الطّقس والسّيول وعوامل الترقّب والانتظار.. الشارع الأردني “أهدأ قليلاً” بانتظار جلسة ضُبطت مُسبقًا للبرلمان لكن “مُؤشّرات التحريك” وسخط أبناء العشائر مُؤهّلان للعودة.. وكيف سيتعامل نوّاب الأردن مع الميزانيّة؟
الإنتشار العربي :هدأت إلى حدٍّ بعيد ومعقول مُعطيات الحراك والتحريك في الشارع الأردني خلال الساعات القليلة الماضية بانتظار ما ستُسفر عنه نقاشات عامة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في جلسة محفوفة بالهواجس والمخاطر الثلاثاء.
وفيها يُفترض أن تقدم الحكومة الأردنية إجابات واضحة على أسئلة يتقدم بها النواب باسم الشارع هذه المرة ولها علاقة بملف أسعار المحروقات والتضخم الاقتصادي والمالي وموجة ارتفاع الأسعار التي أدت قبل أكثر من نحو ثلاثة أسابيع إلى اضرابات شملت عدة مدن في الجنوب وشملت قطاع النقل وانتهت في بعض التفاصيل والأنحاء بمواجهات في الشارع وصدامات مع قوات الدرك واعتداءات على سيارات وشاحنات وحافلات خاصة ولاحقا لمسار الاحداث سقط شهيد من الامن العام ثم سقط ثلاثة شهداء في عملية مداهمة شهيرة لا تزال تفاصيلها غامضة مع خلية تخريبية.
ويبدو أن الهدوء مشوب بالحذر في هذه الايام على مستوى إما مجالسات العشائر التي تحمل رؤية نقدية حادة تجاه الحكومة والسلطات والمنهجية العامة او على صعيد نقاشات دور العزاء حيث ارتفع سقف الهتاف في بعض التجمعات في مدينتي الكرك ومعان وحيث الهدوء لا يمكن اعتباره تفويض لبقاء الأمور في سياقها الناعم حتى الان خصوصا وأن الجميع انشغل بالعاصفة الشتوية والمطرية والسيول التي اجتاحت البلاد خلال اليومين الماضيين.
لكن مُسبّبات واحتياجات ومبررات الحراك والتحريك الاجتماعي لا تزال موجودة ومتاحة ويمكن للإضرابات وحالات العصيان خصوصا في مدن الجنوب ان تعود وتتصدر المشهد إذا لم تقدم الحكومة خطة محكمة وسريعة قوامها الالتزام بما سبق أن أعلنته عن خفض أسعار المحروقات نهاية الشهر الجاري.
وهو أمر قد لا يكفي بعد سقوط شهداء من الامن العام في تبريد الرؤوس الساخنة اوالحامية أو في إعادة إنتاج وضبط إيقاع النقاشات الحادة التي تشهدها البلاد خصوصا بعد ظهور وبروز حراك عشائري ناقد لا بل ساخط على الحكومة والسلطات الرسمية على اكثر من صعيد وفي عمق الطبقة العشائرية التي حسبت طوال الوقت على الصف الموالي للدولة.
والهدوء في هذه الحالة لا يعني عمليا الكثير لان نسبة التضخم تزيد والقوة الشرائية للدينار تتراجع واحتمالات العودة لتصعيد الحراك واردة جدا والحكومة تقر علنا انها لا تستطيع تخفيض الضرائب على المحروقات ولا تملك ترف أن تبقى الخزينة في حالة دعم وإسناد لأسعار المحروقات.
ويبدو أن جلسة النواب الثلاثاء تمهد عمليا لنقاشات مشروع الميزانية المالية المدرج منذ ثلاثة أسابيع بين يدي الامانة العامة لمجلس النواب حيث ينتظر أو يفترض بموجب الاستحقاق الزمني الدستوري ان يتقدم وزير المالية محمد العسعس لعرض حيثيات وبيانات ميزانيته والتصويت في مناخ مضاد للحكومة بين النواب ضد الميزانية قد لا يكون أمرا واردا أو من الأمور التي يمكن أن يسمح بها ببساطة.
لكن عدم مرور الميزانية أو تأخيرها خطوة مؤذية جدا سياسيا ودستوريا للسلطة التنفيذية أي للحكومة وتؤشر على أن مزاجا للنواب لا يزال في إطار مناكفة الحكومة ولا يتفهم خططها المالية والاقتصادية وأي تأخير أو إعاقة مشروع الميزانية المالية يمكنه ان يفسر باعتباره حجب للثقة عن تلك الميزانية.
وبالتالي عن الحكومة الحالية لكن الحكومة استعدت من جهتها جيدا لمواجهة تساؤلات النواب وتم الاتفاق خلف الستارة والكواليس على أن لا تُعقد جلسة الثلاثاء إلا بعد إجراء مُفاوضات واتصالات ومُشاورات مع اللجان والكتل وهو ملف تم ترتيبه ما لم تحصل مفاجات لكن على جبهة الشارع وما دامت الحراكات والإضرابات المعلنة وغير المعلنة على المستوى الشعبي والشعبوي فقط بعيدا عن الأحزاب السياسية وأهمها حزب الحركة الإسلامية ستبقى في إطار السيطرة والتحكم وارتفعت وإن ارتفعت وتيرة الغضب والاحتقان وفي بعض المجالس العشائرية النقد وتم التعبير عن ذلك بعدّة صور سواء في دور العزاء التي أُقيمت لشهداء من العناصر الأمنية أو حتى في الاجتماعات التي نظمت في مدينة معان دفاعا عن رئيس البلدية الأسبق المعتقل الآن ماجد الشراري أو حتى على صعيد تلك المجالسات التي يُصِر على إقامتها عضو مجلس النواب المناكف محمد عناد الفايز.
باختصار المناخ أكثر هدوء بصفة عامّة والطقس حاد البرودة والمطر غزير في الحالة الأردنية لكن الحرارة يُمكنها أن تعود للشارع تحت وطأة ملف الأسعار في أقرب فرصة ممكنة.