ذكرى استشهاد ابو علي مصطفى … رجل ولا كل الرجال .
بسام ابو شريف
تعرفت على ابو علي مصطفى مرتين …
المرة الاولى تعرفت عليه عندما كان اسيرا في السجن في الاردن هو وبقية اعضاء قيادة الاقليم لحركة القوميين العرب في الاردن والمرة الثانية كانت بعد الهزيمة التي سحقت معنويات الامة العربية في الخامس من حزيران عام 67 وكانت تلك المعرفة معرفة وجها لوجه بعد ان اخلي سبيله من السجن هو وبقية اعضاء حركة القوميين العرب والسياسيين الذين كانوا معتقلين منذ العام 63 عندما اعلنت الجماهير انضمامها للوحدة الثلاثية عبر مظاهرات عمت الضفتين الغربية والشرقية ، في العام 63 عندما اعتقلت حركة القوميين العرب في الاردن كانت عائلات القيادة بلا معيل ولا مساعد فقد عم الاردن في تلك الفترة نوع من الارهاب الذي كان يخشى معه اي مواطن ان يظهر انه صديق او على علاقة بقيادي في حزب سياسي معارض او من يعمل في الحقل السياسي ، ولقد استدعاني الدكتور جورج حبش في بيروت وانا تلميذ في الجامعة الامريكية وطلب مني ان انفذ مهمة صعبة وهي ان انقل مبلغا من المال الى شخص محدد في الاردن كي يوزعه على عائلات المعتقلين ليقيهم شر الجوع والعطش في تلك الفترة ، لم اتردد لحظة تناولت المبلغ واخذت الاسم والعنوان وتوجهت في اليوم التالي الى الاردن وكان الشخص المعني يقيم في نابلس وقد توجهت فورا الى نابلس بالسرفيس وسمعت ما كان يقول ركاب السيارة من تعليقات وصمت على التعليقات والنظرة من شخص الى آخر متوجسا وخائفا من ان يقول كلمة حق وصلت الى نابلس وتوجهت فورا لالتقي بالشخص المعني ولم افاجأ من سريان خوف ورعب من سؤالي عن هذا الشخص واجلست على جنب حتى يبعثون له ليأتي لرؤيتي جاء الشخص وهو شبه يرتعد هذا اللقاء ضحكت وابتسمت وقلت له الحكيم يهديك السلام وارتعد اكثر فقلت لنفسي اختصر الموضوع ونفذ المهمة دون ان تتحدث كثيرا ناولته المبلغ في مغلف مختوم وقلت له هذا لعائلات الشباب انت تعلم لمن يجب ان تذهب هذه الاموال سلام عليك وعانقني وودعني وكانه يريد ان يقول لي اسرع اخرج ابعد عني كان الجو جو رعب وارهاب كان عائلة ابو علي مصطفى وعائلة حمدي مطر وعائلات لاعضاء في القيادة بحاجة ماسة لما يقيهم من الجوع والعطش وبالفعل كانت تلك المبالغ الزهيدة التي وصلت نوعا من الانقاذ لهم لفترة معينة هكذا تعرفت على ابو علي وعائلات اخرى دون ان اراها انما من خلال تنفيذي تلك المهمة لايصال المساعدات لها وهكذا اصبحت على دراية وعلم ومعرفة بهم تلك العائلات المناضلة التي صمدت بينما آمروها وصاحب الامر فيها ومعيلها يقبع في السجن .
بعد الهزيمة هزيمة الخامس من حزيران اتخذت حركة القوميين العرب بما فيها اللجنة التنفيذية العليا بانشاء تنظيم للكفاح المسلح الفلسطيني يجمع كافة التنظيمات الصغيرة التي كانت الحركة قد اسستها من خلال اسماء مختلفة لاخفاء هويتها حتى لا تصطدم بسياسة الرئيس جمال عبد الناصر الذي كان لا يحبذ بدء الكفاح المسلح في تلك المرحلة بسبب عدم جاهزية الجيش العربي المصري لمواجهة قوة اسرائيل المستعدة كان يريد الوقت حتى يدرب الجيش ويسلحه تسليحا جيدا ليخوض المعركة ولذلك رفع في تلك الفترة اي قبل هزيمة الخامس من حزيران رفع شعار فوق الصفر تحت التوريط حين نورط جمال عبد الناصر ولكن لا نبقى صامتين غير متحركين بل نعمل لتدريب الشباب وتسليحهم وتخزين السلاح داخل الارض المحتلة واستطلاع الاهداف الهامة التي تعني عند ضربها شأنا عسكريا كبيرا ، كان ذلك القرار قرارا تاريخيا شبيها يذلط القرار الذي اتخذ عام 64 ببدء الكفاح المسلح في جنوب اليمن واسست حينها الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن وبالفعل شنت الجبهة القومية حربا شعواء على الاستعمار البريطاني استعمار الامبراطورية البريطانية التي كلنت تلقب بالامبراطورية التي لا تغيب الشمس عن اراضيها وطردوهم من اليمن شر طردة وانتصرت اليمن وانتصر شعب اليمن بفعل الكفاح المسلح الذي قادته حركة القوميين العرب في جنوب اليمن واستقلت بعد الهزيمة مباشرة بعد هزيمة حزيران وجرت مفاوضات في سويسرا نالت على اثرها جتوب اليمن استقلالها كاملا وكان الشهيد غسان كنفاني مستشارا للوفد اليمني المفاوض للامبراطورية البريطانية الراحلة عن جنوب اليمن .
الفارق بين ذلك القرار عام 64 وقرار 67 هو ان اللجنة التنفيذية لحركة القوميين العرب عام 64 كانت وبقيت موحدة الصفوف متحدة ملتئمة منسقة هادفة بكل فروعها بتحقيق الهدف المركزي الذي تقرره اللجنة التنفيذية هكذا كان مع ثورة الجزائر ومع ثورة اليمن الا ان عام 67 كان القرار مختلفا اذ تقرر فك مركزية الحركة وجعلها لامركزية وان لكل اقليم حرية التصرف برنامجيا بشكل تكتيكي انما الاستراتيجية والهدف الاستراتيجي بقي واحدا وهو وحدة الامة العربية وتحرير فلسطين .
انشاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كان امرا شاقا لان القيادة كان مطلوب منها ان تفرز العنلصر الفلسطينية من كافة الخلايا والروابط والشعب والقيادات في كل بلد من البلدان فرز الفلسطينيين عن بقية العرب ليشكلوا النواة لتاسيس التنظيم الفلسطيني الذي سيمارس الكفاح المسلح ويوحد كل التنظيمات الاخرى كابطال العودة وشباب الثأر والتنظيمات التي كانت قد انشأتها الحركة تحت ستار التدريب في جيش التحرير الفلسطيني والتهيئ بالتدريب والتسليح والتخزين داخل الارض المحتلة واستطلاع الاهداف بهدف خدمة الاستخبارات العسكرية المصرية .
استدعاني في شهر تموز وبعد انتهاء اجتماعات اللجنة التنفيذية الدكتور جورج حبش وجلسنا انا وهو وحدنا وخط على ورقة بخط يده رسالة موجهة لقيادة الحركة في الاردن وبشكل خاص للرفيق مصطفى الزبري ابو علي مصطفى الذي كان هو مسئوول الحركة في الاردن وكان قد افرج عنه هو والآخرين من السجن بعد الهزيمة مباشرة .
كانت الرسالة تحمل من الدكتور جورج حبش لاعضاء قيادة حركة القوميين العرب في الاردن الدعوة للانضمام لتأسيس التنظبم المقاتل تنظبم حركة القوميين العرب فرع فلسطين الذي سيمارس الكفاح المسلح ويدرب الشباب ويسلحهم ويدخلهم للاراضي المحتلة للقتال ضد قوات العدو التي احتلت الضفة الغربية قتال داخل الارض المحتلة من اجل تحرير فلسطين وطلب مني ان اوصل تلك الرسالة للقيادة في عمان ولم يقل لي كيف اصل لتلك القيادة في عمان .
توجهت الى عمان وانا لا اعرف من اعضاء القيادة قيادة حركة القوميين العرب اقليم الاردن سوى غسان قمحاوي كان غسان قمحاوي بالنسبة لي يمثل الشخص الوحيد المعروف لدي كعضو في حركة القوميين العرب وكنت اعلم عن نشاطه اثناء وجوده في القاهرة كتلميذ في الجامعة ثم عودته للاردن ثم انتخابه رئيسا للمهندسين الزراعيين في الاردن توجهت فورا الى منزل اخيه الدكتور عبد السلام رحمه الله لانني اعرف ان غسان لم يكن متزوجا حينها وكان يعيش في بيت اخيه ،
التقيت بغسان وتحدثت معه حول القرار وحول النية في انشاء التنظيم والاعداد له واخذ المتطوعين للتدريب والتسليح والزج بهم للاراضي المحتلة لمواجهة العدو ابتسم بسام وطلب مني ان انتظر حتى الغد لانه سيجري اتصالاته لان الاتصال ببقية اعضاء القيادة كان صعبا ومعقدا خشية ان يعودوا لاعتقال القيادة مرة اخرى .
في اليوم التالي توجهنا انا وغسان الى مكان تقرر ان نلتقي فيه جميعا لنتحدث في موضوع الرسالة وهناك التقيت لاول مرة وجها لوجه بايو علي مصطفى صافحته وابتسم ابتسامة شبه ناشفة وكانت هذه عادته فهو قليل الابتسام جدي الملامح لا مجال لديه للمرح ويريد ان يتحدث في قضايا جدية ومهام جدية وبعد قليل حضر ابو عيسى ثم حضر ابو سمير وتحدثنا حول الكفاح المسلح ورسالة الحكيم فكان اول المعلقين ابو سمير رحمه الله حمدي مطر قال بشكل مرح وهادىء في الوقت نفسه بدكم تقاتلوا كفاح مسلح طيب يعطيكم العافية والسلام عليكم وحمل حقيبته وخرج وكان هذا اول اشارة الى شك حمدي مطر ابو سمير وهو عضو في القيادة الى شكه في كل عذا الموضوع وخشيته بان تكون هذه الرسائل موجهة من المخابرات وليس من جهة موثوقة وليست بشكل اكيد من الدكتور جورج حبش ضحكت انا وقلت ابو سمير تأكد الموضوع جدي وصحيح ولا علاقة للمخابرات به نحن رجال الحركة ونحن لسنا من الذين بقوا بكل المعلومات امام المخابرات الذين شاهدتهم انت هنا فهذه الرسالة دقق فيها هذا خط الحكيم وهذا توقيع الحكيم قال على كل حال نشوف بعض انشاء الله وخرج كان الشك يملأ حديثه نظر ابو علي وقال طيب نحن سندرس هذا الموضوع ونعطيك جوابا غدا او بعد غد .
وخرجوا وخرجنا جميعا وفي اليوم التالي دعيت لاجتماع وكان ابو علي قد حضر جوابا مكتوبا قصيرا شرح فيه الشكوك التي يعاني منها اعضاء قيادة حركة القوميين العرب ببعض المسئولين الذين اعترفوا على كثير من الامور وبعض المسئولين الذين كانوا يهملون قضية الامن والسرية ومقيمون في بيروت ومسئولون عن الاتصال بقيادة حركة القوميين العرب في الاردن وشكى من ذلك وحدد ابو علي مصطفى وقيادة الاردن الشرط الاساسي للمشاركة وهو ان تكون العلاقة مع الدكتور جورج حبش فقط لا غير.
وهكذا عدت اانا الى بيروت حاملا الرسالة التي تحمل الموافقة المبدئية شريطة ان تكون العلاقة مع الدكتور جورج حبش الذي بادر بكتابة رسالة اخرى طالبا من قيادة الاردن ان تهيء له الظروف المكانية والزمانية المناسبة لمجيئه للاردن حتى تنتقل القيادة قيادة الجبهة الشعبية الى الاردن لكن ما ان توجه الحكيم الى دمشق لمتابعة المفاوضات حول وحدة فصائل المقاومة حتى اعتقلته السلطات السورية واصبح في سجن الشيخ حسين في دمشق اسيرا سياسيا يحقق معه عبد الكريم الجندي مدير المخابرات السورية .
من دس لجورج حبش التهم ليعتقل من ابلغ السلطات السورية بان الدكتور جورج حبش يهيىء لانقلاب من خلال تجميع السلاح في سوريا بينما في الواقع كان تجميع السلاح في سوريا من اجل تهريبه للاردن ومن الاردن للضفة الغربية من صاحب المصلحة باعتقال جورج حبش في تلك الفترة السؤال يجد جوابه في البحث عما كان يدور داخل الجبهة الشعبية من تناقض بين مجموعة يقودها الذين يتحدثون باسم الماركسية اللينينية ويتهمون الآخرين بالتخلف الفكري وبين المناضلين الذين بنوا التنظيم ودربوا المقاتلين وقاتلوا من اجل تحرير فلسطين والتقطت فتح تلك الظواهر التناقضية داخل الجبهة الشعبية وبدأت تمد جهات مناهضة لقيادة الجبهة اي قيادة الدكتور جورج حبش والدكتور وديع حداد وابو علي مصطفى وغيرهم من عينهم الدكتور جورج حبش كلجنة مساعدة في تأسيس الجبهة الشعبية ومنهم أنا والدكتور اسعد عبد الرحمن واحمد خليفة وزكريا ابو سنينة وتيسير قبعة واعضاء كثيرون بعضهم كلف بالنزول للارض المحتلة وبعضهم بقي في الخارج لمد الداخل بالسلاح والمقاتلين المدربين .
ورغم اعتقال جورج حبش تقرر المضي للامام في عقد مؤتمر اول مؤتمر تاسيسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تقرر عبر التصويت الداخلي ان تسمى الجبهة الشعبية بينما كان هناك اقتراح أخر بتسميتها الجبهة القومية على نسق الجبهة القومية في جنوب اليمن لكن تقرر عقد المؤتمر رغم اعتقال جورج حبش في سوريا وكان ذلك من المفترض ان يعقد في أب 1968 وكان قد اعد فيه تقرير استرتيجية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
صدام بين نايف حواتمه ومجموعته وبين الدكتور وديع حداد وابو علي مصطفى وقيادة اقليم حركة القوميين العرب في الاردن التي كانت فد خرجت من السجن حديثا وكان من داعمي المجموعة الاولى اي مجموعة نايف بعض المعتقلين الذين سروا باعترافاتهم اثنلء اعتقالهم في السجن في الاردن تحت راية اليسار كان هؤلاء يعملون ويعترفون للمخابرات باسرار الحركة مما جعل الحركة هدفا سهلا للمخابرات .
الحلقة الثانية
ابو علي مصطفى .. رجل ولا كل الرجال
دور ابو علي مصطفى في مؤتمر آب 68 وما بعده
بسام ابو شريف
كان المتحدث الرئيسي في مؤتمر آب 68 نايف حواتمة وقد تحدث نايف عن التحول الايديولوجي وتحدث عن التيار المناضل وتحدث عن التخلف الفكري للتيار المناضل وتحدث حول ضرورة الانتقال من التفكير البرجوازي الصغير الى التفكير الماركسي اللينيني وتحدث حول نقلة كبيرة في بنية الحركة كما كانت والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مستقبلا ودعا الى ثورة ثقافية واتخذ قرار بشراء آلاف الكتب من تاليف لينين وماركس وانجلز لتنفيذ برنامج التثقيف الجديد لكل الاعضاء القدامى والجدد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعندما جاء دور انتخاب القيادة اقترح نايف قيادة من اغلبية من مجموعته واقلية ممن سماهم التيار المناضل ومنهم وديع حداد وابو علي مصطفى وقد رفضوا رفضا باتا هذه التشكيلة مما جعل من المستحيل على القيادة المقترحة باغلبية مجموعة نايف ان تقود كونها لا علم لها لا بدروب التدريب ولا التسليح ولا نقل السلاح للداخل ولا كل طرق النضال التي كانت متبعة وستتابع من قبل قيادة الجبهة التي شكلتها اللجنة التنفيذية لحركة القوميين العرب عندها اصبح واضحا ان الامور لن تسير كما توقع نايف وخرج المؤتمر في الليلة الاولى والثانية بدون نتائج الى ان توصل المؤتمر نتيجة تدخل بعض الشخصيات الوطنية المشاركة في المؤتمر ومنها حمد الفرحان رحمه الله الى تسوية مؤقتة وهي تشكيل قيادة طوارىء مؤقتة على ان يعود الجميع للقواعد لاجراء انتخابات لعضوية مؤتمر جديد يعقد في شباط عام 1969 وهكذا تم اذ تناولت القيادة الجديدة قيادة الطوارىء المهام حسب التوزيع بمعنى ان المهام الميدانية التسليح والتدريب وتهريب السلاح والقتال والى آخره كان من نصيب التيار المناضل كما كان يسميه نايف ونواحي التنظيم والتثقيف والاشراف على الانتخابات والمؤتمر الجديد هي من مهام مجموعة الرفيق نايف ، جاءت نتائج انتخابات المؤتمر التي عقدت في كل الاقاليم لصالح دعنا نسميه خط المركز وهو خط الدكتور جورج حبش والبرنامج الذي اعده جورج حبش للمؤتمر مؤتمر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خلاف ذلك كانت هنالك مهام اساسية لتنفيذ مهام عسكرية ومهام امنية ومهام سياسية قام بالاشراف على تنفيذها جميعا الدكتور وديع حداد وكان هنالك مهام اساسية لدعم الداخل تسليحا واعضاء ومقاتلين وقيادة وكوادر وعمليات كانت جميعها تحت اشراف الرفيق ابو علي مصطفى ومن كان من حوله من مساعديه وهكذا كانت النواحي العملية والقتالية والنضالية هي من نصيب التيار المناضل ،
اذكر تماما انه بمجرد ان انتهى المؤتمر مؤتمر آب 68 امر وديع حداد بصرف الاموال القليلة لشراء الكتب اللازمة التي طلبها نايف ومجموعته وتراكمت كل هذه الكتب للتوزيع على القواعد ولم يكن هنالك اهتمام كبير من قبل اعضاء القواعد لشراء تلك الكتب وقراءتها وهنا اقترح وديع على نايف ان يقضي وقته في ندوات لشرح كل كتاب من الكتب في القواعد بدلا من الجلوس وصارت النكت والاستهزاء في تلك الفترة اذ ان الدكتور وديع حداد سكن في غرفة صغيرة في مخيم الوحدات بينما اصر نايف ان يسكن في جبل الحسين في بيت كبير نسبيا طبعا ورفض السكن في مخيم الوحدات الى جانب الدكتور وديع حداد .
اتخذ وديع حداد من تلك الغرفة عمليات وكنا نلازمه معظم الوقت سواء في ترتيب تهريب الاسلحة والاسلحة الجديدة وهي كلاشنكوف والذي اعتبر في حينها شيء عظيم وتهريبها للداخل وتهريب الشباب من الداخل الى سوريا لتدريبهم واعادتهم وارسال الى مصر دفعات قبل ان يوقف جمال عبد الناصر دورات التدريب التي كان يمنحها للجبهة الشعبية واعادة الدورة مسلحة تسليحا كاملا ذلك ان ما حصل في مؤتمر آب وذلك التقرير الذي نعت النظام في مصر بانه خارج الصف الوطني كما نعته نايف حواتمة احتد الرئيس جمال عبد الناصر وقال ستبقى علاقتنا اذن علاقة صدام وليست علاقة تحالف ذلك ان التقرير اقترح ان تكون علاقة الجبهة الشعبية بالانظمة الوطنية البرجوازية الصغيرة علاقة صراع وتحالف فقال جمال عبد النصر لأ احنا بدنا اياها علاقة صراع بقه مش علاقة تحالف بقيت هذه الحال الى ان خرج الدكتور جورج حبش وحرر من السجن وتوجه للقاهرة واصلح ما كان قد تحطم من علاقات مع الرئيس جمال عبد الناصر اعتكف وديع حداد في تلك الغرفة واطلق ذقنه واعتمر الحطة والعقال وراح يخطط لتحرير الدكتور جورج حبش من سجن الشيخ حسين في دمشق وهب من اختارهم وديع حداد لتنفيذ العملية بحماس شديد ورغبة شديدة وتصميم اكيد على تحرير الدكتور جورج حبش ونقله الى لبنان وبعدها الى قواعده في الاردن كان بالنسبة للدكتور وديع حداد امر هام جدا ان يحرر الدكتور جورج حبش ليقود العملية السياسية التنظيمية لانه كان يريد ان يتفرغ للعمل العسكري والعمل الخاص ضد العدو الاسرائيلي كان يريد ان يكون الدكتور جورج حبش حرا طليقا ليناقش في المؤتمر وليقود صياغة البرنامج للجبهة الشعبية وتحالفاتها الاستراتيجية وتحديد بوضوح من هو عدو الشعب الفلسطيني ومن هو صديق للشعب الفلسطيني من هو عدو الجبهة الشعبية ومن هو صديق الجبهة الشعبية .
كان ابو علي مصطفى طوال الوقت سندا كبيرا للدكتور وديع حداد فقد كان ابو علي مصطفى مسئولا لاقليم الاردن وهو يعرف الشباب فردا فردا ويعرف من يمتلك الشجاعة الكافية ومن يمتلك الجرأة الكافية ومن هو مستعد ومن هو صامد ولذلك كان عندما يطلب الدكتور وديع حداد عنصرا لتنفيذ شيء محدد كان ابو علي مصطفى بسرعة شديدة يختار هذه العناصر .
رغم ذلك كان الدكتور وديع يضعهم فورا في التجربة حتى يرى ويتأكد من شجاعتهم وقدرتهم على الاقدام والعمل .
في دمشق سيناريو التحرير اعترضت سيارتي لاند روفر كان قد اعدهما الدكتور وديع حداد كانضباط عسكري سوري اعترض السيارة التي كانت تقل جورج حبش من التحقيق مع عبد الكريم الجندي في مقر المخابرات الى سجن الشيخ حسين وانزل الدكتور جورج حبش من سيارته الى سيارة كانت جاهزة للانطلاق نحو لبنان واصر احد الحرس ان يرافقه لانه يريد ان يبقى مع الحكيم كمرافق له وخرج معه الى لبنان بالفعل ولوحقت السيارة التي تقل الدكتور جورج حبش الى لبنان لوحقت بسيارات ارسلها عبد الكريم الجندي اعترضت هذه السيارات من قبل مجموعات للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في البقاع وانذرت بالعودة او التصدي فعادت الى دمشق تلك السيارات واختبأ الحكيم في بيروت بضع ليال في بيت احد الاصدقاء ورتب له سفره للقاهرة بحماية وحراسة مشددتين دون ان يعلم احد بانه سيركب تلك الطائرة متوجها الى القاهرة اقام الحكيم بضع ليال في بيت الدكتور نجيب ابو حيدر وهو صديق قديم وزميل للدكتور جورج حبش الى ان رتبت زيارته للقاهرة وابدى الزعيم جمال عبد الناصر رغبة في لقاءه واذكر ان مطار بيروت احتشد فيه اكثر من 120 مناضل لحماية وحراسة الحكيم فيما كان يتوجه للطائرة التي اقلته للقاهرة وكان تحرير الدكتور جورج حبش مدعاة لفرحة كبيرة في اوساط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكان الجميع ينتظر عودته بفارغ الصبر اذ كان موعد انعقاد المؤتمر في شباط قد اقترب كثيرا وكان الجميع يعول على الدور الذي سيلعبه الدكتور جورج حبش في مناقشة البرنامج والاصرار على الخط السليم فيما يتعلق برسم الاستراتيجية وتحديد من هو العدو ومن هو الصديق وكيفية ممارسة الكفاح الشعبي المسلح الطويل الامد من اجل تحرير فلسطين .
خلال ذلك كان ابو علي مصطفى يرتب ويعد الاجواء مكانا وزمانا من اجل اقامة الدكتور جورج حبش في الاردن بشكل آمن وبشكل سليم وبشكل لا يعرضه للخطر خاصة ان التناقضات التي فرضت داخل الجبهة الشعبية من اكثر من جهة اظهرت ان هنالك نوع من الاتفاق بين جهات عديدة للعب دور سلبي لتطيم الجبهة الشعبية او على الاقل منعها من قيادة الثورة عبر خط مستقيم سليم ثوري لا ينحاز ولا يتراجع توجه الرفيق ابو علي مصطفى اكثر من مرة نحو القوات العراقية التي كانت ما زالت تقيم على ارض الاردن في الاتجاه الصحراوي المحاذي للحدود الاردنية مع العراق فقد كانت الخطة ان يقوم الدكتور جورج حبش بالانتقال لبغداد وان يخرج من بغداد بلباس ضابط عراقي نحو القوات العراقية ومن هناك يستطيع ان يستقل سيارة للجيش العراقي نحو عمان حيث سيلتقي بالرفاق في الوحدات ومنها الى المكان الذي اختير له وحدد ورتبت له ظروف امن ترتيبا جيدا .
ما ان وصل جورج حبش الى عمان حتى بدأت حقيقة المؤامرات والخطط لاضعاف الجبهة الشعبية مهما كانت الظروف فكان الخط الاول هو دعم الذين انشقوا او رغبوا في الانشقاق عن الجبهة الشعبية لاضعافها والايحاء بان من انشق هم الاغلبية وان من بقي هم الاقلية ويجب ان تعامل على انها الاقلية بينما في الحقيقة كانت الجبهة الشعبية المتماسكة هي الاغلبية وهي التي تقوم بالعمل والعمليات العسكرية وضرب العدو وهي التي انقذت جورج حبش من السجن وهي التي بدأت تقود عملية تطوير للكادر العسكري والسياسي بحيث اصبحت الجبهة ينظر اليها على انها التنظيم الذي يقود الثورة وقد لعب ابو علي مصطفى في هذا المجال دورا كبيرا خاصة فيما يتعلق بتزويد الخلايا وتهريبها للداخل وتسليحها وشن العمليات داخل الارض المحتلة قبل ان تقوم اسرائيل بحملة الاعتقالات الواسعة التي شملت كافة اعضاء القيادات من كل التنظيمات اضطرت فصائل الثورة الى اللجوء الى القواعد الاستنادية التي اقيمت في الضفة الشرقية في مغر الجبال وفي القرى التي تقع في غور الاردن لقد نجحت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تهريب عدد كبير من الكوادر بعد ان دربوا على يد الجيش العراقي تدريبا جيدا وسلحوا ونجح ابو علي مصطفى في تمرير هذه الدوريات للداخل وكذلك سلاحها واذكر تماما في احدى المرات كان هنالك عدد كبير من المقاتلين وكمية كبيرة من السلاح ولم يوجد من يقود تلك الدورية للداخل فاستعد ابو علي وقام هو بقيادة الدورية عبر النهر الى البساتين باتجاه طوباس ونفدت تلك الدورية بعد ان سارت ليلا قرابة 12 ساعة بين البساتين ومن بستان الى بستان الى ان وصلت الى شمال فلسطين ، وعندما جاء موعد المؤتمر حضر الجميع باستثاء نايف حواتمة ومجموعته واثناء المفاوضات حاول الحكيم اقناعه حتى انه قال له انا مستعد ان نكتفي بالنقاش بما اطرحه انا وما تطرحه انت فانا وانت وليصوت المؤتمر ومن يصوت المؤتمر له هو الذي يفوز رفض نايف حواتمة اذ كان قد رتب وبيت ما بيت بدعم من قيادة فتح تحديدا وخاصة ياسر عرفات الذي كان يعمل ليل نهار ليسيطر على منظمة التحرير لتسيطر فتح حينها لتصبح فتح التنظيم الاكبر والرسمي وبذلك تختفي الجبهة الشعبية كمنافس لقيادة الثورة عبر العمل الثوري والعمليات العسكرية ضد العدو ،
زودت فتح المجموعة التي يقودها نايف بالسلاح والمال واذكر تماما ان في آخر جلسة عقدت بين الحكيم ونايف في محاولة للتوصل الى رأب الصدع وعدم ترك مجموعة نايف للانشقاق كانت النتيجة فشل كامل بسبب اصرار نايف على الانشقاق اذ كان قد بيت ان يقود تنظيما لوحده دون جورج حبش الذي كان حتما سينتصر عليه في النقاش وسيصت المؤتمر لصالح برنامج الحكيم وذلك من اجل ان يكسب دعم فتح سلاحا وتاييدا ومالا حتى تدعمه فتح في عضوية المجلس الوطني ويصبح بموازاة الجبهة الشعبية ان لم يكن اكثر عددا على انه هو الاغلبية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، هذه كانت المؤامرة وكان من قبلها قد اجبر احمد جبريل على الانشقاق عن الجبهة الشعبية وذلك لاضعافها خلال ذلك كان الدكتور وديع حداد وبالتعاون مع ابو علي مصطفى يعملون جاهدين لعمليات عسكرية كبيرة في الداخل وايضا في الخارج فكانت اول عملية عام 68 عندما خطفت طائرة العال ثم جاءت عملية تحرير الحكيم ثم جاءت عمليات خاصة رفعت اسم الجبهة الشعبية الى مستويات قيادة الثورة والتفاف الجماهير حولها وعندما دعي لعقد المجلس الوطني الفلسطيني كان ياسر عرفات قد حجم التنظيمات كما يريد هو واخترع تنظيمات لم تعش اكثر من مدة عقد المجلس الوطني وخيضت معارك في شوارع عمان لتصفية من كان ضد قيادة فتح وهكذا حجمت الجبهة الشعبية من خلال قرار حول عدد الاصوات وعدد وعدد المقاعد التي ستحتلها الجبهة الشعبية داخل المجلس الوطني وقرر ياسر عرفات ان تكون حصة الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية حصة متوازية اي ان حجم التنظيمين هو نفس الحجم وذلك كان جريمة كبرى بحق الجبهة الشعبية التي كانت تشكل اضعاف اضعاف الجبهة الديمقراطية ، رفضت الجبهة الشعبية حضور المجلس الوطني وقد يكون هذا قد اوقع الجبهة في خطأ ما لكن كان هذا هو القرار رفض بسبب الاجحاف بحق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي حينها اذكر ان ابو علي مصطفى كان قد استنفر كل القوات والميليشيا الشعبية للدفاع عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
الحلقة الثالثة
ابو علي مصطفى … رجل ولا كل الرجال
بسام ابو شريف
انتقل الثقل ثقل المقاومة الفلسطينية بعد ان كان داخل الارض المحتلة نتيجة الضربات المتلاحقة التي وجهتها اسرائيل للتنظيمات داخل الارض المحتلة فقد اعتقلت على وجه السرعة وخلال شهور معظم القيادات والكوادر التي ارسلت للداخل وكشف عن اماكن تخزين السلاح والذخيرة داخل الارض المحتلة واصبح بذلك تنظيم الفصائل الفلسطينية داخل الارض المحتلة شبه مشلول واصبحت القيادات معظمها قيد الاعتقال وقد ترتب على هذا مسئوليات جسام على القيادة في الخارج وتحديدا على ابو علي مصطفى وابو عيسى والقيادة التي شكلت لدعم التنظيم في الخارج اذ قسمت الجبهة الشعبية القيادة الى صفين صفا في داخل الارض المحتلة وهو الاساس وصفا خارج الارض المحتلة فداخل الارض المحتلة كانت القيادة مشكلة من مجموعة من الشباب المثقف المتعلم الواعي الحزبي الملتزم ولكن ليس لديه خبرة في العمل العسكري والتخطيط العسكري وفنون القتال وفنون قتال الشوارع وفنون العمليات داخل الارض المحتلة فاعتقل الدكتور احمد خليفة واعتقل الدكتور اسعد عبد الرحمن واعتقل تيسير قبعة واعتقل عدد كبير من الكوادر والقيادات داخل الارض المحتلة مما جعل التنظيم مشلولا شللا كاملا واضطر للخروج للخارج والاعتماد على قواعد الاسناد في الاغوار والعمل الخاص وراء العدو في كل مكان حتى لا يتوقف العمل ضد العدو الاسرائيلي وانتقل اوتوماتيكيا الهم الاسرائيلي الى خارج الارض المحتلة فاستخدم الطيران لقصف القرى الاردنية حتى يبعدوا اهالي القرى عن الفدائيين وفصائل المقاومة ومنعهم في اقامة قواعد في مواقعهم او في محيطهم ، كان هذا يتطلب من ابو علي مصطفى وبقية اعضاء القيادة شبكة من العلاقات مع اهالي القرى من الشمال الى اقصى الجنوب من اجل الحفاظ على قدرة المقاومة الاحتفاظ بقواعد مخفية لا تظهر للعيان وفي الوقت نفسه قريبة من الحدود لشن العمليات على العدو الاسرائيلي ودورياته ،
كانت هذه مسئولية كبيرة وحمل ثقيل تحمله ابو علي بكل جرأة وشجاعة وقام بهذه المهمة على احسن وجه وقبيل معركة الكرامة وصلت المعلومات لكافة المنظمات الفلسطينية بان اسرائيل تهيء وتستعد لعبور النهر من اجل القضاء على قواعد المقاومة على الضفة الشرقية وحصلت اجتماعات كثيرة لبحث كيفية التصدي لهذا الهجوم هل تتم المواجهة والصدام ام يتم الانسحاب التكتيكي لعدم ترك الفرصة لاسرائيل القضاء على قواعد المقاومة ومواقعها على الضفة الشرقية .
الانسحاب التكتيكي على ضوء ميزان القوى لكن في الوقت نفسه كان القرار هو اصدار التعليمات لشباب الجبهة الشعبية الذين كانوا يشكلون جزءا لا باس به من قوات التحرير الشعبية التابعة لجيش التحرير الفلسطيني اعطاء التعليمات لزرع الالغام والتصدي في المواقع الامامية للآليات الاسرائيلية التي ستعبر خاصة ان تلك المنطقة كانت منطقة موحلة يملأها الطين ويصعب على الآليات التحرك ضمنها وسهل على الآليات ان تقع في كمائن ينصبها مقاتلوا قوات التحرير الشعبية وبالفعل لعبت قوات التحرير الشعبية دورا مهما .
كان القرار قرار فتح بطبيعة الحال التصدي للقوات الاسرائيلية الغازية ومحاولة الحاق الخسائر بها ان لم تكن الحاق الهزيمة كاملة بتلك الحملة العسكرية اذ انها اعتبرت ان عبور اسرائيل بتلك الظروف ووجود فيضانات تحولت الاراضي الى تربة طينية تجعل من الصعب على القوات التحرك حتى على القوات الخاصة حتى على طائرات الهليوكبتر اذا ارادت ان تهبط وهذه الظروف سوف تهيء لمقاتلين باسلحة بسيطة التصدي لقوات غازية رغم اسلحتها الحديثة وآلياتها وطيرانها لكن الامر كان اكثر من ذلك كان هنالك ضابط شجاع وهو من ضباط الجيش الاردني الذين قاتلوا دفاعا عن القدس تحت امرة اللواء عبدالله التل الذي حمى القدس وباب الخليل وامتد نحو باب الواد واجبر على العودة من قبل كلوب باشا الذي لم يكن يريد للاسرائيليين في تلك الحرب ان يهزموا على يد الجيش العربي الاردني ، هذا الضابط الذي لعب دورا في هزيمة اسرائيل هزيمة كبرى في معركة الكرامة والذي جعل المواطن العربي يرى الدبابات الاسرائيلية محروقة وهي غارقة في الوحل وحل الاغوار ووجد جنود الاحتلال مربوطين بسلاسل في دباباتهم ارتفعت معنويات الشعب العربي بعد هزيمة حزيران والهبوط المعنوي الذي لحق بكل الامة نتيجة هذه الهزيمة بعد هذا ارتفعت المعنويات وشعر الشعب العربي في كل مكان ان بامكاننا توجيه الضربات للعدو فاندفعت الحشود عشرات الآلاف من الشباب من كل بلد عربي اندفعوا ليشكلوا رافدا هاما لقوات المقاومة الفلسطينية بشتى فصائلها وكان نصيب الجبهة الشعبية من هذه الحشود سواء من اليمن او من الجزائر او من العراق او من سوريا او من مصر او من اي بلد عربي حصة كبيرة وكان هذا يعني مزيدا من العبء على اكتاف مصطفى الزابري ابو علي مصطفى الذي كان مسئولا عن الحشد والتعبئة والتدريب وتهيئة القوات لمواجهة العدو الاسرائيلي ولقد تحمل ابو علي مصطفى هذه المسئولية بجدارة ورجولة ولم يعد يهتم لاي تناقضات فرعية بل انصب في كل ما تحمل الكلمة من معنى نحو بناء القوة العسكرية والقوة المتخصصة خاصة من الذين يتفوقون في معسكرات التدريب سواء التدريب في معسكرات مصر او معسكرات العراق او معسكراتنا نحن على ارض الاردن وهكذا اصبح ابو علي هو القائد العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين دون ان يسمى كذلك كان مسئولا عن كل القوات على الارض المواجهة للارض المحتلة وداخل الارض المحتلة وفي كل مكان توجد فيه سرايا وكتائب للجبهة الشعبية مدربة تدريبا جيدا ومسلحة تسليحا جيدا واصبح ايضا قائدا للجنة التي تختار من بين المتخرجين من معسكراتنا ومعسكرات العراق ومصر من يتخصص في كليات عسكرية في الاتحاد السوفييتي او دول الاتحاد السوفييتي .
لا شك ابدا ان ما تلا محاولة الغزو في الكرامة هو شئنا ام ابينا تراجع المقاومة نحو شرق الاردن نحو المغر في الجبال نحو التلال نحو العاصمة عمان ونحو المخيمات الفلسطينية في الشمال والوسط والجنوب وهذا التغير والتراجع زاد من نقاط الاحتكاك ولكن الاهم من ذلك زاد من الفرص التي يمكن للعدو استخدامها او للمخابرات المعادية استخدامها من اجل زيادة الاحتكاك او خلق المشاكل بين المقاومة الفلسطينية والجيش الاردني وذلك بهدف اشتباك يؤدي الى اقتتال الجانبين بدلا من تركيز على مواجهة العدو الاسرائيلي والدفاع عن الارض العربية واصبح التوتر حالة يومية وادادت عد التنظيمات التي اسست من اجل زيادة هذا الاحتكاك ومن اجل اثارة النعرات ومن اجل الاعتقالات المتبادلة ومن اجل ومن اجل خلق جو هو جو الاقتتال وليىس جو التفاهم من اجل مواجهة العدو الاسرائيلي وفي الوقت ذاته ازدادت الغارات الاسرائيلية على القرى والمخيمات والمدن احيانا من اجل اثارة جو من الرعب والارهاب للمواطنين لمنعهم من الترحاب بوجود المقاتلين الفلسطينيين وقواعدهم واسلحتهم ومعسكراتهم .
تصاعدت الاحداث في عمان وكانت الاشتباكات تحصل بشكل مفاجيء هنا وهناك في عدة اماكن سواء على اطراف العاصمة الاردنية او داخلها او عند النقاط الحساسة في العاصمة تلك النقاط التي تشيرالى مواقع محددة حساسة سواء في جانب السلطة الاردنية او اتجاه قيادة المقاومة الفلسطينية وفي السابع من حزيران العام 70 صدر بيان عن وزارة الداخلية الاردنية يتهم جهات عميلة باطلاق النار على موكب صاحب الجلالة الملك حسين واصابة عدد كبير من الناس بجراح ونجاة الملك من تلك المحاولة الآثمة حسب بيان وزارة الداخلية ولقد ارسل فورا الرئيس جمال عبد الناصر وكذلك الرئيس معمر القذافي برقيات يهنيء الملك فيها على النجاة من تلك المحاولة وادانة تلك المحاولة ومطالبة كل الاطراف كافة بوقف اطلاق النار والعودة للاستقرار والهدوء والتعاون الا ان القتال استمر والهجوم على المخيمات الفلسطينية استمر وقصف المدفعية وشوهدت اعمدة الدخان من مخيم الوحدات تتصاعد نتيجة ذلك القصف العنيف وهنا قامت المقاومة بعملية كبيرة هزت الاركان .
وكان ابو علي مصطفى يتحمل مسئولية كبيرة اذ كان مسئولا عن القوات الموجودة في عمان وكان هو الذي يصدر الاوامر بتحرك تلك القوات سواء دفاعا عن المخيمات او هجوما على مواقع تشكل تهديدا للمخيمات .
واقدمت مجموعة خاصة من القوة الخاصة التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمهاجمة فندق الانتركنتيننتال فندق الاردن واعتقال كل من كان في ذلك الفندق بما فيهم ابن شمعون الذي اعتبر اسيرا وهددت الجبهة الشعبية بنسف الفندق على من فيه ان لم يتوقف القصف على الوحدات وان لم تلبى شروط المقاومة بابعاد زيد بن شاكر وناصر بن جميل وابو رسول الكيلاني وغيرهم عن مناصبهم التي استغلوها لتنفيذ مخططهم ضد المقاومة الفلسطينية وضد الثورة الفلسطينية ،
وعقد الدكتور جورج حبش مؤتمرا صحفيا في فندق الاردن وتحدث فيه باسى وحزن عن هذه الاشتباكات وتحدث فيه عن المؤامرة والمخطط لضرب المقاومة الفلسطينية وان كل الجهات التي تعمل على ضرب المقاومة هي جهات لا تخدم الا الحركة الصهيونية واسرائيل وتوقف القصف عندما ابعد زيد بن شاكر وناصر بن جميل والمسئولين الآخرين عن مناصبهم وتوقف القصف واتفق على وقف اطلاق النار وقفا تاما الا ان الجميع كان يعلم ان هناك وراء الاكمة ما وراءها فهنالك غضب شديد وتعبئة حصلت من كل الاطراف تعبئة تحرض الاخ على اخيه تعبئة تحرض البدو على الحضر تعبئة تحرض الفلسطينيين على القوات الاردنية التي تقصف مخيماتهم والعكس صحيح ولكن المقاومة كانت تتمسك بحقها في القتال ضد المحتل الاسرائيلي وان كل من يعارضها ويحاول وقفها لا يخدم الا المحتل الا العدو الاسرائيلي .
لم تتحسن الاجواء ابدا في شهر تموز وشهر آب لا بل ازدادت توترا دون اطلاق نار كانت بعض الحوادث تحصل هنا وهناك ولكن بعيدا عن العاصمة عمان وتم اعتقال بعض من هذا الطرف او ذاك الطرف من قبل الاطراف الاخرى ولكن عمليا لم يكن هناك ضحايا او تدمير او قصف عنيف لكن كان الكل يلحظ ويشعر بان هنالك تخطيط لتصفية حسابات ستأتي لاحقا وبشكل سريع .
بقي الجو ملبدا بشعور عام بخطر الاشتباك وبالاستبداد المتبادل وبعدم الاستقرار وبنية الجيش الاردني للعمل على ضبط ومحاصرة ومنع السلاح الفلسطيني من المدن والبلدات الاردنية كل هذا كان يتصاعد ويتراكم لكن المقاومة الفلسطينية التي اجبرت السلطة على تنفيذ شروطها بانهاء صلاحيات زيد بن شاكر وناصر بن جميل وابو رسول الكيلاني شعرت انها ما زالت قوية ولديها القدرة على الدفاع عن نفسها ولكنها في الوقت ذاته كانت تجري اتصالات مع بلدان عربية من اجل منع الاشتباك والصدام مجددا .