مشروع التحرير الوطني الفلسطيني: قراءة من أجل التاريخ والمستقبل(حلقة 3)
مسعد عربيد وأسامة عمّوري
الجزء الثاني
قراءة عاجلة في المشهدالراهن
أ) سمات المشهد الفلسطيني
1) ضياع في الإستراتجية والتكتيك:رغم الاتفاق على الثوابت الوطنية والقومية في ميثاقي م. ت. ف. (أي القومي لدى تأسيسه عام 1964، والوطني عام 1968 حين هيمنت حركة “فتح” عليها)، ورغم الاختلافات التي أحاطت بالبرنامج المرحلي عام 1974 (برنامج النقاط العشر)، فإنه باستطاعة المراقب أن يلحظ غياب التوافق بين الفصائل الفلسطينية على آلية (أو آليات) تنفيذ المشروع التحرير الوطني (أو حتى الوصول إلى الدولة المزعومة). بعبارة أخرى، لم تحدد هذه الفصائل التكتيكات المتاحة.
وحتى لو افترضنا انه تم الاتفاق على إستراتجية التحرير فإنه لم يتم التوافق على آليات تنفيذها. وحتى البرنامج المرحلي (إذا وافقناً جدلاً على إدعاء أصحابه بأنه طرح حينها ك”تكتيك”)، حتى هذا البرنامج لم يتم التوافق على آليات تنفيذه.
ومن نافل القول، أن استراتيجية التحرير الوطني، والتي تم تأكيدها لفظياً مراراً وتكراراً، لم يملك أحد الأمانة ولا الجرأة أن يعلن أنه قد تخلى عنها.
2) الانقسام القائم بين سلطتي الضفة الغربية (“فتح” ومنظمة التحرير الفلسطينية) وقطاع غزة (“حماس”). يعتمد كلاهما على الخارج في بقائهما، ولكنهما عاجزتان عن البقاء دون التمويل الخارجي، والمفارقة أنهما لا زالتا تقتتلان.
3) غياب مشروع التحرير الوطني: هذا هو المشترك بين كل هذه الفصائل هو، فالمطروح الآن هي “حلول” تدور حول إقامة الدولة، ولا تنطلق هذه الحلول من مشروع تحرير كامل التراب الفلسطيني.
4) المقاومة: لقد أثبت شعبنا أنه متمسك بالمقاومة بكل أشكالها وعلى الأخص الكفاح المسلح ولم تنطلي عليه مؤامرة تجريده من سلاحه وإدعاء أن النضال السلمي كافٍ لتحقيق أهدافه بينما هو يواجه استعماراً استيطانياً يعمل يومياً على إلغاء الهوية الوطنية الفلسطينية بكل الوسائل بدءً بالتطهير العنصري والاستيطان والتهويد ودفع أبناء شعبنا للهجرة وصولا إلى سرقة التراث الحضاري لشعبنا الموروث عبر الاف السنين. إلا أن شعبنا انحاز بشكل واضح للقوى الصاعدة من المقاومة وتباعد عن مَنْ تخلى عنها وعن الكفاح المسلح.
ب) المكونات السياسية الفلسطينية
(القوى السياسية الفاعلة)
لا يتسنى فهم ما يحصل في الساحة الفلسطينية اليوم دون تحديد المفاصل الرئيسية للمشهد السياسي ودون تحديد مواقع كافة القطاعات والقوى السياسية والاجتماعية/الطبقية الفاعلة
في الصراع الدائر وموقفها من مشروع تحرير فلسطين. وفيما يلي نورد باختصار أهم هذه القوى ومواقفها:
أولاً: اليمين
يتمثل الفصيل المهيمن والمتحكم بقرارات ومقدرات م.ت.ف. في حركة “فتح”. وهو فصيل، دون الانتقاص من إرثه النضالي، يستقوي بماضيه وتاريخه النضالي على حساب الوطن وتحريره. فقد حسمت قيادة “فتح” أمرها قبل مؤتمر مدريد واتفاقيات أوسلو وقررت الدخول في التسوية الصهيو-أميركية (بغض النظر عن تنظيرات “تمرحل النضال”، “نبذ العنف”، “سلام الشجعان”… وصولاً إلى عودة هذه القيادة وغيرها من قيادات الفصائل الفلسطينية إلى الضفة الغربية وقطاع غزة أي إلى سجن الاحتلال.
وتمثل قيادة “فتح” مصالح شريحة كومبرادورية من البرجوازية الفلسطينية اليمينية، مصالح طبقية واقتصادية وسياسية مرتبطة بالاحتلال الصهيوني ورأس المال العالمي.
يرتكز موقف القيادة اليمينيةفي “فتح” و م.ت.ف. على:
- الاعتراف بالكيان الصهيوني ما يعني التخلي عنه 78% من أراضي فلسطين؛
– تسويه على الأراضي التي احتلها الكيان الصهيوني في حرب حزيران 1967 أو على جزءٍ منها؛
– التمسك بالسلطة في الضفة الغربية أو تلك الأجزاء منها التي يسمح لها الاحتلال الصهيوني بإدارة الحكم الذاتي فيها مقابل حراسة الكيان الصهيوني عبر شن حرب يومية مستمرة على افراد وقوى المقاومة من شعبنا بتنسيق أمني كامل مع الكيان الصهيوني.
ثانياً: اليسار
ويشمل فصائل تعتمد خطاباً يصر لفظياً على تحرير فلسطين ولكنه التحق عملياً ومنذ عقود ببرنامج اليمين وظل معتمداً عليه مالياً (م. ت. ف. أو السلطة).
تفتقر هذه الفصائل لمقومات الاستقلال والاعتماد على الذات، ما أدى إلى اعتمادها المالي على جهات خارجية (الفصيل الفلسطيني المهيمن، الأنظمة العربية، المصادر الإقليمية)، وينطبق هذا على الفصائل داخل م ـ ت. ف. وخارجها في الضفة والقطاع.
ثالثاً: الفصائل الأخرى في م.ت.ف.
وهذه ايضاً تفتقر لمقومات الاستقلال والاعتماد على الذات، ما أدى إلى اعتمادها المالي على جهات خارجية. ولهذا، وعلى الرغم من مواقف الرفض والمعارضة اللفظية لسياسات الفصيل المهيمن لم تستطع ان توقف مسيرة التنازل و التخلي. وهذه حالة قائمة منذ سبعينيات القرن الماضي وقبل تشكيل جبهة الرفض عام 1974.
رابعاً: قوى الإسلامية الفلسطينية
حركة المقاومة الإسلامية (حماس)
تؤكد حركة “حماس” في مواثيقها وتصريحات قادتها، على العديد من المبادئ، نسوق أهمها:
– حركة “حماس” “حركة عالمية” و”أحد فروع الإخوان المسلمين في فلسطين”؛
– “المشكلة الفلسطينية هي مشكله دينية”؛
– “تعتقد حركة المقاومة الإسلامية أن أرض فلسطين أرض وقف إسلامي على أجيال المسلمين إلى يوم القيامة، لا يصح التفريط بها أو بجزءٍ منها أو التنازل عنها أو عن جزءٍ منها…”؛
– “القومية، من وجهة نظر حركة المقاومة الإسلامية، جزء من العقيدة الدينية”؛
– تؤكد قيادة حركة “حماس” على المقاومة والكفاح المسلح، وفي الوقت ذاته توحي بمواقف رمادية مثل حل الدولة أو حل الدولتين؛
– ولكنها لا تملك رؤية ولا برنامج واضح لتحويل قطاع غزة إلى أرض محررة غير محاصرة من كل الجوانب الجغرافية لتكون قاعدة وحاضنة حقيقية لتحرير باقي الأرض الفلسطينية، كما انها فشلت في تأسيس إدارة مدنية ثورية تكون نوذجاً وطنياً يمثل الكل الوطني الفلسطيني، بل انها احتكرت السلطة لنفسها؛
– تعتمد هذه الحركة في بقائها والحفاظ على سلطتها على التمويل والريع بشكل كبير من قطر وتركيا، وهما دولتان تقيمان علاقات وطيدة مع الكيان الصهيوني، كما أنهما ركيزتان أساسيتان لحركة الإخوان المسلمين وقياداتها على المستوييْن العربي والدولي.
خامسا:
غير أن ما ذكرناه أعلاه لا يمثل كل الناس ولا كافة فئات الشعب الفلسطيني. ولا يسعنا أن نغفل النقابات العمالية ومنظمات والطلبة والمراة، وأنشطة وفعاليات ومؤتمرات القطاعات الشعبية داخل الوطن المحتل وفي الشتات، وكذلك فئات الأكاديميين والمثقفين والكتّاب. فالكل ينشط اليوم ويتحرك في كل مكان. أما منظمات الشعب الفلسطيني في الشتات، فتحظى بأهمية خاصة كون الشتات يضم أكثر من نصف الشعب الفلسطيني لكن تمثيلها مسلوب ومقزم ولا يعبر عن حجمها ولا حقوقها ولا مصالحها الأساسية التي هي جزء عضوي من هدف التحرير الكامل وحق العودة الى الوطن.
الانتخابات الفلسطينية
سؤال في الجدوى
لسنا في معرض مناقشة الأحداث والتطورات واللقاءات بين حركتي “فتح” و”حماس” وكافة الفصائل وتوافقاتها حول انتخابات (قبل إلغائها) السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي واستكمال المجلس الوطني (مخرجات لقاء الأمناء العامين في رام الله وبيروت 3 ايلول 2020، اجتماعات اسطنبول وقطر وحوارات القاهرة… وغيرها). ولكنه لا ينبغي لنا في الآن ذاته أن نقفز عن طبيعة هاتين الحركتين ومسيرة كل منهما والعلاقة بينهما منذ عام 2006، ولا يليق بنا، من موقع المسؤولية، أن نندفع بحماسة إلى تصديق الشعارات والخطابات الإنشائية التي كثيراً ما تلاعبت بمشاعر الجماهير وانتهت في نهاية المطاف إلى المراوحة في مكانها دون تحقيق أي إنجاز عملي في خدمة مصالح شعبنا.
لا يختلف اثنان على أن القوى المشاركة في الانتخابات الفلسطينية (على المستويات الثلاثة: رئاسة السلطة، المجلس التشريعي، المجلس الوطني الفلسطيني)، هي ذاتها التي شاركت في انتخابات عام 2006، وأن مصالحها لم تتغير، بل تعمقت بحيث أصبح الطرفان الرئيسان في الضفة الغربية وقطاع غزة (حركتا فتح وحماس) أكثر تمسكاً بها.
وعليه فالسؤال يكون: ما هي النتائج التي قد تنجلي عن مثل هذه الانتخابات او التوافقات بين فتح وحماس وبقية الفصائل، بعيداً عن مصالح كلٍ منهما؟
تعددت الإجابات والحجج التي تدفع بالانتخابات وترى فيها “ضرورة” وطنية ملحة لرأب الصدع وتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام والتشرذم في الحالة الفلسطينية.
■ يحاجج بعضهم أن “حماس” قد أدركت أنه لم يعد بوسعها رفع الحصار عن غزة وتخفيف معاناة شعبنا هناك، معاناة طالت وتنذر بهزات تهدد سلطتها (حماس)، فرأت في الاقتراب من السلطة في الضفة الغربية حلاً أو جزءً من الحل، أو أقله، بعض الانفراج. إذا صحت هذه الحجة، فإن ما يقول هؤلاء هو، بعبارة أخرى، الاقتراب أو التوافق مع سلطة قامت على أساس اتفاقيات أوسلو وهي (السلطة) مرتبطة بالاحتلال الصهيوني ومنسقة معه.
لاحظ أن كل هذا يجري تحت شعار/غطاء: إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة/الوحدة الوطنية المنشودة.
