وشيطنة النظام الهاشمي وملاحقته. وجيشنا لم يعد كما كان، واليد العليا للجيش الأمريكي. وشعبنا هو كمن تحت الأنقاض.

يقول الحكماء، ساعد نفسك ليساعدك الأخرون، ومع أن الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال قد جسد بطولات وخوارق الشعوب الخرافية وجعلها حقيقة في مقاومته وصموده في طوبوغرافيا غير مواتية ومحيط متأمر، إلّا أن هذا أبقى القضية حية من دون أن نلحظ تجاوباً دوليا . وهذا يعود لتعاون سلطة أوسلوا الممثل الرسمي للشعب الفلسطيني مع سلطة الإحتلال وعدائها للمقاومة أولاً، ثم إلى إقامة معظم الأنظمة العربية علاقات تعاون سياسي واقتصادي استراتيجيين مع كيان الإحتلال . وإن طارحي حل الدولتين الذي لا يحل المشكلة ويرفضه الكيان والشعب العربي معاً، هم كذابون ومراؤون ومختبئون خلفه كاختفاء الطفل بكفيه، ولا يستحمرون سوى أنفسهم حين يزامنوا مطلبهم به بتعميق التعاون مع الكيان وليس بشيء من الضغوطات عليه.
وفي الحل أقول، إنه لقدر خيانة العرب أن يتشرف الشعب الفلسطيني تاج الشعوب، بحمل الأمانة وحده نيابة عن الأمة وغسلاً لعارها بدمائه وعُريه وجوعه وشُح وسائله، إنها أمانة المقاومة المسلحة التحريرية على أن تكون مدعومة بانتفاضة شعبية . وهذا كفيل بهز المجتمع الإسرائيلي الاستيطاني المهزوز أصلاً بفقدان إيمانه بالإنتماء لأرض محتلة، وتحجيم هجمة الكيان وأذرعه على فلسطين والدول العربية، وبهز الشعوب العربية والأنظمة المطبعة وتحفيز المجتمع الدولي وبالتالي بالتحرير الكامل بتكرار سيناريو خروجهم من جنوب لبنان . ولكن ليعلم كل عربي أو مسلم يبحث عن الحق والحقيقة والكرامة الإنسانية بأنها في فلسطين، وبأن الكعبة اليوم وعرفة والحج ورجم الشيطان “والجنة والنار” هي اليوم في فلسطين وكذا التقرب لله، وأن الصلاة والزكاة والجهاد فيها، وبغير ذلك فإنه من رهط الضالين والمغضوب عليهم و…….إلى أخره .
كاتب وباحث عربي

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *