ماذا يعني توقيع اتفاقية الردع النووي السعودي الباكستاني؟ وما هي الأسباب التي عجلت به؟ وكيف ستكون انعكاساته على توازن القوى عربيا وعالميا؟ وهل سيكون نواة “ناتو” عربي إسلامي؟ وأين ايران فيه؟

 ماذا يعني توقيع اتفاقية الردع النووي السعودي الباكستاني؟ وما هي الأسباب التي عجلت به؟ وكيف ستكون انعكاساته على توازن القوى عربيا وعالميا؟ وهل سيكون نواة “ناتو” عربي إسلامي؟ وأين ايران فيه؟

عبد الباري عطوان

عبد الباري عطوان
اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك بين المملكة العربية السعودية وباكستان التي جرى توقيعها مساء امس الأربعاء في الرياض من قبل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، ومحمد شهباز شريف رئيس الوزراء الباكستاني، التي تشكل مظلة “ردع نووي” خاصة للمملكة العربية السعودية، وتنص أبرز بنودها على “ان أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما”، هذه الاتفاقية تشكل تحولا عسكريا وسياسيا غير مسبوق، وتوجه رسالة قوية جدا لدولة الاحتلال الإسرائيلي تقول مفرداتها بأن العالم الإسلامي لم يعد ارضا مشاعا، وخاليا من الردع النووي.
لا نبالغ اذا قلنا ان هذه الاتفاقية المفاجئة، ربما تشكل نواة حلف إسلامي على غرار “حلف الناتو” في ظل تعاظم الخطر الإسرائيلي، ووقوف العالم على أبواب تغيير كبير على مستوى القمة، حيث تقترب الصين من تولي الزعامة على أنقاض الإمبراطورية الامريكية المتآكلة والمتراجعة اقتصاديا، وعسكريا، وسياسيا.


عدة أسباب عجلت بهذه الاتفاقية من قبل الجهتين الموقعتين عليها يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
أولا: العدوان الإسرائيلي الذي استهدف العاصمة القطرية الأسبوع الماضي، بدعم وتواطؤ وضوء أخضر، من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تعتبر قطر حليفا قويا للولايات المتحدة وتوجد على أرضها أضخم قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتتمتع بمكانة خاصة مع حلف الناتو توفر لها الحماية من أعضائه، وتحويل القواعد الامريكية في المنطقة الى أدوات لحماية دولة الاحتلال والعدوانات الامريكية وليس حماية الدول القائمة على ارضها.
ثانيا: اعتراف بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي علانية، بالصوت والصورة، بأنه يؤمن ايمانا مطلقا، توراتيا وتاريخيا بحتمية إقامة إسرائيل الكبرى على جميع الأراضي السورية واللبنانية والفلسطينية، ومعظم الأراضي العراقية، والمصرية، والسعودية، بما في ذلك مكة المكرمة والمدينة المنورة، جنبا الى جنب مع القدس المحتلة.
ثالثا: تأكد سيطرة إسرائيل المحكمة على الولايات المتحدة الامريكية، ورئيسها الحالي، وربما من سيأتي بعده، وليس العكس مثلما كان يعتقد الكثيرون، ويتضح هذا بجلاء من خلال عامين من الدعم الأمريكي لحرب الابادة والتجويع والتطهير العرقي في قطاع غزة.
رابعا: التحالف الهندي الصيني الجديد الذي ربما جاء بديلا لتحالف صيني باكستاني قديم استمر لعقود، مما يحتم على الباكستاني، ومن قبيل الاحتياط، اللجوء للمظلة الإسلامية وتعزيزها.
هذا الردع العسكري السعودي الباكستاني الجديد يشكل تكاملا بين القدرات الباكستانية النووية العالية والمتطورة، وبين الإمكانيات العسكرية السعودية التقليدية جنبا الى جنب مع مكانتها كقوة اقتصادية ومالية تحتل مكانة متقدمة في قطاع الطاقة والاستثمار.
الأمر المؤكد ان دولة الاحتلال الإسرائيلي أصيبت بصدمة كبرى من جراء التوصل الى هذا الاتفاق الذي ربما يجعل من دولة باكستان قوة مواجهة إسلامية متفوقة عسكريا نظرا لإمكانياتها العسكرية والنووية من حيث انهاء تفردها النووي في منطقة الشرق الأوسط، وعلينا ان نتذكر دائما ان المملكة العربية السعودية هي التي دعمت ومولت البرنامج، النووي الباكستاني منذ اليوم الأول لتأسيسه من قبل السيد علي بوتو رئيسها، وخليفته الجنرال ضياء الحق الذي لعب دورا كبيرا في تطويره، ولا نستبعد ان تكون دولة الاحتلال الإسرائيلي هي التي أقدمت على اغتياله بتفجير طائرته.
ولا يمكن ان ننسى في هذه العجالة الانتصار الكبير الذي حققته باكستان بتصديها للعدوان الهندي في آيار (مايو) الماضي أولا، ودعمها للمقاومة الأفغانية الذي تكلل بالنجاح ثانيا، والدكتور عبد القدير خان العالم النووي الباكستاني الذي لعب دورا كبيرا في تطوير البرنامجين النوويين الكوري الشمالي، والإيراني، والقدرات الصاروخية للبلدين، حيث زار طهران أكثر من 13 مرة، وكذلك المملكة العربية السعودية وليبيا، فهذا الرجل (رحمه الله) الذي كان مخلصا لوطنه وعقيدته وأمته الإسلامية، وسّخر كل خبراته في خدمتها، وضد كل من يعاديها، وعلى رأسهم أمريكا ودولة الاحتلال الإسرائيلي.


ختاما نتمنى ان تكون هذه الاتفاقية السعودية الباكستانية ومظلتها النووية، في خدمة الامة الإسلامية، وبعيدا عن أي نزعات طائفية، وان تكون نواة لتحالف إسلامي موسع يضم جميع الدول الإسلامية وعلى رأسها ايران، ولعل التقارب السعودي الإيراني الأخير الذي تجسد في زيارة السيد علي لاريجاني مستشار الامن القومي الإيراني للسعودية يوم امس الأول الثلاثاء، كرد على زيارة الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي لطهران في نيسان (ابريل) الماضي، التقى خلالها معظم المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم السيد علي خامنئي المرشد الأعلى لعله يبشر بتعاون متصاعد بين البلدين على الصعد كافة، وخاصة مواجهة الغطرسة والعدوانات الإسرائيلية والأمريكية.

Al Enteshar Newspaper

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *