ثلاثة أسباب على الاقل تفرض حضور شيرين ابو عاقلة في المشهد الاعلامي
اسيا العتروس
كثيرة هي الاسباب التي يجب أن تكرس حضور شهيدة القضية الفلسطينية و شهيدة الحق و الكلمة الحرة في المشهد الاعلامي العربي و الدولي , فلا شيء اليوم يمكن أن يهزعرش اسرائيل مثل وجود خطة اعلامية استراتيجية لا تنقطع تخاطب العالم وتكشف الوجه القبيح للاحتلال وعنصريته البغيضة التي تجاوزت عنصرية الابرتييد في جنوب افريقيا ..والاكيد ان الحكومات الاسرائيلية المتطرفة المنبثقة عن جماعات الشترن و كاهان الارهابيتين والتي تعاقبت على السلطة في اسرائيل تدرك جيدا ذلك وهي التي راهنت على اختراق المشهد الاعلامي العربي و فرض حضور لا مراسليها فحسب و لكن ايضا جنرالاتها وقياداتها العسكرية واستخباراتها للترويج للرواية الاسرائلية الزائفة وأبرز مثال على ذلك ما توفره قناة الجزيرة التي عملت لفائدتها الشهيدة التي استهدفها قناص اسرائيلي في وضح النهار برصاصة في الرأس غيبتها عن المشهد الاعلامي و لكن دون ان تتمكن من تغييبها كلما تعلق الامر بكشف سجل الاحتلال و كل الجرائم الموثقة في حق ضحاياه على مدى أكثر من سبعة عقود من النكبة بما يعني أن المعركة ليست قريبة من نهايتها بل لعلها لا تزال في حلقاتها الاولى , والارجح أن تداعيات الجريمة الموثقة في حق شيرين ابو عاقلة التي دخلت كل البيوت دون استئذان ستكون اعمق واخطر مما توقعته سلطات الاحتلال التي تقف وراء تحريك الاصابع التي وجهت الرصاصة الى رأس الشهيدة ,و قد رأي العالم محكمة الشارع الرافض لهذا الاعدام المباشر تنتفض و تدين و تستنكر الجريمة التي ترقى الى جريمة حرب .. لم تكن الصورة بحاجة لقراءة أو تاويل مشهد قوات الاحتلال الهمجية و هي تستهدف الشباب الفلسطينين الذين كانوا يحملون نعش شيرين ابو عاقلة الى مثواه الاخير بعد ثلاث جنائز من جنين الى بيت لحم و القدس كانت ابلغ من كل البيانات و من كل الادانات و التقاريرالتي استنكرت عنصرية و عنهجية الاحتلال و محاولات اسقاط التابوت و كأن جسد صاحبته التي أزعجتهم في حياتها لا تزال تحرجهم في موتها بعد استهدافها في الرأس من قناص اسرائيلي استجاب لدعوة رئيس حكومته بينيت قبل أيام بأن استهداف الفلسطينيين مسألة مفروغ منها …
صحيح ان التجربة علمتنا عدم الانسياق وراء الوعود الداعية الى فتح تحقيق دولي ومحاكمة الجناة ففي اغلب الاحيان تكون مثل هذه الدعوات اشارة على غلق الملفات الكبرى, ووضعها في الرفوف ثم انه لا يجب ان نتجاهل وان اسرائيل تراهن على تغييب الجريمة من الذاكرة الفلسطينية والعربية في ظل التحديات والازمات والمعاناة اليومية للفلسطينين تحت الاحتلال كما انها تراهن على أن تدفع تطورات الاحداث و تعقيدات الحرب في اوكرانيا على تحويل الانظار الى ما يمكن ان تفرضه الحرب بالوكالة التي تقودها اوكرانيا نيابة عن الحليف الامريكي من مفاجات ..
لا خلاف اليوم أن نعش شيرين وما رافقه من اعتداءات مشينة على حرمة الموتى باتت تخنق انفاس المجتمع الدولي الذي بات محرجا أمام تواتر جرائم الاحتلال …ولعل هذا ما دفع وزير الخارجية الامريكي بلينكن للاتصال بعائلة الشهيدة معزيا معتقدا ربما انه بذلك يمكن ان يجنب الاحتلال ردود الافعال الانتقامية الغاضبة التي قد تصدرعن الفصائل الفلسطينية اوالشباب الفلسطيني الغاضب …
ناتي الى الاسباب التي تفرض عدم اسقاط جريمة اغتيال شيرين ابو عاقلة من المشهد لانها جريمة ضد الانسانية و يفترض أن تتحرك كل المنظامات الحقوقية الدولية لملاحقة الجناة فيهاو هذا السبب الاول و الاهم و أما السبب الثاني فهو يتعلق بمصادرة سلطات الاحتلال قرار محكمة العدل الدولية التي نصت على وقف أعمال بناء الجداروهدمه واعتباره غيرشرعي وتمكنت من الاستثمارفي الضعف والانقسام العربي والفلسطيني وواصلت مصادرة الأراضي وتجريفها واقتلاع الأشجار لبناء جدارالعاروعزل عشرات القرى الفلسطينية وتفريق ابنائها وسبق لسلطات الاحتلال أن اسقطت…وأما السبب الثالث فيتعلق باسقاط القرار 3379 الذي يوازي بين الصهيونية والعنصرية
حيث تمكنت اسرائيل وبدعم أمريكي، من انتزاع قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ألغت بموجبه، قرارها الصادر في اكتوبر 1975 الذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري, و ها ان تداعيات هذا الالغاء تمنح الاحتلال الحصانة لمواجلة خروقاته و القفز على القوانين الدولية .. و بسبب ما سبق , و لان كل ما فيها يشبه فلسطين و لانها ظلت تحمل القضية وتتحدى قاتلها حتى وهي في تابوتها فلن يكون من المقبول ان تطوى الجريمة أو يتم تغييب الشهيدة عن المشهد لاي سبب كان .. نعم لانها تشبه فلسطين سيتعين احترام الوصية التي لم تكتبها و الانتصار لشهيدة القضية و معها لقضية شعب خذله العالم و تخلى عنه ذوي القربي قبل غيرهم …
كاتبة تونسية