الزعيم الفلسطيني الذي نجا من موت فلسطين
واشنطن – سعيد عريقات
نشرت مجلة “فورين بولسي” الأميركية المختصة بشؤون السياسة الأميركية يوم الثلاثاء مقالا مطولا كتبه كاتبان هم، آدم راسغون، وهو أحد محرري “مجلة نيويروكار”، وآرون بوكسارمان، أحد مراسلي صحيفة نيويورك تايمز، تحت “الزعيم الفلسطيني الذ نجا من موت فلسطين، يصفان فيه “دخول السياسي الفلسطيني حسين الشيخ غرفة اجتماعات محصنة في المقر الشاهق لوزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب في شباط 2022، الحرم الداخلي للجيش الإسرائيلي الذي دخله عدد قليل من الفلسطينيين، ولكن، كما يتذكر الشيخ، استقبله كبار ضباط الجيش وقيادة جهاز المخابرات السرية “الشاباك”.
ويشير المقال إلى أن حسين الشيخ يعمل كوسيط رئيسي للسلطة الفلسطينية مع إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة، وإنه يتحدث العبرية بطلاقة، و”يرتدي البدلات المصممة بدقة، ويحث على التعاون مع إسرائيل وليس التصادم معها، والذي كان ذات يوم ناشط (فلسطيني) مراهق سجنته إسرائيل، يعمل الآن خلف الكواليس لمنع انهيار السلطة الفلسطينية، بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.”
وبحسب الكاتبين “يُعجب سماسرة القوة الإسرائيليون بالشيخ باعتباره شريكًا براغماتيًا يتمتع بقدرة خارقة على إيجاد أرضية مشتركة” ناسبان إلى مسؤول أمني إسرائيلي كبير متقاعد طلب عدم ذكر اسمه بسبب دوره المستمر في المخابرات الإسرائيلية كجندي احتياطي قوله: “إنه رجلنا في رام الله” ومع ذلك، يجادل العديد من الفلسطينيين بأن مقاربته لم تؤد إلا إلى تعزيز الوضع الراهن للصراع – احتلال عسكري لا نهاية له على ما يبدو في عقده السادس”.
ويذكر الكاتبان أن الشيخ “روى أثناء جلوسه مع جنرالات إسرائيل زيارة عاطفية مع جدته إلى أنقاض مسقط رأسهم دير طريف في وسط إسرائيل. لقد رصدت مجموعة من أشجار البرتقال كانت قد زرعتها قبل اقتلاعها وتدمير قريتها في حرب عام 1948. قال إنها احتضنتهما وبكت”.
ويقولان “مع المفاوضات لإنهاء الحكم الإسرائيلي على الفلسطينيين الذي يحتضر منذ فترة طويلة، قال شيخ للجنرالات إنه حتى وجد نفسه ينظر في المرآة، متسائلاً عما إذا كان يرتكب خطأ بمواصلة التعاون مع إسرائيل. “إذا لم يكن هناك شريك في الجانب الإسرائيلي يؤمن بالسلام ودولتين لشعبين، فهل أخون دموع جدتي؟” قال لهم الشيخ، متسائلا “هل يمكنك أن تتخيل ما يشعر به الفلسطيني العادي الذي يعيش في مخيم للاجئين؟”.
ويشير المقال إلى أنه “بعد ثلاثة عقود من قيام محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية بإنشاء السلطة الفلسطينية، لم يعد العديد من الفلسطينيين يعتقدون أنها ستصبح دولة مستقلة، حيث لا تنوي إسرائيل التي تزداد انحرافا نحو اليمين، إنهاء احتلالها في المستقبل المنظور، خاصة في ضوء انسحاب انخراط المجتمع الدولي (في الوساطة لإنهاء الاحتلال)، ولا يزال الفلسطينيون منقسمون بين حركة فتح العلمانية التي يتزعمها عباس والتي تسيطر على الضفة الغربية وحركة حماس الإسلامية التي تحكم قطاع غزة “.
ويشير المقال إلى أنه “بالنسبة للكثيرين، الشيخ هو الرجل الذي يقوم بهذا العمل القذر. إنه وجه النخبة في السلطة الفلسطينية، الذي يعاني مما وصفه مسؤول فلسطيني سابق يعيش في الضفة الغربية بأنه “احتلال لمصلحة كبار الشخصيات”. يلوح مسؤولون فلسطينيون كبار عبر حواجز الطرق الإسرائيلية ويتقاضون رواتب ضخمة تمول الفيلات المحاطة بأشجار النخيل في مدينة أريحا الصحراوية والمغامرات الباهظة في أوروبا، ويحتفل أولادهم في حيفا ويافا، المدن الإسرائيلية التي يمنع معظم الفلسطينيون من الوصول إليها”.
ينسب المقال إلى المحامي المقيم في رام الله غاندي الربيع، قوله : “النخبة الفلسطينية هي المستفيد الحقيقي من عملية السلام.
وعن معركة خلافة عباس البالغ من العمر 87 عامًا لديها يدعي المقال أن هناك العديد من المتنافسين، لا أحد منهم يحظى بأفضلية أوتوماتيكية، “لكن الشيخ لديه فرصة ليصبح الزعيم المقبل للسلطة الفلسطينية، على الرغم من عدم شعبيته، وذلك بفضل علاقاته الوثيقة مع إسرائيل والولايات المتحدة.”
وتقر المجلة أنه على مدى تسعة أشهر، “أجرت فورين بوليسي مقابلات مع 75 فلسطينيًا وإسرائيليًا وأميركيًا وأوروبيًا، بما في ذلك مسؤولين ودبلوماسيين ورجال أعمال ومدافعين عن الحقوق، رسموا صورة لصعود الشيخ إلى أعلى مراتب صنع القرار الفلسطيني.”
و”في مقابلة نادرة استمرت ساعتين في مكتبه على السطح في رام الله، أقر الشيخ بالفجوة بين القيادة الفلسطينية والجمهور وقال: السلطة غير قادرة على توفير أفق سياسي للشعب؛ وقال إن السلطة غير قادرة على حل مشاكل الشعب المالية والاقتصادية من الاحتلال”ولكن ما هو البديل للسلطة الفلسطينية؟! الفوضى والعنف”.
ويقارن المسؤولون الأميركيون الشيخ بشكل إيجابي مع السياسيين الفلسطينيين الآخرين، الذين يصفونهم بالعناد والروح الطويلة، وأنه “خلال اجتماعه الأخير مع الرئيس الأميركي جو بايدن، بحسب أحد كبار مسؤولي الإدارة، والذي لم يكن مخولًا للحديث عن الاجتماع، استمر عباس بالحديث لمدة 25 دقيقة قبل أن يترك بايدن ينطق بكلمة واحدة. وقال دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون (آخرون) إن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية غالبًا ما يُخضع الشخصيات الزائرة لمحاضرات مدتها 40 دقيقة حول التاريخ والقانون الدولي. أما بالنسبة للشيخ، فقال: “عندما تدخل غرفة معه، يمكنك أن تقول إنه حريص حقًا على الحلول” فيما وصفه دبلوماسيا أوروبيا في المنطقة بأنه “مُصلح يريد حل المشكلات، وليس التنظير بشأنها.”
لكنه قال: “لكن مستوى شعبيته لدى الشعب الفلسطيني مثل ما كان مستوى شعبية شاه إيران في شهر كانون الثاني عام 1979″، في إشارة إلى الزعيم الإيراني الفاسد والسلطوي قبل الثورة التي أتت بآية الله روح الله الخميني إلى السلطة.
يقول المقال : “تتبع قصة حياة الشيخ مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية التي استمرت عقودًا نحو المأزق الحالي، حيث كان في السابعة من عمره عندما احتلت إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، وسجن في سن 17، وأفرج عنه مع انتفاضة شعبية اجتاحت الضفة الغربية في أواخر الثمانينيات”، وأنه “بعد تأسيس السلطة الفلسطينية في تسعينيات القرن الماضي، ترقى الشيخ ببطء في صفوفها، وخدم في قوات الأمن الفلسطينية الناشئة قبل أن يتولى منصبه الحالي كرئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية في عام 2007، وتتولى وزارته العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك التصاريح الإسرائيلية التي تسمح للفلسطينيين بالالتفاف على القيود المفروضة على حركتهم”.
وتدعي المجلة إن “رحلته من ناشط في الشارع يرتدي سترة جلدية إلى مسؤول مكروه توازي فجوة متزايدة الاتساع بين الحكومة الفلسطينية وشعبها، الذي لم يعد يعتقد أن قادته سيحررونهم من الاحتلال، ناهيك عن بناء دولة ديمقراطية”.
كما يدعي المقال أن الشيخ يعمل بشكل وثيق مع إسرائيل لمنع الهجمات الفلسطينية على الإسرائيليين، ويتفاوض مع المسؤولين الإسرائيليين لتحديث البنية التحتية الفلسطينية القديمة، و “يقول الزعيم البالغ من العمر 62 عامًا إنه من الضروري الحفاظ على أمل بعيد المنال بشكل متزايد في أن يحصل الفلسطينيون على الحرية يومًا ما” مشددا أنه “نحن بحاجة إلى تضييق الفجوة الواسعة بيننا”، مقارنًا أسلوبه في الاستيلاء على تفاحة واحدة بدلاً من حزمة من أربع تفاحات لا يمكن الوصول إليها، لذا، مهما كان الإنجاز صغيرًا، فهو مهم”.
وبحسب المقال، “يقع الهيكل الهش للسلطة الفلسطينية على أكتاف (الرئيس الفلسطيني) عباس، الذي انتخب لأول مرة لولاية مدتها أربع سنوات في عام 2005 ويحكم الآن بأمر استبدادي. لكن الشيخ لم يخف رغبته في خلافة عباس مما أثار حفيظة المعارضين الذين يتهمونه بالتصرف وكأنه أصبح رئيسا بالفعل؛ لقد عزز وجوده على الإنترنت وحول نفسه إلى الوجه العام للسلطة الفلسطينية، يتنقل في رام الله في سيارة مرسيدس بنز محاطة بحراسة أمنية كبيرة.”
لكن قلة منهم يقولون إنه يمكن اعتباره قائداً شرعياً، بحسب المقال، و”مثل الآخرين في الدائرة المقربة من عباس، بدأ الشيخ كجزء من الشعب لكنه أصبح معزولاً تمامًا، و بحسب “تامر هايمان، الذي قاد المخابرات العسكرية الإسرائيلية حتى عام 2021، “بات (الشيخ) يمثل بالنسبة لأجزاء كبيرة من الجمهور الفلسطيني كل ما حدث بشكل خاطئ مع السلطة الفلسطينية: لا يعرف ماذا يجري عند الفلسطينيين؛، وفاسد، ومرتبط بإسرائيل” .
وتنسب المجلة للدبلوماسي الفلسطيني السابق محمد عودة وصف الشيخ ب” كرزاي فلسطين”، في إشارة إلى الرئيس الأفغاني الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة في الفترة من 2002 إلى 2014.
ويدعي المقال أنه “خلال لقائه في شباط 2022 مع الجنرالات الإسرائيليين، قال الشيخ إن قرار التحرك نحو مستقبل أفضل يقع في أيديهم، وهو اعتراف صارخ بفارق القوة الهائل بين قادة الأمن الحائزين على الأوسمة والسلطة الفلسطينية، وهو اعتراف كان الشيخ يعمل فيه لسنوات، لكنه كان أيضًا رفضًا للنظر في ما يمكن أن يفعله القادة الفلسطينيون لتغيير حاضر شعبهم المؤلم؛ في نهاية المطاف، جلبت السلطة للفلسطينيين بعض التنازلات الصغيرة – لكن لم يكن قريبًا من الاستقلال”.
ويقول الكاتبان :”قضى الشيخ طفولته في منزل من الطبقة الوسطى في الضفة الغربية لا يعرفها الفلسطينيون اليوم. لم تكن هناك مستوطنات إسرائيلية تقريبًا في السنوات الأولى بعد الاحتلال، ولم يكن هناك سفراء ووزراء فلسطينيون يرتدون بدلات رسمية ويحملون وسما مميزا مزخرفا للسلطة الفلسطينية التي ولدت ميتًة، ولا يوجد جدار فاصل رمادي يتلوى فوق التلال الوعرة”.
“لعقود بعد عام 1967، حكمت إسرائيل المنطقة بشكل مباشر. ترأس الحكام العسكريون الإسرائيليون المدن الفلسطينية، وتولوا مسؤولية الحفاظ على نظافة الشوارع وإدارة المستشفيات. فتح فلسطينيون حسابات في بنوك إسرائيلية في خان يونس ونابلس. كان القلب النابض للنضال الفلسطيني في الخارج – في الأردن ولبنان وفي أي مكان ما عدا فلسطين”، وينظر بعض الفلسطينيون إلى تلك الأيام بحنين إلى الماضي، حيث كان من الممكن للمرء ركوب سيارة والقيادة من غزة إلى الحدود مع لبنان دون التوقف عند نقطة تفتيش، كما يتذكر الكثيرون، أو السفر بسهولة من مطار إسرائيل… اليوم، هذه الامتيازات البسيطة باتت بعيدة المنال بالنسبة لمعظم الفلسطينيين”.
“رام الله، التي تضخمت الآن بسبب تدفق المساعدات الدولية إلى السلطة الفلسطينية، كانت لا تزال مجموعة متواضعة من المنازل والشركات عندما كان الشيخ طفلاً، وكان والده، شحادة، يدير متجرًا لبيع المواد الغذائية بالجملة مدسوسًا في سفوح التلال بالقرب من الكنائس في البلدة القديمة. عائلته الكبيرة الممتدة (عائلة طريفي Tarifis – ) لها تاريخ من العلاقات الوثيقة مع الإسرائيليين، وقد استفاد قريبه جميل، وهو رجل أعمال ثري يمتلك محاجر، من علاقته مع المسؤولين الإسرائيليين للحصول على تصاريح وامتيازات للفلسطينيين الذين يعرفهم؛ بمعنى آخر، ورث الشيخ عمل العائلة: التنسيق بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينيين”.
لكن حسين الشيخ انضم أولاً إلى النضال ضد الحكم الإسرائيلي في سن المراهقة. في عام 1978، حُكم عليه بالسجن 11 عامًا بعد أن انضم إلى خلية متورطة في هجمات ضد إسرائيليين، رغم أنه قال إنه لم يرتكب أعمال عنف. (يدعي الجيش الإسرائيلي إنه فقد سجلات محاكمة حسين الشيخ) . وروى لاحقًا للمسؤولين الإسرائيليين الزائرين كيف أن عقوبته حطمت قلب والده.
ويشير المقال إلى أنه “ألهمت رتابة الحياة في السجن الشيخ لتثقيف نفسه عن إسرائيل. كان يقضي ساعات يوميًا في قراءة الكتب والصحف باللغة العبرية ويتدرب على التحدث مع الحراس، وفي النهاية أصبح يتكلم بطلاقة. (أثناء مقابلتنا، تحدث شيخ باللغة العربية بشكل أساسي، لكنه بدا في أقصى درجات تعبيره عند مشاركة القصص باللغة العبرية) وقام لاحقًا بتدريس اللغة العبرية لسجناء آخرين”.
وقال: “لم أكن أعرف شيئًا عن إسرائيل”. كنت أرى جنودًا إسرائيليين في بلدتي، بالقرب من باب منزلي. لكن ما هي إسرائيل؟ لقد درست كل ذلك في السجن”.
“ولم يكن الشيخ زعيمًا بارزًا بين السجناء الفلسطينيين، الذين قادوا الإضراب عن الطعام والاحتجاجات أثناء وجودهم خلف القضبان، على حد قول زملائه السجناء. لكن اندفاعه لخلق اسما لنفسه في السياسة الفلسطينية كان واضحا. حسين لديه فكرة أن الشخص غير الطموح يموت، وأن الموتى فقط ليس لديهم أهداف”.
بحلول الوقت الذي غادر فيه الشيخ السجن، كانت الانتفاضة الأولى على قدم وساق. بعد بضع سنوات، تفاوضت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقيات أوسلو، التي شهدت انسحاب إسرائيل من بعض أجزاء الضفة الغربية وغزة وتسليم بعض المسؤولية للسلطة الفلسطينية المنشأة حديثًا. بدأت الهيئة شبه المستقلة في الإشراف على الخدمات الأساسية للفلسطينيين مثل التعليم والرعاية الصحية. لكنها كانت محصورة إلى حد كبير في المدن الفلسطينية، وظلت معظم الضفة الغربية وقطاع غزة تحت السيطرة الإسرائيلية المباشرة.
“أمضى الشيخ بضع سنوات يبحث عن مكانه في النظام الجديد الذي أوجده التقارب بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد أمضى فترات برتبة عقيد في جهاز استخبارات معروف باجتثاث المعارضين مثل حماس والشرطة. وانتهى به الأمر في النهاية إلى كونه ناشطًا ثانويًا في الكوادر القاعدية لفتح” ولكن “طلاقة الشيخ في اللغة العبرية منحته ميزة في بناء علاقات وثيقة مع المسؤولين الإسرائيليين؛ كضابط شاب في قوى الأمن بين عامي 1994 و 1997، قام الشيخ بالترجمة بين المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين في اجتماعات مشتركة، وفي خطوة لم يكن من الممكن تصورها بعد ما يقرب من 30 عامًا، حتى أنه ذهب إلى مدرسة ثانوية إسرائيلية في ضاحية رمات هشارون الثرية في تل أبيب لإلقاء محاضرة على المراهقين الإسرائيليين حول التعاون الإسرائيلي الفلسطيني وإمكانية السلام.”
قال يوني فيغيل، الحاكم العسكري السابق لرام الله، الذي كان يدرّس في المدرسة وهو الذي دعا الشيخ: “لقد طرحها عليهم بلغة عبرية ممتازة”.
ويسلط المقال الضوء على أنه ” لم تدم أيام أوسلو السعيدة إلى حد ما، حيث أعقب انهيار محادثات السلام في كامب ديفيد عام 2000 احتجاجات في المسجد الأقصى. سرعان ما اندلعت الاشتباكات في جميع أنحاء إسرائيل والضفة الغربية وغزة، مما مهد الطريق لعنف الانتفاضة الثانية، لكن حتى مسؤولي الأمن الإسرائيليين يتفقون على أن الشيخ تجنب المشاركة، وقال شالوم بن حنان الضابط المتقاعد في الشاباك “كان حسين (الشيخ) في قيادة فتح وقام بكل أنواع الهراء لكنه لم يكن مقاتلا أو قائدا على الأرض” بحسب شالوم بن حنان.
ولقد “حطمت الانتفاضة الثانية عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، التي لم تتعافى بالكامل، وشجعت الجناح اليميني المتشدد في إسرائيل ؛ لقد مكن هذا المأزق مسؤولين مثل الشيخ، الذين تنحصر مهمتهم في التصاريح أكثر من محادثات السلام، وبحلول عام 2017، أصبح الشيخ حارس بوابة عباس، إلى جانب رئيس المخابرات ماجد فرج، وشكل هذا الثنائي ما يسميه بعض المسؤولون الفلسطينيون دائرة مغلقة حول عباس، الذي أصبح غير متسامح مع أي نقد”.
ويقول مسؤولون في مكتب عباس إن الشيخ يجلس بجانب الرئيس في رحلاته، ويدون ملاحظاته في دفتر صغير عما يقوله له، ثم يعيد تأكيدها فيما بعد في اجتماعات مع شخصيات أجنبية كما “أصبح مقربا من أفراد عائلة عباس، حيث ظهر في صورة مع حفيد الرئيس في شهر آب الماضي الذي وصفه بأنه “زعيم وطني”.
وينسب المقال إلى ناصر القدوة، العضو السابق في قيادة فتح والذي تحول إلى ناقد لعباس، قوله عن أن الشيخ “لديه قدرة خاصة على مسح الجوخ، والكذب، والهراء… ودائما لإقناع أبو مازن بأنه رب أعلى وأن ما تقوله نقاط رائعة، سيدي الرئيس”.
وبحسب المقال، “قال محللون فلسطينيون إن عباس مكّن الشيخ من الصعود لأنه يفضل المستشارين غير القادرين على تحدي سلطته. وقال القدوة إن الرئيس يمكن أن يتخلص منه بسهولة إذا لم يكن محبوبًا، وإذا غير أبو مازن موقفه غدا، سينتهي الشيخ”.
“في شهر كانون الأول الماضي، سُمع الشيخ وهو يوبخ عباس بعبارات نابية، في تسجيل تم تسريبه إلى وسائل الإعلام الفلسطينية وكان اختيار تسريب الشريط مؤشرا معبرا على أن خصوم الشيخ يعتبرون عباس مصدر قوته الرئيسي. وتنكر الشيخ الأشرطة ووصفها بأنها تلفيقات تهدف إلى النيل من الوحدة الوطنية”.
“وبغض النظر عن العلاقات الشخصية، يشترك عباس والشيخ في الالتزام بحل تفاوضي مع إسرائيل والشك في خصومهم من حماس، الذين انتزعوا السيطرة على غزة في انقلاب عام 2007. وقال مسؤول بارز في إدارة بايدن، في اجتماع عقده عام 2017 مع مسؤولين أميركيين، إن الشيخ صرح بأن المضي قدما في اتفاق للمصالحة بين فتح وحماس سينتهي بتحليق صواريخ الجماعة الإسلامية (حماس) فوق رأسه، (رأس السلطة الفلسطينية)”.
وتنسب المجلة لحسين الشيخ قوله للمجلة (فورين بوليسي) “أنا مؤمن تماما بخطة ونهج أبو مازن، وهو يثق بي، وأنا أشكره على هذه الثقة”.
“وحتى يومنا هذا، يكرر الشيخ معارضته للهجمات على الإسرائيليين، والتي يقول إنها تصب في مصلحة إسرائيل. ويقول: أنا مع مقاومة الاحتلال. أنا أعارض تماما إيذاء المدنيين أنا أؤيد مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وما زلت أؤمن بذلك، ولكن كيف؟”
وينسب المقال إلى نيكولاي ملادينوف، كبير مبعوثي الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط السابق، قوله إن الشيخ يعمل في “حالة انفصام الشخصية” بينما “يجلس على حافة السكين ويحاول العمل في جميع العوالم في نفس الوقت …عليك أن تقدم خدمات إلى شعبك، وأنت تعلم جيدًا أن الناس سوف يعارضونك لأنك لا تأخذهم نحو حل الدولتين الذي وعدتهم به منذ فترة طويلة”.
المصدر:
The Palestinian Leader Who Survived the Death of Palestine
July 31, 2023