ماذا فعل سوء التغذية بأطفال غزة؟

يبلغ محيط ذراع الطفل العادي البالغ من العمر عامين حوالي 15.2 سم. تتكون هذه الست بوصات من طبقات من العظام والعضلات والدهون. وعندما يكون محيط ذراع طفل، يبلغ من العمر 5 سنوات أو أقل، أقل من 11.4 سم، فهذه علامة على أنه يعاني من سوء تغذية حاد.
فعندما يبدأ الأطفال بالجوع، يبدؤون بحرق احتياطيات الدهون للحفاظ على وظائفهم. وعندما تنفد هذه الاحتياطيات، تبدأ أجسامهم في استقلاب مصادر أخرى من الطاقة للبقاء على قيد الحياة. وعندما يصبح ذراع الطفل نحيفا إلى هذا الحد، فإن الجسم يستهلك عضلاته وعظامه.
الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مستمرة بالتفاقم في ظل الحصار ونقص الإمدادات الغذائية والطبية.
يشهد قطاع غزة، حيث فرضت إسرائيل قيودا على دخول المساعدات طوال الحرب، أعلى مستويات سوء التغذية منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة. وصرحت لجنة من خبراء الأمن الغذائي، بدعم من الأمم المتحدة، بأن أكبر مدينة في غزة كانت رسميا في حالة مجاعة في يوليو/تموز، حيث عانى 16% من الأطفال الذين فحصتهم من سوء التغذية.
وحتى الأطفال الذين يتعافون سيتحملون العواقب الجسدية لبقية حياتهم. وقد يشمل ذلك تقزم النمو، ولين العظام، ومشاكل في الكبد والكلى، ومشاكل في الإدراك على المدى القصير، وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية والسكري وأمراض القلب لاحقا.
دأب المسؤولون الإسرائيليون على التقليل من خطورة الجوع في غزة. ووصف مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إعلان المجاعة الأخير في مدينة غزة بأنه ‘كذبة صريحة’.
وقالت الكاتبة ‘بصفتي مراسلة تغطي الصحة العالمية هذه الأيام، فقد رأيت أطفالا يعانون من سوء التغذية الحاد في العديد من البيئات المختلفة: الحروب الأهلية، ومخيمات النزوح، والجفاف..’. بالنسبة للطفل، لا يُعد الطعام مجرد طاقة ليومه، بل هو اللبنة الأساسية للحياة القادمة، وهو ضروري لنمو العضلات والعظام والدماغ.
وأكثر ما يلفت الانتباه في مراكز علاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية هو الصمت: فالمرضى ضعفاء جدا لدرجة أنهم لا يستطيعون البكاء، وينظرون بنظرة فارغة إلى مقدمي الرعاية. وقد يكون هؤلاء الأطفال خاملين لدرجة عدم الحركة.
وقد لا يأكلون أو يشربون حتى عندما يُعرض عليهم الطعام. تحاول أجسامهم الحفاظ على الطاقة، وتناول الطعام يستهلك طاقة لا يملكونها. ففي الحالات الأكثر شدة، يبدأ الجسم في تكسير الأعضاء الحيوية للبقاء على قيد الحياة.
ويبدأ جهاز المناعة بالفشل، مما يجعل الطفل أكثر عرضة للأمراض. وتصبح الالتهابات البسيطة خطيرة. ولا يلتئم الطفح الجلدي أو الجروح. ليس من السهل علاج طفل في هذه الحالة.
ولا يمكنك ببساطة تقديم وجبة ساخنة له. فهو يحتاج إلى أغذية علاجية خاصة غنية بالطاقة، يمكن لجسمه امتصاصها، ويتم توصيلها بكميات مُراقبة بعناية.
ومع استعداد الجيش الإسرائيلي للتقدم نحو مدينة غزة، سيزداد صعوبة على العاملين في المجال الطبي تقديم العلاج الدقيق اللازم لاستعادة صحة هؤلاء الأطفال.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، يوم الأحد، تسجيل حالتي وفاة جديدتين بسبب المجاعة وسوء التغذية في القطاع. وقالت الوزارة في بيان: ‘يرتفع بذلك عدد ضحايا المجاعة إلى 422 شهيدا، من بينهم 145 طفلا’.
وكانت الوزارة أكدت أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مستمرة بالتفاقم في ظل الحصار ونقص الإمدادات الغذائية والطبية، مجددة دعوتها للمجتمع الدولي ومؤسسات الإغاثة للتدخل الفوري والعاجل.