هل فشلت القبب الحديدية في اعتراض صواريخ المُقاومة من جنوب لبنان وغزّة لأسبابٍ “تقنيّة” فعلًا أم لأسبابٍ أُخرى.. ما هي؟ وحتّى متى يتأخّر ردّ كتائب الضفّة على إعدام الشيخ عدنان وشُهداء نابلس الثلاثة؟ وما هو جديد قواعد الاشتِباك الذي غيّر ويُغيّر المُعادلات على الأرض؟

 هل فشلت القبب الحديدية في اعتراض صواريخ المُقاومة من جنوب لبنان وغزّة لأسبابٍ “تقنيّة” فعلًا أم لأسبابٍ أُخرى.. ما هي؟ وحتّى متى يتأخّر ردّ كتائب الضفّة على إعدام الشيخ عدنان وشُهداء نابلس الثلاثة؟ وما هو جديد قواعد الاشتِباك الذي غيّر ويُغيّر المُعادلات على الأرض؟

عبد الباري عطوان

الإنتشار العربي :عبد الباري عطوان
من أبرز مُفاجآت الحرب الأخيرة التي جرت بين فصائل المُقاومة الفِلسطينيّة وجيش الاحتِلال على أرضيّة استشهاد الشيخ خضر عدنان أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي، فشل القبة الحديديّة “فخر” الصناعة العسكريّة الإسرائيليّة في اعتراض رشقة من الصواريخ من قطاع غزة ثأرًا لإعدام الأسير في زنزانته الانفراديّة وعدم تقديم الرّعاية الصحيّة اللّازمة له.
جيش الاحتلال اعترف بهذا الفشل، وردّه إلى حُدوث “خلل فني” أصاب هذه المنظومة الدفاعيّة، مما أدى إلى تدنّي نسبة أدائها، وفشلها في اعتراض مُعظم الصواريخ الفلسطينيّة، سواءً تلك القادمة من قطاع غزّة (26 صاروخًا)، أو الأخرى القادمة من جنوب لبنان وتزيد عن 34 صاروخًا من نوع “كاتيوشا”، و”غراد”، وللمرّة الأولى مُنذ أكثر من 20 عامًا.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” قالت نقلًا عن خُبراء عسكريين إن مُعدّل نجاح هذه المنظومة (القبب الحديديّة) في صدّ الرشقات الصاروخيّة لم يزد عن 67 بالمئة، وهو رقم مُنخفض بالمُقارنة ممّا ادّعاه دانيال هاجري المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي بأنّ نسبة اعتراض الصواريخ من غزّة بلغت 90 بالمئة، ولهذا أدّى هذا الفشل إلى وقوع أكثر من عشر إصابات في صُفوف المُستوطنين في غلاف غزة إحداها كانت خطيرة.


الحقيقة التي حاول الجيش الإسرائيلي، والمتحدّثون باسمه إخفاءها، هي أن القبّة الحديديّة ما زالت على حالها، ولم تُصب بأيّ خلل فني، ولكن ما تغيّر هو تطوّر تقنيات صواريخ المُقاومة سواء المُنطلقة من جنوب لبنان أو قطاع غزة، وزيادة دقّتها وفعاليّتها، وبات الذين يُشرفون على إطلاقها أكثر حنكةً، ودهاءً، بعد تحديث قُدراتهم في دورات تدريب نظريّة، وعمليّة مُكثّفة، سواءً داخل الأراضي المُحتلّة أو خارجها.
ما نُريد أن نؤكّد عليه أن فصائل المقاومة سواءً في الداخل الفِلسطيني المُحتل، أو في الخارج المُجاور الحُدودي، مِثل جنوب لبنان، باتت تتبنّى قواعد اشتباك جديدة، ومتطوّرة، وأبرزها المُزاوجة بين إطلاق الصواريخ في الجو، وتصعيد عمليّات المُقاومة على الأرض في الضفّة الغربيّة في الوقت نفسه، وهذا ما يُفسّر كثافة الهجمات المسلّحة، بالبنادق الرشّاشة التي نفّذتها كتائب جنين، و”عرين الأسود”، ونابلس، والقسّام، والاقصى، وسرايا القدس، وأدّت إلى مقتل ما يَقرُب من 20 جُنديًّا ومُستوطنًا إسرائيليًّا مُنذ بداية العام.
كتائب المُقاومة لم تنتقم حتّى الآن لاستشهاد الشيخ خضر عدنان، ولا لعمليّة اقتحام 200 جندي ورجل أمن وكوادر القوّات الخاصّة الإسرائيليّة لبلدة نابلس القديمة، مُتخفّين في ملابس نسائيّة، ومحميين من المُسيّرات في الجو، وإعدام ثلاثة من المُقاومين، نفّذ اثنان منهم عمليّة الغور قبل شهر حيث جرى قتل ثلاث مُجنّدات، ومن مُقاتلي حركة “حماس” بينما كان الثالث الذي وفّر لهم المأوى من شباب كتائب شهداء الأقصى الفتحاويّة، في تجسيد عملي لوحدة السّاحات، ووحدة المُقاتلين.
اللّافت أن كتائب المُقاومة في الضفّة الغربيّة باتت تعمل بصمت، وتبتعد عن المُغريات الإعلاميّة مثلما كان عليه حال فصائل الفكهاني في لبنان في القرن الماضي، ولا نستبعد أن نصحوا قريبًا جدًّا على أنباء عمليّات انتقاميّة ضخمة ضدّ قوُات الاحتِلال على غِرار عمليّات تل أبيب والخضيرة وديزنغوف والسبع وحوّارة.
القبب الحديديّة التي تطوّرت بمِليارات دافع الضرائب الأمريكي فشلت في الارتقاء إلى مُستوى سُمعتها المُفبركة إسرائيليًّا، ومنع الصواريخ الفِلسطينيّة من الوصول إلى أهدافها، مثلما تحطّمت أُسطورة دبّابة “الميركافا” في حرب تمّوز اللبنانيّة عام 2006 بفضل صاروخ “الكورنت” الروسي الأصل، السّوري التّصنيع، وفي القريب العاجل ستنتهي عربدة الطائرات المُقاتلة الإسرائيليّة مِثل “إف 16″ و”إف 15” بعد أن بدأت عُقول المُقاومة الجبّارة في لبنان وقِطاع غزّة تطوير صواريخ “أرض جو” مُضادّة ستنجح في نهاية المطاف في إسقاطها.


ربّما يعتقد البعض أنٍنا نُبالغ، ونُضخّم من حجم وفاعليّة أسلحة محور المُقاومة وفصائله، وردّنا هو “ألم يَسخَر هؤلاء من صواريخ المُقاومة المُصنّعة في قطاع غزّة، ومعامل تحت الأرض في جنوب لبنان، وقالوا عنها عبثيّة”؟ ألم يستهزأ هؤلاء أنفسهم بالمُسيّرات الإيرانيّة التي لعبت دورًا ملحوظًا في ترجيح كفّة الجيش الروسي في حرب أوكرانيا؟
إنّهم يصنعون البنادق الرشّاشة في الضفّة الغربيّة وسيصنعون قريبًا الصواريخ، وسيُهرّبون مدافع الهاون إلى المُقاتلين، طالما استمرّ الاحتِلال، وتغوّله ضدّ أبناء الأرض، واغتيال شبابهم من الجنسين، وإهانتهم أمام الحواجز، وقلْع أشجار زيتونهم، وللمَرّة الألف نقول إن احتِلال الخمْس نُجوم بدأ يَلفُظ أنفاسه الأخيرة، والعام الحالي 2023 سيدخل التاريخ كعامٍ شهد ولادةً مُختلفةً لمُقاومةٍ مُختلفةٍ.. والأيّام بيننا.

Editor Editor

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *