هل يجعل ترامب فنزويلا يمنا آخر؟
ناصر قنديل
نقاط على الحروف
ناصر قنديل
كما هي العادة دائما عند الذين يعبدون العجل الأميركي، تحليلات ننطلق من رؤية قاصرة لا ترى إلا القوة الأميركية امامها قدرا لا يرد، وفي مناخ التصعيد الأميركي ضد فنزويلا ينشغل هؤلاء بالتمهيد للحديث عن سقوط فنزويلا بالضربة القاضية لمجرد اتخاذ قرار الحرب في البيت الأبيض، ويكتفي هؤلاء المطبلون ينفي فرضية انخراط روسي وازن ينتج عنه ازمة شبيهة بأزمة الصواريخ السوفياتية الى كوبا المعروفة بأزمة خليج الخنازير التي كادت تشعل حربا عالمية، وانتهت بسحب الصواريخ السوفياتية يومها مقابل إلغاء قرار الحرب الأمريكية على كوبا، و يستخلصون من الانشغال الروسي بحرب أوكرانيا عدم وجود ظرف مشابه لمناخات أزمة خليج الخنازير، وتصبح فنزويلا بنظرهم فريسة سهلة ولقمة سائغة.
عندما اتخذت السعودية قرار الحرب على اليمن، و تضامنت معها الإمارات ودول الخليج كان هؤلاء المطبلون أحد أسباب التورط الخليجي بالحرب، بعدما صورا اليمن فريسة سهلة ولقمة سائغة، لكن الرياض اكتشفت بعد ثماني سنوات من الحرب انها تورطت بحرب لن تنتهي، وأن الخيار الأمثل هو البحث عن تسوية، وكانت السعودية قد تيقنت خلال ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأولى أن واشنطن التي شجعتها على الحرب تحت شعار ضرب أذرع إيران هربت من ساحة الإسناد الذي طلبته السعودية بعد ضربة أرامكو، وعندما وقع طوفان الأقصى وتولى اليمن فتح جبهة إسناد غزة هرعت واشنطن للتدخل لأن اسرائيل هي المعنية ليس السعودية او اي بلد عربي، وعندما طلبت واشنطن من الرياض المشاركة في حلف حارس الازدهار لمواجهة اليمن، وسعي أمريكا لإشراك دول البحر الأحمر في الحرب للحصول على الشرعية الإقليمية بغياب الشرعية الدولية لحربها، رفضت الرياض وكانت النتيجة بعد سنة ونصف أن واشنطن انسحبت من الحرب مفضلة الهزيمة على حرب استنزاف بدا أن اليمن يسيطر على مسارها، ويستطيع إغراق سفن وربما حاملات طائرات خلالها.
نجح اليمن بإنتاج موازين قوى جديدة حجز خلالها مكانة إقليمية ودولية، عندما قام بتطوير سلاح الصواريخ والطائرات المسيرة مستفيدا من التطور الإيراني التكنولوجي، لكن مستندا الى كفاء يمنية عريقة في ميدان تصنيع السلاح النوعي والصاروخي خصوصا، وما كان في البدايات بعد أربع سنوات من الحرب، وظهرت كفاءته في ضربة أرامكو، ظهر بصورة اشد قوة خلال المواجهة اليمنية الأميركية ولاحقا اليمنية الإسرائيلية، ويكفي ان نعلم ان معهد حروب البحر الأميركي استخلص أن البحر الأحمر غير مناسب لخوض مواجهة بحرية لأميركا ناصحا بعد ارسال حاملات طائرات وسفن ثقيلة إليه في حال مواجهة مع اليمن، بعدما فشل الرادارات والدفاعات الجوية في ضمان الحماية اللازمة للسفن والحاملات من صواريخ اليمن وطائراته المسيرة التي اصابت اهدافها مرارا، فيما نجح اليمن ببلوغ مطار بن غوريون مرارا بطائراته لمسيرة وصواريخه المجنحة، وفشلت الدفاعات الجوية الاسرائيلية المستندة كلها الى تقنيات ومنصات ورادارات وذخائر أميركية .
فنزويلا الدولة العالمية الأولى باحتياطيات النفط ورابع احتياطي غاز في النصف الغربي للكرة الأرضية، تبعد عن السواحل الأميركية ذا المسافة الي تفصل اليمن عن فلسطين المحتلة، ومثلما اعتمد اليمن على الصمود في أيام وسنوات الحرب الأولى، ستفعل فنزويلا، ومثلما نجح اليمن بالصمود بينما علماؤه يطورون الصواريخ والطائرات المسيرة حتى املك سلاح الردود امسك بالبحار بصواريخه وطائراته المسيرة سوف تفعل فنزويلا، وخلال وقت قصير سوف تصبح فنزويلا يمن البحر الكاريبي الذي سوف يصبح محرما على السفن وناقلات النفط الأميركية، وحاملات الطائرات والسفن الحربية الأميركية سوف تضطر الى الابتعاد ألفي كيلومتر عن فنزويلا، وسوف تكون المدن التي تقع ضمن دائرة شعاعها 2500 كلم معرضة للاستهداف ومن ضمنها واشنطن العاصمة وأجزاء من نيويورك و ميامي و ولايات نيو جيرسي وبنسلفانيا وديلاوير و ميريلاند وفيرجينيا و جورجيا وساوث كارولينا، ولن تجدي الدفاعات الجوية لحمايتها، مثلما فشلت الدفاعات نفسها في حماية حاملة الطائرات هاري ترومان، وفشلت الدفاعات المماثلة بحماية مطار بن غوريون.
لا شيء يضمن أن لا يرتكب دونالد ترامب حماقة شن حرب على فنزويلا، لكن الأكيد أن الحرب لن تقف بعد الضربة الأولى، وأن التفكير بالغزو البري حماقة أكبر، وأن مسار هذه الحرب يشبه كثيرا مسار عاصفة الحزم التي استهدفت اليمن، وسرعان ما تصبح فنزويلا يمن البحر الكاريبي، الذي سوف يكون على أميركا تجنب الإبحار فيه دون اتفاق مع فنزويلا