■ حجة أخرى تتساءل: هل يُعقل أن “حماس” تراهن على تغيير السلطة أو تغيير في السلطة لأنها استفادت من كارثة أوسلو؟ أم أنها في مأزق ومتورطة في حكم قطاع غزة، ما يٌفسر تساهلها وتنازلاتها للسلطة عن شروطها عبر السنوات الحوارات المصالحة، مثل عن شرط تزامن الانتخابات (التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني؟ (في الحقيقة أن اتفاقيات أوسلو في نظر أصحابها ليست كارثة، بل حلم تحقق).
لنا أن نحوم حول كل هذه الأسئلة، ولكن على حماس أن تجيب على السؤال التالي: بعد كل التجارب منذ عام 2006، هل تثق حماس بالسلطة في رام الله؟
لا شكّ أن حماس تعرف الإجابة. وهي لا تثق بالسلطة، ولكنها، كما يبدو، عازمة على المضي في هذا الدرب الذي سيفضي بها إلى التزامات أوسلو.
■ أما أخرون فيأتون بمقولة: لقد جربنا كل شيء ولم نحقق شيئاً، وهذا هو كل ما تبقّى لنا، في ظل المتغيرات والظروف المحلية والعربية والإقليمية والدولية.
ولكن متى كان الاستسلام للاحتلال طريقاً لتحرير الأوطان وحرية الشعوب! وماذا سيقدم الاستسلام للاحتلال الصهيوني؟
■كثيرون، وهم في ازدياد، يسوّقون لمقولة: إن فلسطين قضية إنسانية، قضية كرامة ومساواة ولا بد لنضالنا أن يركز على مناهضة الفصل العنصري (الأربارتهايد) والتطهير العرقي. نعم قضية فلسطين هي كذلك، ولكنها قبل ذلك وفي الأصل قضية احتلال استيطاني اقتلاعي وتطهير عرقي لوطن، ونضالنا يجب أن يكون مشروع تحريره.
في الإجابة على هذه الحجج، يمكن الخلل المشترك فيها كلها: وهو التجاهل المتعمد عن حقيقة أن المشروع الصهيوني وتجسيده المادي في الكيان الصهيوني هو، في الجوهر، مشروع احتلال وإحلال وهيمنة:
– احتلال فلسطين؛
– واقتلاع شعبها – صاحب الأرض وإحلاله بالغزاة المستوطنين؛
– وهيمنة على الوطن العربي ومقدرات شعوبه.
هذه هي حقيقة الصراع.
ج) قراءة قاصرة للمتغيرات في واقعنا وفي العالم من حولنا
هناك العديد من المتغيرات على كافة المستويات، فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، ولكننا نكتفي بالتوقف دون استفاضة عند سمتين أساسيتين للمشهد السياسي الراهن:
■ يدّعي أصحاب النهج الاستسلامي في الخطاب الفلسطيني أن العالم قد تغير، وهذا صحيح. فالعالم قد دخل مرحلة جديدة بعد الانهيار السوفييتي وصعود وحدانية القطبية الأميركية وتوحش العولمة الرأسمالية، ولكنه صحيح أيضاً أن هذه المرحلة تشرف على نهايتها، وليس شرطاً أن يحدث هذا في الأفق القريب. وهذا يعني أننا على أبواب نظامٍ عالميٍ جديد يستبدل وحدانية القطب الأميركي بعالم متعدد القوى والأقطاب (روسيا، الصين، الهند… كقوى اقتصادية وسياسية وعسكرية)، وهو نظام آخذٌ بالتبلور والصعود منذ عدة سنوات.
إذن، العالم القائم اليوم سائر إلى زوال، بل هو يتغير ويسير متجهاً نحو اصطفافات مغايرة:
– اصطفافات لقوى ودول (وحتى مجموعات ومنظمات إقليمية ودولية) معادية للهيمنة الإمبريالية الأميركية، وهي قوى اقتصادية وسياسية ذات ثقل إستراتيجي (روسيا، الصين وغيرهما)؛
– اصطفافات لقوى مقاومة شعبية أممية على مستوى العالم على كافة الأصعدة وبكافة أشكال المقاومة، وهي قوى تدعم كفاح الشعب الفلسطيني من أجل تحرير وطنه.
إلاّ أن القيادة الفلسطينية، ومثقفيها و”ومنظّريها”، لا يرون كل هذا. وكما حصل في محطات مفصلية سابقة في تاريخنا وتاريخ العالم، فشلت هذه القيادة في قراءة المشهد السياسي بدقة على الأصعدة المحلية والقومية والإقليميه والدولية، وما فتأت تكرر ردها على كل مَنْ يؤمن باستمرار الكفاح المسلح ويطالب بالخروج من فخ التسوية السياسية والعدول عن الاستسلام لإملاءات العدو الصهيوني – الإمبريالي، وهو رد مفاده:
– لقد تغيرت الظروف المحلية والعربية والدولية؛
– عالم اليوم ليس عالم الستينيات؛
– الكفاح المسلح لم يعد خياراً.
■ غير أن الواقع الملموس والماثل أمام أنظار القيادة الفلسطينية التي ترفض أن تبصر وتتبصر، مغاير تماماً لإدعاءاتها. فقد تشكّلت في لبنان وسورية وفلسطين المحتلة والعراق واليمن حالة صمود ومقاومة، تنامت عبر السنوات الماضية، وبلغت قدراً كبيراً من القوّة بحيث أخذت تلعب دوراً حاسماً في المعركة مع الكيان الصهيوني. ويشكّل صعود وصمود محور المقاومة هذا، والذي يتلقى دعماً إيرانياً ويقيم معها تحالفاً متماسكاً، يشكّل تغييراً إستراتيجياً عميقاً في منطقتنا وفي الإقليم أدى بلا ريب إلى تغيير (كي لا نقول قَلَب) موازين وقوانين المعادلة والمواجهة مع العدو الصهيوني والهيمنة الإمبريالية الأميركية. ولا حاجة هنا لتكرار ما ناقشناه في المقدمة. لذلك فسوف يستمر الصراع بين قوى محور المقاومة هذه والكيان الصهيوني الذي لن ينام وسيبقى يحاربها ساعياً للقضاء عليها.
لسنا من أصحاب النظرة الرومانسية في التحالفات السياسية، فالدول في علاقاتها وتحالفاتها ليست بصدد أعمال خيرية، بل ندرك تماماً أن سياسات الدول هي تعبير عن مصالحها. ومن هنا، نرى أنه لابد من تحليل أعمق لقوى الدين السياسي العربية والإيرانية والتركية وتأثيرها البالغ على مسيرة النضال الفلسطيني، وهذا ما يتطلب نقاشاً آخر.
فلماذا، إذن، لا تتحدث القيادات الفلسطينية عن الانضمام إلى لقوى محور المقاومة؟
لا يُعقل، ولا يليق بقيادة حركة تحرر وطني، تمثل شعباً يكافح ضد آخر وربما أطول استعمار استيطاني في التاريخ الحديث، لا يليق بهذه القيادة أن تنكر التحولات الجذرية التي تمت في محيط فلسطين المحتلة منذ ثمانينيات القرن الماضي. فلأول مرة منذ هزيمة حزيران 1967 تتنامي قوى مقاومة عربية متحالفة مع قوى عربية وإقليمية لتشكل محوراً للمقاومة لم يتمكن الكيان الصهيوني وقوى الغرب الإمبريالي الغربي من كسره أو تجاهله، بل نراه يحسب له كلَ حساب.
■هذا من ناحية، ومن الناحية الثانية والتي يجدر بنا أن نوليها اهتماماً كبيراً، من منظور الوعي والوجدان الفلسطيني والعربي، أن هذه الحالة وتنامي قوى المقاومة قد ولّدت شعوراً عميقاً بالكرامة والإعتزار لدى المواطن العربي، والأهم أنها أعادت له الإيمان والقناعة بالقدرة على الصمود والنصر على العدو، وبهذا فهي قادرة على تفجير طاقات الجماهير والشارع العربي.
■ ولكن، هل الأمر حقاً خطأ في القراءة السياسية أم هو نهج في توجيه البوصلة والاصطفافات إلى معسكر الأعداء؟ وهل حقاً أن زمن الكفاح المسلح قد ولّى؟