اتساع نطاق المقاطعة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية ‏

 اتساع نطاق المقاطعة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية ‏

المحامي علي أبو هلال ‏

بعد انطلاق حملة مناهضة سياسة الفصل العنصري الإسرائيلية يوم الاثنين 21 من الشهر الحالي، في عدة ‏جامعات في الولايات المتحدة، أخذت المقاطعة لإسرائيل تتسع وتشمل مؤسسات أخرى، حيث قررت جمعية ‏دراسات الشرق الأوسط الأميركية‎ (MESA) ‎رسميا مقاطعة إسرائيل أكاديميا، وجاء هذا القرار بعد أن صوت ‏أعضاء الجمعية العاملين يوم 25 من شهر آذار/ مارس الجاري بأغلبية 80% لصالح قرار يؤيد المقاطعة ‏الأكاديمية لإسرائيل‎.‎

وبذلك أصبح هذا القرار رسميا ونهائيا بعد أن صادق أغلبية أعضاء الجمعية عليه بواقع 768 صوتا ‏‏(80٪) لصالحه، مقابل 167 صوتا ضده وامتناع 22 عن التصويت‎.‎‏ ويؤيد القرار دعوة مؤسسات المجتمع ‏المدني لمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض عقوبات على إسرائيل كوسيلة لمحاسبة الحكومة الإسرائيلية ‏على انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان، ومن المقرر أن يتشاور مجلس إدارة الجمعية بعد التصديق على ‏القرار، مع لجنة الحرية الأكاديمية لإنفاذه، بما يتفق مع اللوائح الداخلية لـلجمعية والقوانين الفيدرالية وقوانين ‏الولايات والقوانين المحلية الأميركية ذات الصلة‎.‎

وخلال فترة تصويت أعضاء الجمعية على قرار المقاطعة حاولت منظمات “اللوبي” المؤيد لإسرائيل من ‏خلال حملة علاقات عامة وترهيب إسقاط القرار، شملت الضغط على فروع دراسات الشرق الأوسط في ‏جامعات فلوريدا وتكساس للانسحاب من الجمعية تحت التهديد بتفعيل قوانين أقرتها الولايتان بمنع الدعم ‏الحكومي عن مقاطعي إسرائيل، فيما نفذ أنصار الحق الفلسطيني في الولايات المتحدة حملة اتصالات ‏هاتفية ورسائل بريدية والكترونية لحض أعضاء الجمعية على التصويت لصالح القرار‎.‎

ويذكر أن جمعية دراسات الشرق الأوسط الأميركية‎ (MESA) ‎قد تأسست عام 1966 ويتجاوز عدد ‏أعضائها الحالي 2700، وهي “بمثابة منظمة جامعة لأكثر من 50 عضوا مؤسسيا و36 منظمة تابعة”، ‏مكونة من تحالف المجلس الأميركي للجمعيات العلمية والمجلس الوطني لجمعيات دراسات المنطقة، وهي ‏عضو في التحالف الوطني للعلوم الإنسانية‎.‎‏ وتضم الجمعية عددا كبيرا من المؤرخين الأميركيين، وفيها أكبر ‏مجموعة من المتخصصين في دراسات الشرق الأوسط ومدرسي العلوم السياسية والعلاقات الدولية ‏والأنثروبولوجيا واللغة والأدب‎.‎‏ وفي الوقت الذي تسعى فيه حكومة الاحتلال تكثيف اتصالاتها بالدول ‏الغربية، وترميم علاقاتها بالإدارة الأمريكية الديمقراطية، فإنها تبدي قلقها من تبعات قرار أعضاء جمعية ‏أمريكا الشمالية لدراسات الشرق الأوسط (‏MESA‏) في مؤتمرها السنوي الأخير في “ديسمبر”، بتعزيز جهود ‏حركة المقاطعة “‏BDS‏”، وإعلان المقاطعة الأكاديمية للجامعات الإسرائيلية، لإظهار التضامن مع الباحثين ‏الذين تتعرض حياتهم، وسبل عيشهم للهجوم من الحكومة الإسرائيلية.‏

وتبذل حكومة الاحتلال كثيرا من الجهود العلنية والسرية لمواجهة حركة المقاطعة المتنامية والمتزايدة، عبر ‏ترويج الادعاءات الكاذبة ضدها، والتحذير من أن هذه المقاطعة ستؤدي الى إلغاء التعاون البحثي مع ‏المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية، ووقف برامج التبادل الطلابي، وإجراء المراجعات اللازمة للمنشورات ‏العلمية. وبسبب الضغوط التي تعيشها دولة الاحتلال من نتائج جهود حركة المقاطعة، لاسيما على الأصعدة ‏الثقافية والأكاديمية، فإنها تحاول توجيه دعاية مضادة للجامعات الفلسطينية بزعمها أن الحركات الطلابية ‏تؤيد المنظمات الإرهابية الفلسطينية، وتعتمد المناهج الدراسية التي تدعم العمليات الفدائية، وجعلها جزءًا من ‏محتويات الكتب المدرسية. في المقابل، تقوم الدعاية الإسرائيلية المضادة لحركة المقاطعة الأكاديمية بترويج ‏مزاعم مفادها أن نشاطات ‏BDS‏ تضر بشكل مباشر بالمؤسسات الأكاديمية المختلفة، الفلسطينية ‏والإسرائيلية على حد سواء، كما أنها تمس بفرص الأكاديميين والطلاب الفلسطينيين في بداية رحلتهم العلمية ‏لأنهم يقاطعون نظراءهم الإسرائيليين، فضلا عن التسبب في توقف مشاريع تقديم المنح الدراسية التي ‏يحظون بها، وإعاقة التعاون بين المؤسسات الأكاديمية حول العالم مع المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية ‏والإسرائيلية.‏

لكن دولة الاحتلال تتجاهل في الوقت ذاته ما تقوم به من حملات اعتقالات يومية تطال طلاب الجامعات ‏في الضفة الغربية، بزعم أن هذه الجامعات تعمل كمأوى للإرهابيين، وفي الوقت نفسه تفرض حكومة ‏الاحتلال قيودا جديدة على عدد وهوية محاضرين وطلاب أجانب في الجامعات الفلسطينية في الضفة ‏الغربية‎.‎‏ وينظم هذا الإجراء فرض قيود جديدة مشددة على دخول مواطنين أجانب إلى الضفة والمكوث فيها، ‏ومن ضمن هذه القيود إلزام المحاضرين والطلاب الأجانب بتقديم طلبات العمل والانتساب للجامعات ‏الفلسطينية في القنصلية الإسرائيلية في موطنهم، حيث تتم المصادقة على دخول المحاضر الأجنبي للضفة ‏بعد أن يثبت لمسؤول في وحدة المنسق أن “للمحاضر مساهمة هامة بالتعليم الأكاديمي، اقتصاد المنطقة أو ‏دفع التعاون والسلام الإقليمي”. ‏

إن اتساع نطاق مقاطعة اسرائيل بمختلف أشكالها سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها من الدولة، ‏سيكون له تأثير كبير على إسرائيل، وهذا ما يفسر قيامها بحملة معادية لحركة المقاطعة، وللجامعات ‏الفلسطينية أيضا.‏

*محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.‏

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *